العدد 2932 - الأربعاء 15 سبتمبر 2010م الموافق 06 شوال 1431هـ

الشيخ عبدالعزيز بن محمد آل خليفه من أوائل المهتمين بالفن في القرن الماضي

قليل من يؤثرون بماعندهم للآخرين، وقلة من يبوحون بأشياء لايعلمها الآخرون بكل شفافية وليس من السهل أن تشارك الآخرين بذاكرتك المتراكمة عليها أحداث كثيرة سطرها التاريخ واختفت آثارها من على أرض الواقع وبقى أثرها هاجساً يجول في طيات الذاكرة، ليجعل التنقيب عنها مباحاً وفي متناول الجميع بحبه لوطنه ومهنته وحب الحقيقة، كل هذا هو العشق للآخر... فكما قضى سني طفولته الأولى ليتعلم النطق فكذلك يقضي سنواته اللاحقة ليستنطق التاريخ، تاريخ بدايات الفن في عمره القصير في مملكةالبحرين... الأستاذ عبد الكريم العريض كان لنا معه هذا اللقاء... حدث مهم كان في تلك الفترة ونوعياً في حد ذاته، له رابط قوي بتحفيز الفن في وقت كان الناس منشغلين بعيداً عن هكذا فعاليات، المعرض الأول الذي يقام في نهاية الأربعينيات من القرن الماضي، عبد الكريم العريض أحد رواد الحركة التشكيلية في البحرين يحدثنا عن هذا المعرض وعن ما شاهده في الفترة التي لايزال في مقتبل شبابه، ينتابه الفضول لتحفيز لأن يخوض ذاك المغمار وأن يكون في قلب الحدث، يزرع في ذاته حب الفن منذ تلك الفترة، لنسأله عن وضع المعرض بالنسبة للمشاهدين وزواره في تلك الفترة، وبعد تنهد طويل يسترسل في الكلام فيقول:

أقامت إدارة المعارف معرضاً كبيراً العام 1948 في قصر القضيبية وافتتح المعرض «الشيخ سلمان بن حمد آل خليفه» حاكم البحرين آنذاك وقد سبق الإعلان عن المعرض في الأوساط الاجتماعية في البحرين في تلك الفترة بأنه معرض كبير وحدث مهم لم يسبق أن أقيمت مثل هذه المعارض في السابق، وكنت متشوقاً لزيارة هذا المعرض والاطلاع على ما فيه من أعمال فنية، قد سبق وأن رأيت بعضها في المدرسة الثانوية الواقعة على شارع الشيخ عبد الله بالمنامة وكانت تلك الرسوم مناظر من البحرين، بعضها من المحرق والبعض الآخر من المنامة وفي تلك الأمسية، يوم افتتاح المعرض كانت فرقة الموسيقى في الشرطة تعزف في البهو أمام القصر وتجمعت حشود غفيرة من الناس لمشاهده هذا الحدث الكبير.

كان المعرض يتكون من الكثير من النشاطات المدرسية كالأشغال اليدوية وأعمال الجمعيات التي في المدرسة، كجمعيه التاريخ والجغرافيا والأحياء، إلا أن المميز في هذا المعرض هي أعمال الرسم وبعض المنحوتات لطلبة جمعيه الفنون الجميلة والتي تتألف من «شيخ عبد العزيز بن محمد آل خليفة وعبد الرحمن بن محمد آل خليفة وجليل إبراهيم العريض وأحمد السني وعبد الجليل الخان وعبد الرحمن بن موسى، وكان أستاذ الرسم في المدرسة من البعثة المصرية هو الاستاذ حامد عبد الرحمن الذي رسم عدداً كبيراً من الرسومات المحلية ذات الطابع التجريدي والمواضيع جلها من البيئة المحلية من المحرق والمنامة أما أعمال الطلبة، فكانت للشيخ عبد العزيز والآخرين وكانت تحاكي أعمال الأستاذ وكانت نظرتي في تلك الفترة الزمنية إلى هؤلاء الطلبة وما قدموا من أعمال إحساس تجاههم بالانبهار لمقدرة بعضهم الفائقة في التصوير وقد تكون بعض تلك الاعمال، منقولة من أعمال أخرى، إلا أنها كانت بالنسبة لي أعمال جميلة.

كان الشيخ عبد الرحمن عمل مجسمات مقاطع لرأس وهذه أول مرة أشاهد معرضاً به مثل هذه المجسمات، أما أحمد السني فقد كان يرسم المناظر البحرية والسفن، ويقول العريض إنه يعتقد أن هذا المعرض من أهم المعارض الذي نستطيع أن نؤسس عليه البدايات الأولى لجميع المعارض التي جاءت بعد هذا التاريخ من خلال الأفراد أو الجمعيات الفنية.

لقد حدثني «جيمس بلغريف» حول هذا المعرض عندما سألته عن تقييمه للمعرض فقال إن والده «شارس بلغريف» سجل هذا الحدث في تقرير الحكومة الصادر في العام 1948م.

يبدو أنها فترة مختلفة عن فترتنا الحالية ولها ظروفها الخاصة بها فهل هناك أسماء من الطلاب كان لهم دور وحضور بارز في البلاد على الساحة الفنية أو مجالات أخرى؟

إن جميع أولئك الطلبة الذين ساهموا بأعمالهم في ذلك المعرض حيث إن ذلك المعرض كان في نهاية العام الدراسي وجل هؤلاء الطلبة أرسلوا في بعثات دراسية إلى الجامعة الاميركية في بيروت، وبعضهم في القاهرة ولم تمضِ سنوات حتى أصبح عدد منهم في مراكز مرموقة في أجهزة الدولة، وتولى الشيخ «عبد العزيز بن محمد آل خليفة» وزارة التربية والتعليم وركز اهتمامه على تأسيس وتأهيل متحف البحرين الوطني، وصيانة المباني التاريخية. وكان لي مع الأخ راشد العريفي لقاءات حول العديد من المواضيع المتعلقة بالتراث وقد اقترحنا أيضاً إقامة متحف للتراث الشعبي، وقد كتبت في حينهاً مقالا في صحيفة «الأضواء» حول هذه الفكرة وكان الشيخ رحمه الله يستشيرنا أنا والأخ راشد العريفي في بعض الأمور وخصوصا في بيت الشيخ عيسى بن علي في المحرق حول تأهيله بأن يكون متحفاً خاصاً لبداية العصر الجديد في البحرين، كما أن الاستاذ أحمد قاسم السني أصبح مفتشاً لشعبة الفنون بوزارة التربية والتعليم، وأصبح جليل العريض وكيلاً لوزارة التربية والتعليم أما الشيخ عبد الرحمن بن محمد آل خليفة فأصبح تاجراً ومن ثم رئيساً للغرفة التجارية.

العدد 2932 - الأربعاء 15 سبتمبر 2010م الموافق 06 شوال 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً