العدد 2404 - الأحد 05 أبريل 2009م الموافق 09 ربيع الثاني 1430هـ

18 فردا بينهم معواق يعيشون في غرفتين بـ «مدينة حمد»

أبوهم يطردهم ويقول «أنا بريء منكم» لضيق المعيشة

لا يمكن لأي مواطن أن يصدق حجم المعاناة التي تعيشها بعض الأسر البحرينية، والتي تكاد أن تكون ضربا من الخيال في بعض الأحايين، إلا عند الاقتراب منها، فإنها تصبح واقعا لا يمكن نكرانه.

فهذه عائلة بحرينية مكوّنة من 18 فردا، بينهم معوق، تعيش في منزل بغرفتين فقط، في مدينة حمد (دوار 4)، والثالثة غرفة كانت بالأساس مجلسا، لكنها حوّلت لغرفة كي تسكن فيها أخواتهم الثلاث، وزيادة على تلك الغرف توجد غرفة خشبية خارج محيط المنزل، أنشئت لينام فيها الشاب المعوق في رجله اليمنى، رضا مكي أحمد (23 عاما) العاطل عن العمل كبقية اخوانه إلا اثنين، والذي يتسلّم مرتبا كل 45 يوما من وزارة التنمية الاجتماعية، لا يتجاوز 70 دينارا.

أما والدهم الحاج مكي أحمد، الذي تجاوز عمره 60 عاما، فأحيل إلى التقاعد في العام 1991، إذ كان يعمل حارس أمن في وزارة التربية والتعليم، أما الآن فهو يبيع الهواتف النقالة المستخدمة، وبعض المسابح والإكسسوارات في سوق واقف المركزي، ويبقى طوال يومه في السوق، ويتخذ من إحدى المقاهي المجاورة مكانا لينام فيه وقت الظهيرة، وفي الليل يتسابق مع أبنائه غير المتزوجين للحصول على مكان لينام فيه، في المساحة المتبقية من المنزل، فتارة في المطبخ، وأخرى في اللامكان.

«الوسط» زارت هذا المنزل الذي تعود ملكيته لوزارة الإسكان، وسكنه الحاج مكي قبل 23 عاما تقريبا، فما زال الابن الأكبر للحاج مكي، وهو عبد الزهراء الذي يعمل زرّاعا في وزارة شئون البلديات والزراعة، يدفع قسط المنزل للوزارة، بواقع 13 دينارا كل شهر حتى يتمكن من تملّك المنزل، في الوقت الذي لا يتجاوز راتبه 300 دينار، يذهب الجزء الأكبر منه لإعالة زوجته وولديه، إضافة إلى أبوه وأمه التي تعاني من مرض السكري.

الحاج مكي، تحدّث عن المعاناة التي يعيشها وأبناؤه العاطلون عن العمل، وذلك أنهم لم يكملوا دراستهم، وكل الوظائف التي يحصلون عليها من وزارة العمل تتطلب مواصلات، فأماكن العمل بعيدة عن مسكنهم في مدينة حمد.

وقال: «بسبب ضيق المعيشة التي نعاني منها، يصل الأمر في بعض الأحيان، إلى طرد أبنائي من المنزل، وأقول لهم أنا بريء منكم، أخرجوا من المنزل (...)».

وخلال الأحاديث وشرح المعاناة، يهمّ الحاج مكي بالذهاب إلى أحد الأدراج الواقعة تحت فرن الطبخ، ليخرج منه دفترا أحمر تابعا لأحد البنوك، ويشير بيده إلى داخله قائلا: «أنظر... هل يوجد فلس واحد في حسابي البنكي؟!».

وبين هذا وذاك، يُخرج الحاج مكي سريرا ليقول: «في كل ليلة أتنقل بهذا السرير في أرجاء المنزل، لعلّي أجد مكانا فارغا أضعه فيه لأنام».

ويذكر: «ذهبت أكثر من مرة لوزارة البلديات والزراعة، ليعيدوا بناء المنزل، ويضيفوا دورا ثانيا إليه، وعلى الرغم من أنهم يعدون بذلك، إلا أنه إلى الآن لم نرَ شيئا، ويعتذرون أحيانا لعدم وجود الموازنة».

وأضاف: «تقدمت بطلب وظيفة لدى وزارة العمل في العام 2001، إلا أنه للآن لم يتصلوا بي، ومازلت أراجعهم، طلبا لوظيفة بأي مرتب أسدُّ به جوع أبنائي».


«البلدية» تحاول إزالة غرفة المعوق

الغرفة الخشبية التي أنشئت خارج المنزل بتبرع من بعض أصحاب الأيادي البيضاء، ويسكن فيها الابن المعوق رضا، حاولت بلدية المحافظة الشمالية إزالتها مرات عديدة، لكنهم في كل مرة يأتون، يشاهدون رضا نائما فيها، يشفقون على حاله، ويتركون ورقة الإخطار بإزالتها.


طابور دورة المياه

المنزل الذي لا يوجد فيه سوى غرفتان، أو ثلاث، يقف الإخوان طابورا ليدخلوا دورة المياه، وكثيرا ما شهد شجارا بينهم، ووصل إلى الضرب بالأيدي، الأمر الذي يستدعي تدخل الشرطة، وذلك بحسب ما يفيد الإخوان أنفسهم، فيقولون: «عندما نتشاجر فيما بيننا على دخول دورة المياه، أو على المكان الذي ننام فيه، تتصل والدتنا لمركز الشرطة طالبة منهم التدخل لفك الشجار».

ويناشد الحاج مكي وأبناؤه من خلال «الوسط» المسئولين في وزارتي البلديات والإسكان، التدخل لإيجاد الحل المناسب لوقف المعاناة التي تسببت لهم في أمراض نفسية، ومراعاة ظروفهم وتوفير وحدة سكنية تسعهم.

العدد 2404 - الأحد 05 أبريل 2009م الموافق 09 ربيع الثاني 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً