العدد 2956 - السبت 09 أكتوبر 2010م الموافق 01 ذي القعدة 1431هـ

النواب وكتلهم يمارسون سياسة توريث الانتخابات

ندى الوادي nada.alwadi [at] alwasatnews.com

.

الجميع ينتقد صلاحيات المجلس النيابي في البحرين والمعوقات التي تقف أمام تحقيقه لتغيير حقيقي ملموس، والجميع - وخصوصاً النواب السابقون - يعترضون على القيمة الأكبر الممنوحة لرموز السلطة التشريعية في مقابل رموز السلطة التنفيذية الأكثر لمعاناً وبهرجة. ولكن عندما يحين موعد الانتخابات فإن الجميع «يستذبح» من أجل ترشيح نفسه مرة أخرى!

من أبرز العوامل التي ساهمت في جعل انتخاباتنا في البحرين في هذا العام دون طعم ولا لون ولا رائحة هو تكرار الوجوه والشخصيات، وتكرار الخطاب، وتكرار الوعود، حتى صار الوضع مملاً جداً لا جديد فيه. وحتى صرنا نأمل تغيير الوجوه على الأقل لتحريك الأجواء والحصول على بعض «الأكشن» في الحراك السياسي الانتخابي. فحتى الخيم الانتخابية تقام في نفس المواقع التي أقيمت في الانتخابات الماضية بنفس الأسلوب ونفس التقنيات، بل إنك صرت تتساءل أحياناً إن كان الخطاب الانتخابي الذي يلقيه المرشح هو نفسه الذي استخدمه في الانتخابات الماضية؟

طبعاً من حق أي شخص أن يتقدم للترشح في الانتخابات والحكم في النهاية للناخبين. ولكن لنتأمل في حقيقة أن ثلثي أعضاء البرلمان السابق تقريباً تقدموا للترشح مرة أخرى، أي أن ثلثي أعضاء المجلس - الذي لم يعجب أداؤه الكثيرين - يشعرون وبقوة بأنهم يستحقون فترة ولاية أخرى، وأنهم راضين عن أدائهم، بل أنهم يقدمون للناخبين كشوف حسابات عما أنجزوه خلال أدائهم لعمل كان من واجبهم أن يقوموا به تكليفاً وليس تكرماً منهم.

إن تكرار الوجوه وتكرار الشخصيات يساهم في ظاهرة توريث الكراسي داخل المجلس النيابي. فمقعد الرئيس محجوز، ومقعدا نائبيه محجوزان، ومقعد رئيس اللجنة البرلمانية الفلانية محجوز، ومقعد رئيس الكتلة العلانية محجوز، كلها مقاعد محجوزة لشخصيات متوقعة ومعروفة وخبرها الجميع ولا يتوقع على الأغلب منها جديداً. ولا يمكن لأي طرف جديد على اللعبة البرلمانية - لو نجح أحدها - أن يجد لنفسه بسهولة موقعاً وسط كراسي تم توريثها سلفاً.

وثقافة توريث المناصب والمقاعد داخل المجلس النيابي خطيرة جداً، ولعلها تسيطر على الثقافة الانتخابية السائدة هذه الأيام. فحتى بعض الناخبين صار يفكر بعقلية التوريث نفسها، ويتوقع بالضرورة أن يرث ممثله البرلماني مقعده، وكأنه نسي بأن القرار الأول في الانتخابات له هو، ولا يحق لأحد أن يورث مقعداً في البرلمان بوجوده لو قال قوله وأدلى بصوته. ولكن لا تظلموا الناخب البحريني، فأي جديد يرتجى في ظل انتخابات يخوض فيها نحو ثلثي أعضاء المجلس النيابي السابق الانتخابات في محاولة لوراثة الكرسي نفسه للمرة الثانية أو الثالثة، ناهيك عن أن خمسة من هذه الوجوه المكررة فازت بالتزكية فعلاً، ويتوقع أن يلحق هؤلاء الخمسة زملاء كثيرون لهم من الوجوه النيابية السابقة. وتأتي في مقابل ذلك كله حقيقة عدم وجود بدائل حقيقية وقوية في عدد كبير من الدوائر. فكيف يمكن للناخب أن يفكر بغير عقلية التوريث في اتخاذ قراره الانتخابي، وخصوصاً وهو يعلم سلفاً النتيجة النهائية للمباراة الانتخابية في ثلاثة أرباع الدوائر؟

أي جديد يمكن أن يرتجى في لعبة خبرنا لاعبيها سلفاً، ولم يكلف مدرب الفريق نفسه حتى عناء تغيير تكتيك اللعب؟ وبالتالي فإن كثيراً من الناخبين إعمالاً منهم للمثل الشعبي القائل «خلك على مينونك لا ييك اللي أين منه»، لن يجدوا أمامهم سوى توريث ممثليهم السابقين في البرلمان، ليس لرضاهم التام عن أدائهم، ولا لكونهم «فلتات» عقمت نساء البحرين عن إنجاب مثلها، ولكن لأن الخيارات المتاحة - فيما عدا النوادر - محدودة جداً، وضعيفة جداً.

وبنظرة إلى المنافسات التي تشهدها الدوائر الانتخابية في هذا العام، يمكننا ببساطة أن نستكشف أن المعارك السياسية الحقيقية نادرة جداً، فقد اختارت التيارات السياسية الإسلامية - التي تفوز غالباً - أن تعيد إنزال الكثير من نوابها السابقين، أو تورث تركة البعض الذي لم تنزله إلى آخرين اختلفت وجوههم ولكن لا يتوقع أن يحيدوا عن الخط العام لهذه التيارات. ولذلك فإن «أم معارك» الانتخابات البحرينية في2010 تنحصر في دوائر معدودة على الأصابع ويعرفها الجميع. ولا يمكننا أن نتنبأ حتى الآن هل ستتغلب فيها ثقافة التوريث على ثقافة التصويت لذلك الجديد القوي؟

إقرأ أيضا لـ "ندى الوادي"

العدد 2956 - السبت 09 أكتوبر 2010م الموافق 01 ذي القعدة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 12 | 5:07 م

      أخالفك الرأي

      أداء نواب المعارضة بشكل عام جيد ولا بأس فيه فهم اجتهدوا ولم يقصرو والمشكلة ليست منهم... فمالذي كنتِ تنتظرينه من برلمان مبتور الصلاحيات ومن دوائر موزعة بشكل غير عادل يجعل من البرلمان قبة للحكومة بدل الشعب ؟!

    • زائر 11 | 8:11 ص

      البرلمان المحنط

      الشيء الممل ليس لتكرار الوجوه ما دامت هي الأفضل وهي الواصلة عن طريق الصناديق فالتكرار أحيانا يعني الخبرة لكن الممل لأن البرلمان محنط ولا يضع المواطن آمالا كثيرة عليه.

    • زائر 10 | 4:53 ص

      التجديد في الوجوة

      اعتقد ان تجديد الوجوة افضل حيث اننا نطمح الى الاضافه الايجابيه اما مساله التوريث فمرفوض جمله وتفصيلا

    • زائر 9 | 4:48 ص

      اشكر موضوعك

      الموضوعه في الكتابه تحدد المصلحه العماه ونشكرك على الموضوع وعسى ان يكون فيه قدوة للافضل

    • زائر 8 | 4:45 ص

      التغيير والتجديد افضل

      ندعو الالله ان يتم تجديد الوجوة وان يحاول الناس التركيز على الوجوة الجديد لعل وعسى

    • زائر 6 | 3:01 ص

      الاثنان معا

      ابق على مجنون تعرفه كيلا تنصم بمجنون العن من سابقه
      كلاهما مجنونان وكلاهما لا يحدثان عن عقل وكلاهما لا يمثلان الا نفسيهما وكلاهما ظالمي نفسيهما. وبالتالي فمن ينتخب احدهما فقد ظلم نفسه ايضا 

    • زائر 5 | 2:48 ص

      تيتي تيتي وين ما رحتي جيتي

      الله يكثر من هالكتابات اللطيفة

    • زائر 4 | 2:31 ص

      فلان بن فلان

      مادري ويش الي حار بعض الناس اذا تكرر شخص النائب في المجلس...اليس هذا بحق دستوري؟ لماذا الاعتراض اذا على الحق؟
      "طبعاً من حق أي شخص أن يتقدم للترشح في الانتخابات والحكم في النهاية للناخبين"
      دعوا الناخب يختار ما يشاء
      ان كان سيعارض ام يشارك
      لا تكونوا حجر عثرة في طريق مشاركتة او معارضتة...

      كفاكم!!! فهو من يقرر وهو من يعارض ولا دخل لاحد في احد!!!

    • زائر 3 | 2:00 ص

      ماذا نريد من النواب قبل السؤال ماذا فعل النواب

      كثير ما يردد البعض ماذا فعل النواب لنا؟ حين اتحدث مع بعض الممتعضين من اداء النواب استشف من سؤاله ماذا فعل النوابي لي وليس لنا. البعض يريد من النائب يحقق كل آمله و تطلعاته الشخصية بغض النظر عن ما فعله للغير ليكون (خوش) نائب اما ملف ضخم بحجم ملف املاك الدولة لا يعني له شئ رغم انه ملف ان كتب له النجاح سيمتد اثره للاجيال القادمة ومحاولة اعادة التشريعات المتعلقة بالتجنيس و ملف التمييز و ملف الاسكان لا تعني للبعض شئ. هم عملوا في الحدود التي يستطيعون التحرك فيها و الملامة على المعيق لا المعاق

    • زائر 2 | 12:48 ص

      لا فض فوك

      استادة ندى، أسعد الله صباحك بكل خير
      كلامك هو عين الصواب والحكمة ..
      ولكن ماذا عسانا ان نقول ... هذا خميسو وهذه خلاقينه .... وشر البلية ما يضحك

    • زائر 1 | 10:58 م

      صادق

      ترجمة الأمثال
      1- «خلك على مينونك لا ييك اللي أين منه»
      بالبحريني = «خلك على مجنونك لا يجيك اللي أجن منه»
      2- «أرايله مثل أرايل عمته»
      بالبحريني = «رجله مثل أرجول عمته»

اقرأ ايضاً