لم تقتصر المفاجأة على السياسيين في صعود اسم محمود نجاد في بورصة المنافسة الرئاسية في إيران، وانما تعداه إلى الاقتصاديين. المستثمرون في بورصة طهران شعروا بالقلق منذ تأهل المرشح المحافظ المتشدد محمود احمدي نجاد إلى الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية، معبرين عن خشيتهم من أن يعيد النظر، في حال فوزه، في التقدم الخجول الذي حصل على صعيد تحرير السوق المالية خلال السنوات الماضية.
وتراجعت أسعار السوق المالية في طهران فور الإعلان عن تأهل نجاد إلى الدورة الثانية من الانتخابات المقررة اليوم "الجمعة"، بعد أن حققت ارتفاعا نتيجة التوقعات بفوز سهل للرئيس السابق هاشمي رفسنجاني والتي سبقت الدورة الأولى. ولقيت الوعود الاقتصادية التي تقدم بها رفسنجاني ارتياحا لدى المحللين الاقتصاديين، بينما يثير احتمال وصول أحمدي نجاد الخشية لديهم من اعتماد سياسة معادية للبورصة أو حتى من إقفالها.
وصرح مساعد وزير الاقتصاد سعيد شيركوند لوكالة "فرانس برس" بأن "رفسنجاني عبر عن آراء اقتصادية واضحة ودقيقة، وفريقه معروف باعتماد سياسات مشجعة ومنسجمة. والأسواق مرتاحة له".
في المقابل، لم يعرض أحمدي نجاد برنامجا اقتصاديا مطمئنا، ولا يضم فريقه اقتصاديا معروفا يمكن أن ينفذ مشروعاته الاقتصادية. وصرح أحد مساعديه، أبوالقاسم فقيه، لوكالة "فرانس برس" بأنه "إذا كانت البورصة قلقة فلأن الذين يمسكون بها أشخاص لا مصلحة لهم في رؤية أحمدي نجاد رئيسا".
ويعتبر شيركوند أن "الخبراء الاقتصاديين مضطرون لمحاولة استخلاص نوايا أحمدي نجاد الاقتصادية من أفكاره بشأن الثقافة والسياسة". وقال إن "هناك قلقا عموما من أن تتوقف الإصلاحات التي سارت حتى الآن بشكل جيد في حال وصل نجاد إلى رأس السلطة".
وكان مؤشر البورصة حقق ارتفاعا بنسبة 5 في المئة قبل الدورة الثانية، وعاد وتراجع بالنسبة نفسها مع اعلان نتيجة الدورة. وشهدت السوق المالية في طهران، وهي من الأسواق الأكثر نشاطا في المنطقة، خلال الأشهر الستة الأخيرة صعودا وهبوطا نتيجة النزاع بشأن الملف النووي والغموض المحيط بالانتخابات الرئاسية. وحاول معاونو نجاد طمأنة المستثمرين عبر التأكيد أن انتخاب مرشحهم لن يعني اطلاقا اعادة النظر في السياسة الاقتصادية، إلا أن البورصة التي تشهد محاولات تحرير خجولة للخروج من اقتصاد يسيطر عليه القطاع العام، لا تبدو مقتنعة بهذا.
ويقول المستثمر في القطاع الخاص مهدي كبيري: "المعاملات تراوح مكانها منذ الأسبوع الماضي. المستثمرون قلقون لأنهم يعتبرون أحمدي نجاد دمية في أيدي تيار سياسي تقليدي غير مؤيد للاستثمارات".
ويتساءل المستثمرون ما إذا كان عليهم بيع اسهمهم أو الإبقاء عليها. ونقلت صحيفة "جهان اقتصاد" "عالم الاقتصاد" في صفحتها الأولى عن أحمدي نجاد قوله: "البورصة مكان للخطيئة كقاعة الميسر ويجب إلغاؤها".
وأفاد المقال أن أحمدي نجاد سيطابق مشروعاته الاقتصادية بقناعات مسئول ديني كبير. وانتقل المقال بسرعة البرق من يد إلى يد في البورصة، إذ وصف بأنه "غير معقول".
وقال كبيري: "إذا فعل ما يقول، ستغرق البورصة في غيبوبة لسنة على الأقل"، مضيفا "البورصة لا تثق بهذه المجموعة الاقتصادية ولا بأفكارها"، في إشارة إلى سياسة المحافظين. ويعتبر المحللون أن سياسة مجلس الشورى الذي يسيطر عليه المحافظون منذ فبراير/ شباط 2004 على صعيد الاقتصاد تشكل نموذجا لما يمكن أن تكون عليه رئاسة أحمدي نجاد.
فقد أعاد البرلمان المحافظ خلال السنة الماضية النظر في عقدين دوليين مهمين. وأصدر قانونا يجمد أسعار المنتجات والخدمات الأساسية "مثل المحروقات والمياه والكهرباء والاتصالات" وآخر يخفض نسبة الفوائد. ونددت الحكومة الإصلاحية والخبراء الاقتصاديون بهذه القرارات التي يمكن أن تكون لها انعكاسات "سطحية" على المدى القصير على صعيد خفض التضخم، ولكنها "مدمرة" على المدى الطويل.
ويقول أحد المتعاملين في البورصة نصرالله بارزاني: "بدأ الأصوليون بالسيطرة على البرلمان والآن يحاولون جعل السلطة من لون واحد بايصال رئيس أصولي"
العدد 1022 - الخميس 23 يونيو 2005م الموافق 16 جمادى الأولى 1426هـ