العدد 942 - الإثنين 04 أبريل 2005م الموافق 24 صفر 1426هـ

لبنان آخر

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

هل تختلط الأوراق اللبنانية وتتداخل مطالب المعارضة بمطالب الموالاة؟ المسألة ليست مستبعدة في حال أتمت سورية سحب قواتها ومخابراتها في نهاية أبريل/ نيسان الجاري كما وعدت بذلك الموفد الدولي تيري رود لارسن. فالانسحاب السوري في نهاية الشهر الجاري يعني إحداث فجوات أمنية في الكثير من المناطق اللبنانية، ويعني أيضا توليد أجواء سياسية ليست بالضرورة متوافقة مع الحال الذي كانت عليه توازنات القوى المحلية في الفترات السابقة. هذا التحول المتوقع ليس فرضية سياسية وإنما هو احتمال واقعي له صلة بالمشروع "القرار" الدولي .1559 فالقرار يتألف من ثلاث فقرات متسلسلة، الأولى تتعلق بالوجود السوري الذي مضى عليه قرابة 30 سنة. والثانية تتعلق بحزب الله وسلاحه. والثالثة بسلاح المخيمات الفلسطينية. وهذا يعني أن الضغط الدولي على لبنان سيستمر حتى بعد انسحاب سورية، وسيتركز الضغط على الدولة والمعارضة والموالاة لتنفيذ ما تبقى من فقرات تتعلق بالقرار، مضافا إليها عناصر استجدت بعد جريمة اغتيال الرئيس الحريري ونجم عنها صدور تقرير "لجنة تقصي الحقائق" وتشكيل "لجنة تحقيق دولية". كذلك يضاف إلى القرار احتمال إرسال مجلس الأمن لجنة تحقق أو متابعة للتأكد من صحة انسحاب القوات السورية ومخابراتها من لبنان. المسألة إذا كبيرة وما يقال عن مخاوف لتدويل قضايا لبنان أصبحت في الإطار العملي مدولة قانونيا. فالانسحاب السوري، وسلاح حزب الله، والمخيمات الفلسطينية، وجريمة الاغتيال، ومتابعة الانسحاب، وتبعات التحقيق كلها مجموعة نقاط تم تدويلها، ومعارضتها يعني عمليا وضع لبنان ومجموعاته السياسية في مواجهة مع ما يسمى "الشرعية الدولية". سورية من جانبها برأت ساحتها والتزمت من جهتها بتلك الفقرة المتعلقة بها في القرار ،1559 وتركت للدولة اللبنانية أو الأحزاب والقوى المحلية التكفل بما تبقى من فقرات. فسورية في هذا المعنى انسحبت سياسيا من مسئولية تداعيات القرار الدولي، وباتت تقدم نفسها بصفتها دولة عربية غير مسئولة عن مواقف الأطراف اللبنانية الرسمية أو الشعبية. الكرة الدولية إذا ستكون في الملعب اللبناني وسيزداد الضغط بعد استكمال سورية سحب قواتها نهائيا في نهاية أبريل/ نيسان الجاري. وبدءا من مايو/ أيار يصبح لبنان في المنظار الدولي هو المسئول عن أفعاله وقراراته، وتتحمل دولته وقواه السياسية المحلية نتائج كل خطوة أو حركة دبلوماسية. وفي هذا المعنى كيف ستتصرف الدولة اللبنانية حيال تلك الفقرات المتبقية وما أضيف إليها من مستجدات بعد جريمة الاغتيال؟ هناك مجموعة توقعات. إما أن يتصرف لبنان كما تصرفت الدولة السورية مع الفقرة الأولى، أي يبدي استعداده للتعاون لتنفيذ ما تبقى من فقرات تتعلق بالقرار، أو يرفض التعاون ويضع نفسه في مواجهة مع الشرعية الدولية، أو أنه سيطلب دعما دوليا لمساعدته لوجستيا وميدانيا على تنفيذ تلك القرارات، أو أنه سيضطر إلى طلب التعاون مع الجهات المعنية بالأمر "فقرات القرار" لتسهيل تحركاته من نوع إرسال الجيش إلى الجنوب ودخول المخيمات وضبط أمنها الداخلي والتفاهم مع حزب الله على صيغة معقولة تضمن حقوقه السياسية ومستقبله في المشاركة في بناء الدولة الجديدة. كل هذه الاحتمالات ليست بسيطة. لأن ترجيح هذا التوقع على ذاك يعني وجود سلسلة تحالفات سياسية بين القوى الفاعلة ميدانيا على الأرض. وبهذا المعنى فإن هناك الكثير من التحولات السياسية ستحصل من الآن إلى نهاية الانسحاب السوري من لبنان. فالمعارضة لن تبقى على حالها كما هي عليه الآن، وتلاوينها بدأت تظهر حتى قبل استكمال سورية سحب قواتها. والموالاة لن تبقى على حالها، وتلاوينها بدأت تظهر من جهات أخذت تعيد النظر في حساباتها المحلية بعد انسحاب سورية مؤقتا من المعادلة الداخلية. والدولة لن تبقى على مواقفها الظاهرة حتى الآن، فهي ستضطر إلى أخذ التحولات الجارية في الاعتبار وربما ستعمد إلى إعادة رسم سياستها بناء على تلك الوقائع الجديدة التي يتوقع لها أن تظهر بقوة بعد الانتخابات النيابية. لبنان آخر بدأت ملامحه تتشكل منذ الآن، وبقدر ما تنسحب سورية فإن عناصر التدويل ستتزايد، وهذا يعني أن هناك خلطة جديدة لتحالفات القوى السياسية سترسم صورة مختلفة لوجه لبناني جديد

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 942 - الإثنين 04 أبريل 2005م الموافق 24 صفر 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً