العدد 962 - الأحد 24 أبريل 2005م الموافق 15 ربيع الاول 1426هـ

الغبن الإداري في وزارة الخارجية

محمد العثمان Mohd.Alothman [at] alwasatnews.com

استقالة ما يقارب 20 موظفا من الاختصاصيين "دبلوماسيين وقانونيين ومحاسبين" من وظائفهم خلال ثلاثة أعوام من وزارة الخارجية أمر يتطلب إعادة النظر في عدة جوانب في الوزارة، منها الهيكل الإداري للوزارة التي يقف على رأس هرمها وزيران على مستوى عال من الكفاءة والخبرة المشهودة. وعلى رغم تغيير غالبية الوزارات لهياكلها الإدارية بما يتواكب وتغير المفاهيم للوظائف الإدارية في العصر الحديث والعالم المتقدم لتسيير شئون الوزارات بسلاسة إدارية وانسيابية راقية في الأداء؛ فإن وزارة الخارجية - وهي من الوزارات السيادية في الدولة - لاتزال على هيكل إداري لا يتماشى والمستوى المتقدم الذي وصلت إليه الدبلوماسية البحرينية. وليس فيما سبق مبالغة، فهل من المنطق عدم وجود قسم للعلاقات العامة والإعلام أو ناطق رسمي أو إعلامي أو قسم للترجمة في وزارة الخارجية؟! إذ لابد من وجود ناطق باسم الخارجية؛ إلا أن وزارتنا السيادية مازالت مصرة على تطبيق سياسة "الرجل الواحدone man show".

إن الموظفين بحاجة ماسة إلى حلحلة أوضاعهم، وتغيير كادرهم الذي ظل على حاله ردحا طويلا من الزمن، وفي هذا الشأن تفتقد الوزارة إلى كادر خاص بالدبلوماسيين على رغم وجوده في جميع دول المنطقة! فهل هذا أمر معقول في وزارة يجوب موظفوها العالم كله، ويرون التقدم المذهل في الدول المتقدمة ووزارتهم تراوح في مكانها؟

تفاءل الموظفون بوجود وزير ثان، إذ إن وزير الدولة غالبا ما يقوم بمهمات من مثل ترقيات الموظفين ومتابعة الشئون الإدارية بالوزارة، إلا أن الوزير الجديد وعلى رغم رفعه شعار "تطوير الأداء"، وما تم فعلا من ابتعاث الكثير من الموظفين في دورات محلية وخارجية، وتطوير مهاراتهم من الناحية العلمية والعملية، فقد ظل كثير منهم على درجاتهم الوظيفية، بل وما زاد الطين بلة توظيف كوادر جديدة بدرجات أعلى من درجات الموجودين في الوزارة من حملة المؤهل ذاته. وأيضا ظل الحال على ما هو عليه من ناحية تطوير الهيكل الإداري، فلا يكفي أن تقوم الوزارة بتطوير مهارات موظفيها بل يجب تطوير الهيكل الإداري الذي يعملون في ضوئه، فماذا تستفيد الوزارة من تطوير مهارات الموظفين والإبقاء على الهيكل كما هو؟

وزارة الخارجية تعاني من مركزية إدارية، سواء في قرارات ترقيات الموظفين، أو في إعادة تنظيم وتدوير العمل الإداري. وقد اعتمدت الوزراة - متأخرة عن الكثير من الوزارات - نظم المعلومات وشبكة الكمبيوتر، إلا أن المدير المسئول عن نظم المعلومات في الوزارة استقال وذهب إلى شركة خاصة، إضافة إلى تسرب الكثير من الكفاءات منها. كل ذلك، ألا يثير تساؤلا بشأن أوضاع موظفي الوزارة للوقوف على أسباب استقالاتهم، بدلا من التلويح بالضرب "بيد من حديد لكل من يحاول الاستقالة" كما قال أحد كبار موظفي الوزارة؟

بات من الضروري - لمواكبة التغيرات في النظرة إلى القيم والسلوك الإداري الشائع الآن في الدول المتقدمة - تطوير الهيكل الإداري، واستحداث أقسام جديدة، وتنفيذ نظام ديوان الخدمة المدنية فيما يخص ساعات العمل الإضافي، ودفع مستحقات الموظفين بدلا من "التفنن" في ابتكار أساليب للمراوغة عن الدفع، وتعويض الموظفين بإجازات بدلا من المكافآت، وكذلك لابد من تفعيل لجنة التظلمات التي لم تجتمع إلا مرات معدودة، وإلا ستظل الوزارة نمرا من ورق، فهي في الواجهة يخيل للرائي انها من أقوى الوزارات إلا أن موظفيها يعانون من الغبن الإداري

إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"

العدد 962 - الأحد 24 أبريل 2005م الموافق 15 ربيع الاول 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً