العدد 962 - الأحد 24 أبريل 2005م الموافق 15 ربيع الاول 1426هـ

البرميل الأبيض لليوم الأسود

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

ذكرت نشرة مصرف الامارات الصناعي في عدد شهر مارس/ آذار الماضي أنه للسنة الثانية على التوالي تتحول العجوزات في الموازنات السنوية لدول المجلس الى فائض، وذلك نتيجة للارتفاع المستمر في أسعار النفط وانتاجه. وتشير ارقام النشرة الى أن الوضع المالي للدول الست في العام 2004 قد تحول من عجز معلن والمقدر بنحو 6,10 مليارات دولار أميركي إلى تحقيق فائض فعلي بلغ نحو 15,30 مليار دولار أميركي، وهو ما لم يتحقق لتلك الدول مجتمعة منذ زمن طويل أي بداية ثمانينات القرن الماضي، وذلك بفضل الارتفاع الكبير في العائدات النفطية، وخصوصا في السعودية والكويت اللتين ارتفع فيهما انتاج النفط الى جانب ارتفاع الاسعار. من جانب آخر قال مدير مكتب "الشال" للاستشارات الاقتصادية في الكويت جاسم السعدون "ان العام الماضي كان عاما استثنائيا لدول الخليج كافة التي حققت فوائض في موازناتها بدلا من مواجهة عجز كان متوقعا". وقد ارتفعت العائدات النفطية لدول مجلس التعاون الخليجي "السعودية والامارات والكويت وقطر وعمان والبحرين" قرابة 35 في المئة هذه السنة بفضل ارتفاع اسعار النفط بنسبة 25 في المئة، وضربت أرقاما قياسية تاريخية إضافة إلى ارتفاع الانتاج من 10 الى 15 في المئة. ويشير السعدون إلى ان الدول الخليجية التي يعتمد اقتصادها بالدرجة الاولى على العائدات النفطية، قد استخدمت كامل طاقتها وانتجت 15,5 مليون برميل يوميا كمعدل وسطي مقابل 15 مليونا للعام 2003 و13,3 مليونا للعام .2002 ما تقوله الأرقام ان الزيادة كانت مفاجئة وكبيرة من جهة وان مصدرها الارتفاع في الأسعار بالإضافة إلى الزيادة في الإنتاج من جهة ثانية. وما تصفه الأرقام شبيه بتلك الصورة الاقتصادية والمالية التي بدت فيها الدول النفطية الخليجية في أواخر السبعينات ومطلع الثمانينات جراء الطفرة التي عرفتها مداخيلها النفطية حينها والتي كانت من جراء الزيادة المزدوجة في الأسعار والكميات المنتجة على حد سواء. ومن دون الحاجة إلى الحديث عما حققته الكارتيلات النفطية والدول الغربية المستهلكة من عائدات من جراء تلك الطفرة، نود التنويه إلى تلك الحقبة التي تلت فترة الطفرة تلك والتي دخلت فيها الدول النفطية العربية الخليجية وغير الخليجية في نفق العجوزات المظلم الذي لم تتعاف من بعض آثاره سوى أخيرا. بالمقابل استفادت تلك الكارتيلات والدول الغربية في إجراء تحولات نوعية في مصادر تزودها بالطاقة أولا، وتطوير طرق توليدها ثانيا وأساليب الاقتصاد في استهلاكها ثالثا وليس أخيرا. ولذلك لم تعان تلك الدول مثلما عانت دولنا النفطية من جراء الأزمات الاقتصادية ذات العلاقة بالحالة النفطية المتذبذبة صعودا وهبوطا. وكل ذلك يعود إلى منطق بسيط هو أنها عالجت المشكلات الناجمة عن تلك الحالة النفطية أولا، واحتفظت ببرميلها الأبيض ليومها الأسود ثانيا. أما نحن فكنا على النقيض من ذلك تماما، وكنا نمارس ما معناه "اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب"، فآلت الأمور عندنا إلى ما آلت إليه. فهل نتعظ اليوم من دروس السبعينات، أم نستمر في السير على المنوال ذاته؟

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 962 - الأحد 24 أبريل 2005م الموافق 15 ربيع الاول 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً