العدد 942 - الإثنين 04 أبريل 2005م الموافق 24 صفر 1426هـ

السياسي العاطفي لا يمكن أن يكون إنسانا فعالا

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

لا أشك ان الله زرع في رأس العربي عقلا وعاطفة كما زرع في رؤوس الشعوب الأخرى، ولكن الفارق ان العربي عرف بالعاطفة. .. على طريقة أنت مملوء بالعاطفة إذا انت موجود. يحلل واقعه السياسي بالدموع على رغم قناعة حتى العقلاء بأن الانسان العاطفي لا يمكن أن يكون انسانا فعالا "العاطفة لصوغ القوافي، وليست لرسم الخطط ووضع الدراسات". المظاهرات التي تخرج في العالم العربي ضد "إسرائيل" لو احصيناها منذ 1948 إلى اليوم فهي لا توازي أية أمة في كمية العدد والنتيجة أن 98 في المئة من العرب يلاحقون "إسرائيل"، بعضهم علنا وبعضهم تحت الطاولات. ما أخذ على الرئيس جمال عبدالناصر انه زعيم وليس قائدا، والفرق بينهما ان القائد يقود الناس والزعيم احيانا تأخذه الجماهير إلى حيث تريد... قدم استقالته بعد كارثة ،67 ولكنه بعد ذلك تراجع على اثر ضغط الجمهور. أحد المفكرين العرب كتب مقالا بعد الانتكاسات العربية يقول فيه: "الخطب النارية ضد "إسرائيل" لا تغرق بارجة، والشجاعة لا تسكت صوت المدفع، واللعنات لا تصيب الطائرات فتسقطها" لهذا تتكاثر أزماتنا وقد نقع في الخطأ ذاته، ولا نغيره. عاطفة التكفير والهجرة في مصر لم تغير الواقع السياسي... عاطفة الاخوان المسلمين في سورية لم تغير الواقع... القصائد العصماء في تحليل الواقع السياسي التي كانت تطلق امام شوارب قرقوش صدام حسين لم تهزم الحلفاء... عضلة "شباب الإيمان" اتباع الحوثي لم تجلب "طيورا ابابيل" ترمي الجيش اليمني... بل ادت إلى قتل الحوثي وسقوط الجدار على اصحابه. وأكثر ما يضحكني وأنا اقرأ الكتب السياسية التحليلية التي كتبها العرب عن هجرة اليهود لفلسطين بعد وعد بلفور هو اندهاشهم من "الخيانة البريطانية"، أو صدمتهم الكبرى من تأييد أميركا لـ "إسرائيل" وانحيازها لها... هذه الدول تتعاطى من أجل مصالحها، أما نحن فنقيس هذه الدول ونحلل تكوينها النفسي وتركيبها العقلي والفكري بعاطفة قيس بن الملوح... وأكثر ما اضحكني شاب من الشباب قال لي: "شفت شلون الرئيس الفرنسي جاك شيراك عندما كان يعزي عائلة الحريري، ومدى التأثر حتى كاد يبكي"... قلت له: انا لا الغي الجانب الانساني من أي انسان، ولكن يا أخي إذا حللت الوضع اللبناني وفككت رموز التعقيدات بمفاتيح دموع شيراك فسأقول: على الدنيا العفا "والساتر الله". لا اؤمن ان كل مصيبة عربية هي من الغرب أو أميركا... هم يتورطون ولكن بعض مصائبنا من انفسنا ايضا، وما اسهل ان نسب الغرب ونرجمه كل مرة... لنحصن جبهتنا الداخلية وانفسنا وحينها لن يقدر علينا أحد. مشكلتنا اننا نغذي بعضنا بعضا بعواطف ومشاعر ممتزجة بالقصائد العصماء لهذا بقينا نراوح مكاننا. السؤال: لماذا نحن مهزومون دائما، تطور غيرنا وبقينا... هناك عدة اسباب. منها غياب الديمقراطية بمعنى عدم قناعة النظام العربي بالمنهج الديمقراطي، وشيوع الفساد المالي والإداري والبيروقراطية في غالبية المؤسسات. ومخطئ من يوهم نفسه ان الفساد ماركة مسجلة مدموغة على المؤسسات الرسمية فقط... ابدا حتى المؤسسات الاهلية ومؤسسات المجتمع المدني يوجد فيها فساد ولو بنسبة معينة. أنا أؤمن بقول مفكر فرنسي: ان الدولة المرتشية تخلق مجتمعا مرتشيا. فهل الفساد الإداري والمحسوبيات في العالم العربي مسئول عنها الغرب ايضا؟ هل الغرب قال لنا لا تبنوا مستشفيات مكان السجون؟ هل الغرب قال لنا من قتل مسلما ووضع السكين على نحره وقتله فهو في الجنة؟ هل التكفير صناعة غربية أم هي صناعة الكتاتيب والكتب التاريخية التي زرعت فيها الروايات الاسرائيلية ووضعت الدول الدكتاتورية كالأموية والعباسية فيها الكثير؟ هل الغرب وراء دعم الجهاز المخابراتي للدكتاتور الحجاج بن يوسف الثقفي؟ أنا مؤمن ان "إسرائيل" صناعة غربية للتآمر علينا، ولكن ما اريد ان اركز عليه هو ان جزءا من فسادنا... جزء من تناحرنا... جزء من تكفيرنا جاء من قبل ايدينا أيضا... خطاباتنا التثقيفية ضد بعضنا بعضا كمسلمين ملغمة ومفخخة. وشوقي يقول: واذا اصيب القوم في اخلاقهم فأقم عليهم مأتما وعويلا ربينا أبناءنا على احتكار الحقيقة وكراهية كل آخر طيلة 50 عاما، وها نحن نحصد الثمار. عندما استبدلنا ثقافة الحياة بثقافة الموت ها هم ابناؤنا يقومون بنسف كل شيء إلى درجة اصبح فيها تفخيخ بعضنا بعضا لقتل المسلمين طريقا يوصلنا إلى الجنة. نحن نحتاج إلى إعادة قراءة للثقافة التي نقدمها إلى الناس سواء أكنا حكومات أو حركات. ولنسأل انفسنا لماذا لا توجد حروب بين الدولة الغربية ضد بعضها بعضا؟ لماذا المانيا المزدهرة اليوم كانت قبل 60 عاما خرائب وانقاضا؟ لماذا فرنسا اليوم تختلف عن فرنسا التي اكتسحها الغزاة؟ لماذا اليابان المدمرة تغيرت؟ لماذا ماليزيا تغيرت؟ لماذا سنغافورة تغيرت؟ أين اليابان وأين مصر؟ أين ماليزيا وأين الخليج؟ أين سنغافورة وأين العراق؟

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 942 - الإثنين 04 أبريل 2005م الموافق 24 صفر 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً