العدد 2958 - الإثنين 11 أكتوبر 2010م الموافق 03 ذي القعدة 1431هـ

مليون شجرة

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في آخر خطاباته... تحدّث السيد حسن نصر الله بلغةٍ أقرب ما تكون للغة أحزاب الخضر في أوروبا.

الخطاب كان هادئاً، حتى حين وصل إلى ملف شهود الزور، الذي أثار احتقانات داخلية بسبب المماطلة والتسويف. فالحديث عن البيئة حديثٌ عن الصحة والأمن النفسي.

المناسبة كانت تتويجاً لحملة زرع المليون شجرة، وقد استخدم مدخلاً أقرب لإقناع الجمهور، بتقديم الأحاديث النبوية التي تحثّ على نشر البساط الأخضر، في زمنٍ كان استصلاح الأراضي وتوفير المياه في الحجاز أكثر مشقةً من الوقت الراهن. واعتبر التشجير مسألةً وطنيةً كبرى تستدعي مشاركة وتعاون الجميع، مبتدئاً بنفسه بزراعة شجرةٍ على باب بيته الذي سوّته «إسرائيل» بالأرض في حرب تموز.

من زار لبنان يدرك مدى اهتمام اللبنانيين بجمال بيوتهم والمحافظة على نظافة محيطها، لكن الأمر يتجاوز أن يكون أمراً بيئياً بحتاً، بل يعتبر جزءاً من الأمن القومي. ولعل إشارة نصر الله لزيارته للجنوب بعد التحرير، ومقارنته بين الأرض الفلسطينية المحتلة الخضراء، والأرض اللبنانية المحرّرة الجرداء، ما يتجاوز البعد العاطفي إلى الجانب الاستراتيجي، باعتبار ما توفره الطبيعة من ميزات دفاعية استفادت منها المقاومة في مسيرة التحرير الطويلة.

الخطاب الأخير كان هادئاً رغم صخب الخلافات في لبنان، وهو ما لاحظته إحدى نساء العائلة البعيدات عن السياسة، حيث علّقت بتلقائية قائلة: «السيد صاير رومانسي الليلة»! إلا أن الأمر أبعد من ذلك، فلعل مثل هذه الحملة تأتي في سياق الاستعدادات لأية مواجهةٍ مقبلةٍ، فالعاقل لا ينام على الحرير وعدوه رابضٌ على حدوده يتحين الفرص للانقضاض.

عندما تزور لبنان براً، ستدهشك طبيعته الوعرة، على امتداد السلاسل الجبلية في خطين متوازيين من الشمال إلى الجنوب، مع كثافة الأحراج والجبال المتوّجة بالأشجار الضخمة. وإذا زرت الجنوب ستلاحظ انتشار الزراعة، التي بدأت تواجه الزحف العمراني، كما يحدث في أكثر البلدان العربية، مع غياب أية استراتيجية زراعية تضمن الحدّ الأدنى من الأمن الغذائي للمواطن العربي، حتى بعد قمة الكويت الاقتصادية التي شاركت فيها 22 دولة عربية مطلع 2009، وما صدر عنها من قرارات.

حملة التشجير حظيت باهتمام إعلامي في لبنان، فأي إصلاح للبيئة يعم نفعه الجميع دون استثناء، فالهواء النقي وتقليل التلوث وزيادة الرقعة الخضراء كلها تصبّ في النفع العام.

من الجميل أن نرى الضغط المتواصل نحو حماية البيئة وصل تأثيره إلى مختلف القوى السياسية، وإذا كنا في الماضي ننتظر من الحكومات أن تخضع للاشتراطات الدولية لحماية البيئة ، فإننا نلحظ ان الجميع بدأ يعرف أن تغير المناخ أمر حقيقي ويحدث الآن، وأنه يمكن لكل منا، مهما كان موقعه، أن يباشر بتنفيذ الحلول المتاحة في أيدينا.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2958 - الإثنين 11 أكتوبر 2010م الموافق 03 ذي القعدة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 12 | 12:59 م

      امتناني لك

      صدقت أستاذي الكريم وأنا طالبة في العمارة كل يوم يلح الأساتذة علينا لنعي ونستوعب الأفكار التي تخص حماية البيئة وكيف نعمر ناطحات السحاب متناغمة مع الأشجار والشجيرات فشكرا لتعليمك قاطنيها المستقبليين شيئا من الثقافة الخضراء
      القارئة المواظبة لجميع مقالاتك تتمنى لك التوفيق والسداد والمغفرة من الكريم الأعلى
      ملاحظة: حتى السياسة أصبحت خضراء!!

    • زائر 11 | 12:22 م

      أذكى الناس

      القادة الأذكياء هم الذين يعرفون زمانهم و يدركون مقتضيات الزمان و المكان، هذا زمن حقوق الإنسان و حماية البيئة ، للأسف حكوماتنا لا زالت تسير عكس التيار!!

    • زائر 10 | 11:09 ص

      حماية البيئة مسؤولية والتزام

      لقد كرمنا الاسلام بحكمه ومبادئه الرصينة التي حثنا فيها على تحمل المسؤولية في صون النعم التي حبانا بها الله سبحانه بيد اننا تنكرنا لهذه الوصايا والقيم التي تحدد مسؤوليتنا في الالتزام بصون نعم الموارد التي تكتنزها النظم البيئية كمصدر متجدد للحياة وعثنا في بيئتنا فسادا ودمرنا مكوناتها ومارسنا الانشطة التي تركت خللا باينا بتوازنها الطبيعي وذلك اجحافا بحقوق اجيالنا القادمة في الحياة الامنة والكريمة.
      اقول على متخدي القرار وضع حدا لهذه الممارسات لانها ركيزة مسؤولياتهم النابعة من الحكم الرشيد .

    • زائر 9 | 9:22 ص

      انشاء الله تعمنا العدوى ، اقصد عدوى التشجير وزارعة الطماطم

      من الجميل أن نرى الضغط المتواصل نحو حماية البيئة وصل تأثيره إلى مختلف القوى السياسية، وإذا كنا في الماضي ننتظر من الحكومات أن تخضع للاشتراطات الدولية لحماية البيئة ، فإننا نلحظ ان الجميع بدأ يعرف أن تغير المناخ أمر حقيقي ويحدث الآن، وأنه يمكن لكل منا، مهما كان موقعه، أن يباشر بتنفيذ الحلول المتاحة في أيدينا.

    • زائر 8 | 6:09 ص

      تسلم يداك ابا هادي

      و الله يجعل كل خطواتك مباركه يا حبيب الملايين

    • زائر 7 | 4:50 ص

      موت النخيل !

      في البحرين لدينا وجهة نظر أخرى، فنحن نقلع النخيل ونضع مكانه الحجر ثم نبحث عن أماكن أخرى لزراعته فلا نجد إلى أن تتيبس الفسيلة وتذبل ثم تموت !

    • زائر 6 | 3:51 ص

      حبيبي

      لبنان بلد ديمقرطي حقيقي وأي مسؤل يلعب
      بديله ويدخل في مستنقع الفساد يفصحونه بره
      قبل داخل اهني من تحاكي. همهم البيزات
      يزرع شجرة حق الاعلام يصفقون له ويدور
      على العيون يجففها ويحوظ الدواليب

    • زائر 5 | 3:39 ص

      تحلمون

      لقد أكرمت ممكلتنا عمتنا النخلة ، فحين كان تعداد النخل كبير وكان مغني الاطفال ينشد لنا : ام المليون نخلة عرفوتها ؟ وهم يردون : عرفناها
      لكن السؤال لو وقف نفس المغني وطرح سؤاله على اطفال هذا الجبل بقوله : عرفتوها ؟ راح يتوقف الاطفال بقولهم متعجبين : ومن تكون هي!!!!!
      تمنيت لو كانت فقط النخلة التي قتلت وانما قتل كل حي في بلدي ،، فهل نظن ان احياء البيئة من السهل في وضع تم قتل ما يمكن ان يكون مقوم لاحياء البيئة بمختلف ما فيها
      انتم تحلمون

    • زائر 4 | 2:27 ص

      فلنحتفل بقتل المليون شجرة

      يجب ان يكون لدينا احتفال معاكس لما حصل هناك
      وهو تدمير البنية الزراعية بالكامل حتى أصبحنا على باب الله في كل شيء حتى الطماطم الذي كان في الماضي يصبح لدينا فائض منه أصبح عدما والكيلو 1,200فلس

    • زائر 3 | 1:48 ص

      ايام زمان

      آخ على بلد المليون نخلة، راحت وراح العز، وصرنا محرومين من السواحل. الله يعين هالشعب.

    • زائر 2 | 12:44 ص

      بلد المليون نخله!

      خلاص والله ما نبي نخيل مو مشكله بس لو تخلون لينه شوية سواحل نشم الهوى ونلعب الأطفال لا نفطس ونموت دبحتونه.

    • زائر 1 | 12:08 ص

      بحر الدير

      الدير هذا الاسم الجميل كانت محاطه بأشجار النخيل من كل الجهات ما عدا الجهه الشماليه حيث يداعبها البحر اما الان فالمطار القديم امامها و المطار الجديد من خلفها وعن يمينها ويسارها البيوت التي حلت على حساب اشجار النخيل بطريقه عشوائيه

اقرأ ايضاً