العدد 2908 - الأحد 22 أغسطس 2010م الموافق 12 رمضان 1431هـ

رمضان حول العالم: المغرب وباكستان والولايات المتحدة

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

لا يؤثر رمضان على زملائي متعددي الديانات في منظمة البحث عن الأرضية المشتركة العالمية غير الربحية التي تعمل في مجال تحويل النزاعات، الذين يلتزمون بأسلوب حياة وتناول الطعام الذي يعطيهم المزيد من الوقت للتفكير الروحي المعمق فحسب، وإنما العمل وعقد الاجتماعات كذلك عبر خطوط زمنية، يتم عقدها حول وقت الإفطار، وتفهّم أكبر لهؤلاء الذين يعملون ساعات طويلة دون طعام أو شراب.

من المؤكد أن رمضان يتعلق بأكثر من مجرد صيام طوال اليوم والإفطار في المساء، فهو بالنسبة للكثيرين رحلة تستمر مدة شهر نحو التنوّر الروحي وممارسة الانضباط الذاتي والتواضع، يحاول فيه المسلمون الامتناع عن نقل الإشاعات واستعمال اللغة التجديفية والجدل الغاضب والاتصال الجنسي (أثناء النهار وساعات الصيام) والأفكار السلبية، وفي الوقت نفسه الاستمرار في الروتين اليومي لحياتهم.

وتختلف الرحلة ليس فقط من شخص لآخر وإنما كذلك من دولة لأخرى.

يقلق البعض حول ما إذا كانوا يحققون المستويات المرتفعة التي وضعوها لأنفسهم عندما يعود الأمر إلى الصيام وأداء العمل، بينما يشعر الآخرون بشعور شامل متجدد بالهدوء والتركيز. وتختلط النواحي الروحية والثقافية لشهر رمضان حول العالم بأساليب فريدة.

يشرح الزميل رشاد بخاري، مستشار برنامج المنظمة ومحرر الخدمة الإخبارية بالأردية في إسلام أباد قائلاً: «مع بداية شهر رمضان تتغير الحياة بين ليلة وضحاها. ليس هناك تحوّل في عادات تناول الطعام والروتين اليومي للحياة فحسب، وإنما هناك تغيير كذلك في الجو العام. يشعر الناس بوعي أكبر بعلاقتهم مع الله تعالى ومع أخوتهم في البشرية من خلال الصلاة والابتهال والعطاء».

ويعتبر الشهر الفضيل بالنسبة للكثيرين تجربة روحية وثقافية.

«تصحوا أسرتي في الثالثة صباحاً» يقول بخاري، «تقوم زوجتي بإعداد خبز الباراثا المقلي وعجة البيض وطبق من اللبن وأطباق أخرى للسحور، الذي يوفر طاقة كافية حتى الإفطار، الذي يضم دائماً تقريباً أطعمة طيبة مثل الباكور، وهو عجين مقلي مصنوع من دقيق الحمص، والسمبوسك ولبن الزبادي مع العجين والبصل والتشات المصنوع من خليط الفاكهة بالبهارات».

هناك حركة مستمرة في الجو، «الأسواق تفتح أبوابها قبل الفجر، وتعجّ بالمتسوقين قبل الإفطار. تمتلئ المساجد أثناء الصلاة. ولكن رمضان أتى هذا العام في وسط أسوأ فيضانات في تاريخ الباكستان» يقول بخاري. «طَغَت على الاحتفالات الاعتيادية أحزان فقدان أرواح ونزوح الملايين. الروح السائدة في رمضان هذه السنة، كما يجب أن تكون، روح التواصل مع هؤلاء ممن هم في أمسّ الحاجة للغذاء والحماية».

ويصف مدير برنامج المغرب في الرباط علاء الدين سرار كيف «جاء رمضان في فصل صيف حاراً هذه السنة. ولكنه جاء، كما هو الحال دائماً، بنفس روح السلام والرحمة والسعادة. ينقل رمضان المسلمين ولمدة شهر في كافة أنحاء المغرب إلى عالم الهدوء والسكينة والروحانية».

ويضيف سرار «بالنسبة لمعظم المغاربة، يشكّل هذا الشهر المقدّس الفرصة السنوية لتطهير أنفسهم من خلال كبح جماح الذات وتقوية أرواحهم الداخلية عبر تجديد علاقاتهم مع الله تعالى والانخراط في التفكير الذاتي على أمل أن يصبحوا أناساً أفضل.

وهو وقت للنظر إلى الخارج كما للداخل.

«رمضان شهر يزور فيه الناس أقرباءهم ويتناولون وجبات شهية معهم»، يضيف سرار. وتشكّل أطباق مثل الحريرة، وهي حساء البندورة (الطماطم) بالأعشاب والبهارات، والشبكية وهي حلوى شعبية مقلية بالعسل، والسلوى، وهي حلوى من السمسم واللوز، مأكولات شهية في هذا الشهر الفضيل. يقضي الكثيرون أمسياتهم في الخروج للقاء الأصدقاء في المقاهي أو مشاهدة برامج التلفزيون الجديدة. ويلبس الأطفال ملابس عيد الفطر الجديدة احتفالاً بنهاية شهر رمضان».

أما في الولايات المتحدة، حيث تفتح المطاعم أبوابها كالعادة ولا يصوم معظم السكان، فتستذكر مديرة العلاقات بين المسلمين والغرب وبرامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لينا العلي، : «إنه لأمر مضحك، تلك الفكرة التي يمتلكها الكثيرون في «الوطن» حول الصعوبة التي أواجهها في المشاركة بشهر رمضان بينما أقيم في الشتات في واشنطن العاصمة، وفي الماضي في لندن (وليس في لبنان)».

واقع الأمر أنها تشعر أنه «خلال السنوات الحادية والعشرين الماضية التي قضيتها في الغرب اكتشفت المعنى الأعمق لرمضان: أولاً من خلال مثال الأشخاص الغربيين الذين تحولوا إلى الإسلام، والذين قابلتهم، الذين يعتنقون من حيث المبدأ تقريباً الشعائر الإسلامية التي تدلّ على الهدف والقصد بشعور أوسع، ثم من خلال الوحدة النسبية الناتجة عن عدم الإقامة في مجتمع ذي غالبية إسلامية، بحيث يتنامى شعور ذاتي بالهدف والتفكير الداخلي في غياب نظام اجتماعي ييسّر بشكل طبيعي الأمور لهؤلاء في محيطه».

«ليست هناك حاجة في أية دولة غير مسلمة يتم فيها ضمان الحرية الدينية للشعور بالشفقة تجاه أي مسلم: إنها بيئة تدفعنا بشكل ضمني نحو الجهاد الأكبر، الكفاح الداخلي الذي يعوّضنا عن أية صُعوبات خارجية غير متوقعة قد نواجهها».

- المديرة المساعدة لبرنامج شركاء في الإنسانية حول العلاقات بين المسلمين والغرب في منظمة البحث عن أرضية مشتركة، ويقدّم الجزء الثاني من هذه السلسلة المكونة من جزئين حول رمضان حول العالم، الأسبوع القادم وجهات نظر من لبنان وإندونيسيا، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2908 - الأحد 22 أغسطس 2010م الموافق 12 رمضان 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً