العدد 957 - الثلثاء 19 أبريل 2005م الموافق 10 ربيع الاول 1426هـ

تفاقم الصراعات الطائفية في الخليج

يوسف البنخليل comments [at] alwasatnews.com

الحوادث المتوالية التي تشهدها منطقة الخليج تشير إلى تفاقم الصراعات الإثنو - طائفية يوما بعد آخر، ولا يبدو أنها تشير إلى تراجع مثل هذه الصراعات. فبعد حوادث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول بدأت الصراعات بالظهور بشكل واضح في مناطق كثيرة من العالم، ومن أبرزها منطقة الخليج التي عاشت قرنا كاملا من الاستقرار الإثنو - طائفي نتيجة قدرة الأنظمة السياسية في المنطقة على القمع وفرض القوة.

من أمثلة هذه الصراعات الحوادث المتكررة في العراق، وأسلوب المحاصصة الطائفية في تقاسم المناصب والمكاسب السياسية في النظام بعد الإطاحة بنظام البعث، إلى درجة وصلت فيها في أحايين كثيرة إلى التصفية الجسدية المتبادلة. وقد يكون حادث المدائن الأخير نموذجا على نمط التفكير السائد لدى الناس في الأوقات الراهنة لتقوم وسائل الإعلام العربية والأجنبية برسم الحادث على أنه صراع سني - شيعي، ومحاولة سنية لتغيير التركيبة الديمغرافية الطائفية في المنطقة.

ولم يقتصر الأمر على العراق فحسب، بل امتد ليشمل دول مجلس التعاون الخليجي، إذ أتاحت الظروف الجديدة الحديث عن صراعات إثنو - طائفية كامنة تظهر حوادثها في أوقات متفاوتة، كما هو الحال في البحرين والكويت وأخيرا السعودية. ولا يمكن إغفال التطورات التي يشهدها اليمن بعد تمرد الطائفة الزيدية ومحاربة السلطات اليمنية - بدعم غربي - لأنصار بدر الدين الحوثي. وأخيرا جاءت الاضطرابات التي قام بها العرب في محافظة خوزستان بإيران لتكون الحلقة الأخيرة من حلقات الصراع الإثنو - طائفي في الخليج.

قد يعود ظهور هذه الصراعات إلى الحرب الأميركية لمحاربة الإرهاب التي تم تحويلها إلى حرب عالمية لاحقا. إلا أنه لا يمكن إلقاء المسئولية كاملة على الولايات المتحدة ومساعيها لإعادة صوغ منطقة الشرق الأوسط عموما، لأن هناك الكثير من العوامل والأسباب ملقاة على عاتق الأنظمة السياسية في الخليج التي لم تعمل طوال عقود طويلة على تأسيس الوحدة الوطنية، أو تشكيل الدولة القطرية بمفهوم المفكر الأنصاري. فظلت بلدان المنطقة من دون إصلاح سياسي، وعانت من تغييب المشاركة السياسية، وتهميش الفئات والطوائف كافة.

لذلك فقد جاء وقت إصلاح الأنظمة السياسية والاقتصادية في بلدان المنطقة، لأن مؤشرات الصراع الإثنو - طائفي تشير إلى تنفيذ نظرية الأميركي صموئيل هنتنجتون "صراع الحضارات"، فهناك صراع بين جملة من الحضارات في النظام الدولي، والنظام الإقليمي الخليجي جزء منه، وأصبحت المنطقة اليوم تعاني من تداعيات الصراع بشكل واضح. والمخاوف تزداد بشكل أكبر إذا أدركنا أن الظروف التي تمر بها منطقة الخليج حاليا هي ظروف مشابهة إلى حد ما للظروف التي مرت بها البلدان الأوروبية في فترة الصراعات الدينية والطائفية والعرقية قبل توقيع معاهدة ويستفاليا التاريخية في العام ،1648 إذ شهدت صراعات وتمردات إثنو - طائفية أدت في النهاية إلى تشكيل البلدان القومية الموجودة الآن في القارة الأوروبية. وهذا كله يدفع لطرح سؤال: هل ستكون الصراعات الجارية والمساعي الأميركية لإعادة تشكيل المنطقة وفق مفهوم الشرق الأوسط الكبير أدوات لإنشاء البلدان القومية من جديد في منطقة الخليج؟

العدد 957 - الثلثاء 19 أبريل 2005م الموافق 10 ربيع الاول 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً