ينطبق المثل المعروف "رب ضارة نافعة" على الضغوط الخارجية التي تمارس على بعض الدول العربية، وخصوصا فيما يتعلق بقمع الأحزاب والكيانات السياسية المعارضة. ففي الوقت الذي نسمع فيه كثيرا هذه الأيام أنه تم اعتقال نحو كذا من كوادر الحزب الفلاني سرعان ما نسمع أنه تم الإفراج عنهم نتيجة لضغوط أجنبية.

لم يكن الحال في الماضي القريب هكذا في العالم العربي، إذ لا يعلم الرأي العام أصلا بوقوع تلك الاعتقالات التي تتم عادة في الخفاء وتحت جنح الليل أو الصباح الباكر ولا تستطيع وسائل الإعلام المراقبة إعلانها. ويظل المعتقلون لسنوات طويلة من دون توجيه تهم إليهم أو محاكمتهم.

لقد أفرجت السلطات السورية الأسبوع الجاري عن أعضاء من "منتدى جمال الأتاسي للحوار الديمقراطي" بعد توقيفهم لعدة أيام بتهمة تجاوز خط أحمر والتعامل مع حزب "الإخوان المسلمين" المحظور، وذلك لاحتجاجات من قبل منظمة "هيومان رايتس ووتش". وفي مصر أفرجت السلطات من قبل عن رئيس حزب "الغد" المعارض أيمن نور وعن 52 طالبا الأسبوع الجاري نتيجة لضغوط أميركية مباشرة. وفي ليبيا عرفنا لأول مرة أن هناك كوادر من "الإخوان المسلمين" سيفرج عنهم بعد سنين طويلة من الاعتقال. وفي لبنان والسودان حدث ولا حرج، والقائمة تطول إذا تتبعناها في دول المنطقة.

إذا، نستخلص أنه في هذا الوقت الذي أصبح فيه العالم قرية صغيرة ينبغي على الحكومات العربية التريث في اعتقالاتها وتوقيفها للمعارضين، وذلك حتى تتفادى الضغوط الخارجية وحتى تحفظ ماء وجهها، وخصوصا إذا كانت تلك الحكومات في جفاء مستمر مع الغرب.

طبعا، تعتبر تلك الضغوط تدخلا في الشئون الداخلية للدول، ولكن يرجع لها الفضل كملاذ للمعارضين في حال انعدام قضاء مستقل وشفافية وغياب ديمقراطية حقيقية ويعود لها إلى حد ما نشر ثقافة الإصلاح والانتخابات وصيانة حقوق الإنسان، إلا أنه ينبغي على الكيانات المعارضة ألا تتمادى في الاستقواء بالجهات الأجنبية وأن تكون معارضتها موضوعية وبناءة حتى لا تدخل أوطانها في أزمات دائمة مثل تلك التي يواجهها العراق مثلا