العدد 962 - الأحد 24 أبريل 2005م الموافق 15 ربيع الاول 1426هـ

ثقافة الحشيش والحمار

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

تلك حكمة الله "إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه". .. مستقبلك ما أنت تختاره وصنع يدك. عندما يصبح السياسي "يتوبيا" سيحصل على أحلام "يتوبية" بمعنى لن يحقق شيئا. عندما تريد أن تصبح انسانا متميزا ذلك لا يكون من دون سهر أو تعب وهكذا هي سنة الحياة. صحيح أن للقدر دورا... وللظروف السياسية دورا، للمحيط... للبيئة ولكن فوق ذلك تبقى الإرادة والتفكير السليم وكذلك ثمة شيء دائما ما نضعه موضع استهزاء وهو الواقعية. أتذكر أني قرأت قصة عن عبد بقي سنين يدعو في عهد النبي عيسى "ع" أو موسى "ع" حتى تأثر النبي وأشفق عليه لوضعه فدعا الله أن يستجيب دعاءه فجاءه نداء من السماء بأن اسأله عن دعائه ستكتشف أفق التفكير الذي يحمله... ذهب النبي لهذا العبد سأله: ما دعاؤك... ماذا ترجو؟ فأجاب: إني أدعو الله ليل نهار ان يرسل حمارا لأكل هذا الحشيش. لو فتشنا في عقل هذا "العبد" لا يوجد الا حشيش وحمار. وهذا يدخلني لنظرية مالك بن نبي نظرية القابلية، قابلية الاستعمار، أي نحن نستعمر لاننا نحمل قابلية ان نستعمر ليست هذه مازوخية "التلذذ بايقاع الألم على النفس" ولكن كلما كان تفكير الانسان ضيقا ازداد العالم ضيقا عليه. كما ان القانون لا يحمي المغفلين... الواقع السياسي العالمي... الاقليمي لا يحمي المغفلين. السؤال: كيف نرفع افقنا الثقافي؟ فالثقافة هي التي تنجب السياسة وليس العكس... السياسي غير المثقف لا ينتج معرفة لا ينتج أفقا أكان مديرا أم وزيرا أم خطيبا أم مثقفا ليس أرضا خصبة للإنتاج... المثقف هو اب السياسة لهذا أنا أؤمن بنظرية افلاطون، الفلاسفة هم الذين يجب ان يصبحوا في مواقع التغيير. على ذكر التغيير لفتت انتباهي وأنا أقرأ صفحات الكتاب التاريخي الكامل في التاريخ "ج4 - ص 127" وقفات تاريخية تعكس هذه النظرية تقول: كان الوليد بن عبدالملك صاحب بناء واتخاذ مصانع والناس أصبحوا يسألون بعضهم بعضا عن البناء. بلغة عصرية عندما تشجع الدولة على الاستثمار يصبح المجتمع يحمل ثقافة الاستثمار والتجارة، لنا مثال دولة الإمارات وخصوصا دبي. قبل ثلاثة أيام سافرت إلى دبي لقراءة الواقع التجاري... حياة مليئة بالحيوية والحركة... عمارات على مد البصر... مشروعات في منطقة دبي الجديدة تفوق الخيال. المجمعات على مد البصر لو اطلعنا مثلا على المجمع الضخم ابن بطوطة فهو ضخم ويعكس عقلية الحكومة الاماراتية وهكذا تسهيلات ضخمة لصالح الاستثمار ووجدت هناك بعض البحرينيين ممن بدأت تتفتح عيونهم على الاستثمار. لهذا اقول للمواطنين وخصوصا الفقراء هناك عشرات الاحاديث للرسول "ص" تشجعنا على التجارة والدخول في المشروعات وليس عيبا أن تبدأ صغيرا ثم تكبر ولكن عليك ألا تعتمد على راتب هزيل هنا أو سلطة مدير هناك. لماذا خطباء المنابر لا يركزون أيضا في خطبهم على أهمية التجارة كما يركزون على أحاديث مثل: "الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر" وعودا إلى كتاب الكامل: "وكان سليمان صاحب طعام ونكاح فكان الناس يسألون بعضهم بعضا عن النكاح والطعام وكان عمر بن عبدالعزيز "رض" صاحب عبادة فكان الناس يسألون بعضهم كم تحفظ من القرآن وكم تصوم في الشهر. العدالة بدأت تسود في عصر القيم وترسيخ الخلق في عهد عمر بن عبدالعزيز"... إذن نحن كحكومة وكمجتمع وكمراكز قوى نستطيع ان نشكل الواقع كما نريد وهذا يعتمد على ثقافتنا ونظرتنا إلى الحياة، إلى الإنسان، إلى المستقبل... نظرتنا إلى التعليم، إلى التنمية، إلى الحرية، إلى الاقتصاد، قراءتنا للواقع الدولي، للمتغيرات العالمية فإما ان نفكر في الحشيش والحمار أو نفكر في العدالة والتنمية والمستقبل. يجب ان ننفتح على تجارب الشعوب والامم والحضارات ونأخذ ما يناسب ديننا وحضارتنا ونرفض الانحراف والرتوش. اليابانيون أخذوا عبقرية التنظيم من الغرب ورفضوا شراء توافه انحرافات الغرب لذلك وصلوا. نحن لا نقلد الغرب في دقة الاجراءات الصحية ودقة الكتب العلمية في صناعة السيارات والأجهزة وفي دقة ومتانة بناء الجسور والعمارات، نقلد الغرب في آخر تقليعات القيم الأخلاقية... علاقات الغرام... الفيديو كليب وهكذا نحن نزداد تأخرا. على ذكر أثر البيئة والمحيط وما يفعله في الانسان... جاء أحد الاعراب إلى أحد الخلفاء ليمدحه فقال له: انت كالكلب في حفاظك للود وكالتيس في قراع الخطوب. هذا الاعرابي المتخلف ولد في بيئة لم ير فيها في يوم من الأيام زهرة جميلة ولا غزالا ولا فراشة. لم ير الا كلبا وتيسا وناقة لهذا عاش ثقافة التيس والناقة فجاء مدحه "تيسيا" و"كلبيا". الانسان يجب ان يثقف نفسه كثيرا كما يريد ان يأكل كثيرا. ان يقرأ تجارب الشعوب، ان يرفع أفقه من التأدلج إلى الانسانية وأعجبني كثيرا موقف المرسم الحسيني في إيقاد الشموع بعد رحيل البابا. هذه ثقافة يجب ان نشجع عليها أبناءنا... وها هم أبناؤنا يعلموننا ثقافة التسامح. قبل أيام ذهب وفد فرقة الولاء إلى الكويت في حفل ضم فرقا لبلدان ولطوائف متعددة ودخلت الفرقة وهي تحمل العلم البحريني وأنشدت أنشودة في حب البحرين وأنشودة رثاء في شهداء الكويت في العراق وبدأ التصفيق الحار. وهذه الأيام جمعية الاسكافي تكمل النصب التذكاري، والمرسم الحسيني مع الفنانين البحرينيين يكملون جدارتهم... دعونا نبني البحرين حكومة وشعبا بتوافق لمصلحة الوطن ولنشجع أي مبادرة خير من الحكومة أو من الشعب لصالح المصلحة العامة

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 962 - الأحد 24 أبريل 2005م الموافق 15 ربيع الاول 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً