العدد 961 - السبت 23 أبريل 2005م الموافق 14 ربيع الاول 1426هـ

أنا أمير

سلمان بن صقر آل خليفة comments [at] alwasatnews.com

بعدما قضى الأمير الحسن بن طلال قرابة الأربعين عاما في ولاية عهد المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة، تنحى تاركا المجال لابن أخيه عبدالله حتى يكون ملكا على الأردن. .. فحفظ الملك عبدالله الثاني مقام عمه وأعزه... وبعدها بفترة ليست بطويلة عرض عليه "عملا" أن يترشح ليتولى رئاسة مجموعة إقليمية مكونة من دول "وهو مركز كبير"... فماذا قال؟ قال: أنا أمير... وهذه الوظيفة لا تليق بي... أنا أمير.

الأمير الحسن بن طلال على درجة عالية من الأخلاق والعلم والمعرفة، وهو مربي أجيال فاضل ومعلم وقائد... وقد كان لي شرف لقائه في مناسبات عدة، وتعلمت من موقفه هذا عزة النفس... نعم الرجل ونعم الأخلاق والمواقف... نعم الأمير. عزة النفس تتطلب من الإنسان أن يرفض أي مركز أو وظيفة تقدم إليه يحس أن فيها إذلالا له... عليه أن يقف شامخا ويصرخ قائلا: لا... هذه الوظيفة لا تليق بي، فأنا أمير.

في مجتمعاتنا الخليجية، هناك الكثيرون من أمراء العلم والمعرفة... أمراء الشعر والدراسة... أمراء المال والجاه والنسب وأمراء الأخلاق الحميدة. الكثير... الكثير من أمراء المجتمع عزيزي النفس تعرفهم من كلامهم ومن نظراتهم... تعرفهم من علمهم وأفكارهم... مميزون، تهتز الأرض تحت أقدامهم في مشيتهم، ولهم حضورهم القوي أينما حضروا... نعم الأمراء. والأمير عزيز النفس لا يمكن أن تعرض عليه وظيفة دونية يكون الفارق فيها كبيرا بين متطلباتها وإمكاناته، وتتوقع أن يقبل بها لأن فيها الكثير من المذلة... فأمير الطب لا يمكن أن تعرض عليه وظيفة حارس مبنى لأن القصد منها إذلاله... وأمير العلم عزيز النفس لا يمكن أن نعرض عليه وظيفة سائق ونتوقع أن يقبل بها... وأمير الشعر عزيز النفس لا يقبل بوظيفة ناطور... وأمير النسب والجاه عزيز النفس لا يعقل أن يرضى بوظيفة كاتب أو خازن لأن القصد منها إذلاله... وإن حصل وقبل فهذا دليل على أنه ذليل النفس وليس عزيزها.

طبعا، نحن لا نقصد هنا الأمراء عزيزي النفوس المتواضعين الذين يقومون بطيبة نفس بأعمال هي أقل بكثير من مستوياتهم العلمية والفكرية. ولا نقصد المحتاج الذي دارت عليه الأيام وأرهقت بدنه الظروف الصعبة، واضطره زمنه إلى القبول بأي عمل منعا للحاجة ومد اليد... فهذا الإنسان عفيف نفس. وهناك الكثير من عفيفي النفس في مجتمعنا البحريني خصوصا، ونحن نقدرهم ونحترمهم أشد الاحترام، ولكننا نقصد هنا أولئك البشر الذين ربما - من دون قصد - لا يعرفون من هم الأمراء عزيزي النفوس

إقرأ أيضا لـ "سلمان بن صقر آل خليفة"

العدد 961 - السبت 23 أبريل 2005م الموافق 14 ربيع الاول 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً