العدد 1008 - الخميس 09 يونيو 2005م الموافق 02 جمادى الأولى 1426هـ

هكذا يحاربون الفقراء!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

قبل سنة واحدة، رفع أحد المدراء في أحد المصارف الوطنية الكبرى اقتراحا إلى مديره الأعلى لفرض ضريبة اقتطاع دينار واحد على التحويلات الشهرية للصناديق الخيرية. هذا الاقتراح البائر تلاه قرار جائر تضرر ومازال يتضرر من ورائه عدد كبير من الصناديق الخيرية التي عملت بجهد كبير طوال سنوات على إقناع منتسبيها بطريقة التحويلات، لضمان دخل شهري ثابت يصب في النهاية في مصلحة فقراء هذا البلد. وتراوحت الخسارة ما بين ثلث ونصف الموازنة الشهرية لدى هذه المؤسسات الخيرية.

حينها كتبنا ضد هذا القرار البرجوازي الظالم، ولكن لم يستمع إلينا أحد، لأن المتضررين منه هم أبناء الطبقة الفقيرة المعدمة، التي لا تملك "غرفة تجارية" "من الطبقة العليا" تدافع عنها، ولا جمعية سياسية أو اجتماعية "من الطبقة الوسطى" تتبنى مطالبها البسيطة جدا. وكان فرض وتمشية القرار عن طريق الحيلة و"الدغلباز"، على رغم اعتراض الصناديق الخيرية، وهي رسالة اعتادها الناس في هذا البلد الأصم: قولوا ما شئتم، وسنعمل ما نشاء، وهي أسوأ أنواع السياسات في العالم، لأنها ببساطة شديدة، لا تقيم وزنا للشعب ولا للمجتمع على الإطلاق، فلا صوت يعلو فوق صوت المصالح والاستثمارات ورؤوس الاموال!

في مطلع هذا الأسبوع، صدر قرار برجوازي آخر، من السنخ المترفع ذاته، مصدره إحدى الوزارات التي تتعلم الحلاقة في رؤوس القرعان! وذلك بمنع طباعة التقاويم. ولعلم القراء... فإن الصناديق والجمعيات الخيرية كانت تعتمد على طباعة تقاويم خاصة، تحمل شعاراتها وبعض إعلانات المؤسسات الصغيرة من أجل تحقيق إيراد سنوي بسيط قد يتراوح بين 500 و1000 دينار في أحسن الظروف.

الوزارة العتيدة صاحبة القرار البرجوازي الأخير، تذرعت بتوحيد أوقات الأذان، على اعتبار اختلاف الأوقات بين تقويم وآخر، والذي يسبب - كما تزعم - فروقا في رفع الأذان في المساجد والجوامع المختلفة. علما بأن حل هذه الاشكالية لن يكون بتجفيف المنابع البسيطة للصناديق الخيرية، وانما باعتماد جداول رسمية من قبل وزارة الشؤون الإسلامية أو دائرة الأوقاف الشرعية، التي من مسئوليتها كجهة رسمية متابعة التزام المؤذنين بها. أما رمي المشكلة على أطراف أخرى ليس لها في الأمر ناقة ولا جمل، فهو نوع من الاستغباء، يرتكبه قوم ويدفع ثمنه آخرون. ومن يدفع ثمن هذه القرارات البرجوازية المترفة هم فقراء البحرين.

نذكر الجميع بلغة الأرقام، وخصوصا هؤلاء المترفين، لتتبين لهم فظاعة الخطأ الذي ارتكبوه، إن إيراد التقويم السنوي "الخمسمئة دينار" ينفقه الصندوق الخيري في شهر واحد، بتوزيعه على خمسة وعشرين عائلة، لكل عائلة عشرون دينارا، وقرار هؤلاء المترفين سيحرم هذه العوائل من هذا المردود البسيط، وسيكون أسوأ خطوة على طريق تجفيف منابع الصناديق الخيرية العاملة على معونة الفقراء في هذا البلد.

الدول الأخرى المتحضرة تدعم المساعي الخيرية وتشجعها، حتى انها تخفف الضرائب على دافعيها إذا ثبت أنهم يتبرعون للأعمال الخيرية، اما في بلادنا فهناك ملاحقة للأعمال الخيرية، وتزهيد للناس فيها، عبر هذه القرارات غير المدروسة، غير الحكيمة، والتي ينقصها الكثير الكثير من الاحساس بآلام الفقراء

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1008 - الخميس 09 يونيو 2005م الموافق 02 جمادى الأولى 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً