أعلن وزير التجهيز والنقل المغربي كريم غلاب حديثا في مدينة طنجة بأقصى الشمال المغربي أنه تم إنجاز 95 في المئة من عمليات الحفر المتعلقة بالدراسات الجيولوجية لقعر البحر على مستوى المدار الأولي للربط القاري بين أوروبا وإفريقيا عبر نفق للسكك الحديد.
وخصص لبرامج الدراسات المتعلقة بمشروع الربط القاري التي تشرف عليها الشركة الوطنية لدراسات المضيق والشركة الإسبانية لدراسة الاتصالات القارية عبر مضيق جبل طارق غطاء مالي يصل الى 27 مليون يورو ممول بالتساوي بين الطرفين.
ويتجسد إنجاز النفق أساسا في ثلاث مراحل تهم بناء الشطر التحت بحري للنفق ليكون بمثابة رواق للاستكشاف في مرحلة أولى، ثم بناء واستغلال النفق السككي الأول عن طريق منح امتياز للقطاع الخاص في مرحلة ثانية وأخيرا برمجة إنشاء نفق ثان على المدى البعيد وذلك بالنظر إلى ما سيمليه تطور حركة الرواج.
ويتوقع أن يبلغ حجم الرواج السنوي عبر النفق السككي، الذي تقدر كلفته بنحو أربعة مليارات يورو، أساسا 1,6 مليون سيارة و11 مليون مسافر بواسطة السكك الحديد. وسيشهد حجم الرواج في مراحله النهائية مرور 50 مليون مسافر و6 ملايين سيارة.
وأوضح غلاب خلال مؤتمر صحافي عقب اللقاء الذي جمعه بنظيرته الاسبانية ماغدالينا ألفاريس وخصص للمشروع الكبير المتعلق بالربط القاري أن عملية الحفر تسير طبقا للبرنامج المسطر من قبل الشركة المغربية لدراسات المضيق والشركة الاسبانية لدراسة الاتصالات القارية عبر مضيق جبل طارق.
وأشار غلاب إلى أن شركة "سياكور" الإنجليزية المكلفة بعمليات الحفر بعد فوزها بطلب عروض دولي، أنجزت إلى حدود شهر يناير/ كانون الثاني الماضي 1412 مترا من الحفر، مبرزا أن هذه العملية سجلت رقما قياسيا عالميا بانجاز 325 مترا على مستوى عمق البحر تحت فرشة مائية تفوق 270 مترا. وبعد أن عبر عن ارتياحه لمستوى التنقيب الجيولوجي والجيو تقني أكد غلاب الإرادة التي تحدو الطرفين المغربي والإسباني من أجل مواصلة الجهود على مستوى اللجنة الأوروبية من أجل إشراك بلدان الاتحاد في هذا المشروع الضخم الذي يكتسي بعدا عالميا.
ومن جهتها، اعتبرت المسئولة الإسبانية أن مشروع الربط القاري بلغ الآن مرحلة متقدمة من الأشغال، موضحة أن عملية الحفر في قعر المضيق تكتسي أهمية خاصة على اعتبار أنها تسمح بالتعرف على طبيعة أرضية قعر البحر على مستوى مسار النفق. وأضافت أن هذه العملية ستوفر معطيات مهمة من أجل تحديد المعطيات الأولية الخاصة بالنفق السككي ووضع الحلول التقنية المتعلقة بكيفية بنائه، مشيرة إلى أن لقاءها بنظيرها المغربي خصص أيضا لبحث المشروع المشترك المغربي - الإسباني المتعلق بسلامة النقل البحري في المضيق، ومبرزة أن مذكرة في هذا الإطار ستعرض قريبا على أنظار اللجنة الأوروبية المكلفة بالنقل البحري.
وتقترح الدراسة المنجزة بشأن الربط القاري بين أوروبا وإفريقيا عبر مضيق جبل طارق إقامة نفق للسكك الحديد يتكون من ثلاثة أروقة يخصص واحد منها للسلامة البحرية.
ويربط النفق الذي يبلغ طوله 37,7 كلم منها 27,7 كلم تحت المضيق، نقطة مالاباطا بالمغرب "أقصى نقطة شمالية في إفريقيا" بنقطة بالوما بإسبانيا "أدنى نقطة جنوبية في أوروبا". ويتعلق الأمر هنا بالمسار الأقل عمقا بين الضفتين والذي قد يصل عمقه الأقصى الى 300 متر تحت مستوى البحر مشكلا بذلك أفضل تركيبة تجمع بين العمق والطول من أجل تشييد هذا النفق.
ويكتسي الطابع الجيولوجي والجيوتقني للدراسات المرتبطة بالمشروع أهمية كبيرة، ذلك أن الدراسة الجيولوجية والجيوتقنية لقعر المضيق شهدت إنجاز عدد من عمليات الاستكشاف البحري والتي استعملت فيها كل التقنيات والطرق المطبقة في هذا المجال. وتعد طريقة الحفر على مستوى البحر التقنية الأكثر مباشرة وكلفة، وهي الطريقة التي يتم حاليا تطبيقها في المرحلة الرابعة من عمليات التنقيب بالمضيق التي انطلقت منذ يناير الماضي.
وتهم هذه المرحلة الأخيرة البحث في الطبقة الأكثر عمقا في المضيق من أجل الإجابة عن الأسئلة المطروحة المتعلقة بالمجالات الجيولوجية ذات الأهمية القصوى بالنسبة إلى المشروع. ويشار إلى أن عمليات الحفر التي تكلفت بها شركة سياكور الإنجليزية كانت قد بدأت في 19 يناير الماضي مع العلم أنها تتم فقط خلال الفترات التي تكون فيها التيارات البحرية ضعيفة
العدد 1016 - الجمعة 17 يونيو 2005م الموافق 10 جمادى الأولى 1426هـ