ليس أمام التهديد الفلسطيني باتخاذ خطوات منفردة لإقامة دولة فلسطينية إذا ما فشلت محادثات السلام مع إسرائيل فرص تذكر للنجاح لأن من المستبعد أن يلقى هذا التحرك دعماً دولياً.
وتظل محادثات السلام السبيل الذي يفضله الرئيس الفلسطيني، محمود عباس لإقامة دولة حتى وإن انهارت المحادثات وتزايدت الشكوك بشأن ما إذا كانت ستسفر يوماً عن إقامة دولة فلسطينية متاخمة لإسرائيل فوق أراض محتلة. ومنح عباس واشنطن شهراً للتوصل لتجميد جديد لبناء المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية كي تستمر محادثات السلام. وقال كبير المفاوضين الفلسطينيين، صائب عريقات أن تجميد المستوطنات ومواصلة المحادثات هو الحل الذي يفضله عباس.
وقال المعلق السياسي الفلسطيني، زكريا القاق «الخيارات التي سمعناها مخيبة للآمال وتدل على الإفلاس وبأن خزانة الخيارات خاوية تماماً».
وطرحت فكرة اللجوء إلى مجلس الأمن قبل عام تقريباً ولكنها سريعاً ما تلاشت.
وفي ذلك الوقت أثارت تحذيراً فورياً من إسرائيل بأن المحادثات الثنائية وحدها يمكن أن تفرز سلاماً. وكان رد فعل الولايات المتحدة التي تتمتع بحق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن أن المفاوضات أفضل سبيل للوصول إلى دولة فلسطينية.
وأعلن وزير الخارجية الفرنسي، برنار كوشنير خلال زيارة لأريحا الإثنين الماضي أنه لن يدعم اللجوء إلى مجلس الأمن إذا ما كان من شأنه أن يضر بعملية السلام.
ويقول معلقون فلسطينيون إن الأفكار التي طرحها عباس خلال اجتماع للجامعة العربية دليل على ضعفه. وما زالت استراتيجيته مبنية على أمل أن يؤدي ضغط الولايات المتحدة على إسرائيل إلى اتفاق سلام مقبول بالنسبة للفلسطينيين ويفرز دولة في الضفة الغربية وقطاع غزة عاصمتها القدس الشرقية.
وقال المحلل الفلسطيني، هاني المصري «عباس ما زال يراهن على المفاوضات وأن تنجح أميركا في ذلك».
وتابع «جيد أنهم فكروا في خيارات أخرى ولكنها ليست الخيارات الممكنة».
والعنف ليس سبيلاً بالنسبة لعباس (75 عاماً) الذي يرأس السلطة الفلسطينية التي تتخذ من رام الله مقراً لها. وكان من أشد منتقدي الانتفاضة التي اندلعت حين انهارت محادثات السلام قبل عشرة أعوام.
ويرفض عباس «المقاومة المسلحة» لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تسيطر على غزة رغم أن الأخيرة اكتسبت تأييداً سياسياً على حساب عباس والسلطة الفلسطينية بسبب فشل عملية السلام في إحراز نتائج.
غير أن عباس يؤمن بقوة أن عملية السلام التي ساهم في إطلاقها تظل أفضل أمل لإقامة دولة فلسطينية. وبدأت جولة جديدة من محادثات السلام التي تدعمها الولايات المتحدة في الثاني من سبتمبر/ أيلول في واشنطن ولكنها توقفت بعد أسابيع قليلة في أعقاب انتهاء العمل بقرار إسرائيلي بتجميد بناء منازل جديدة في المستوطنات المقامة في الضفة الغربية.
وقاوم رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو حتى الآن الضغوط لتجديد قرار التجميد إذ أنه يرأس حكومة تهيمن عليها الأحزاب المؤيدة للمستوطنين بما في ذلك حزبه الليكود.
ويخشى الفلسطينيون أن يحول نمو المستوطنات دون إقامة دولة تتوافر لها مقومات البقاء ما يقضي على عملية السلام إلى الأبد.
وقال مسئول حضر اجتماع عباس مع مسئولين عرب لاطلاعهم على خياراته في حالة انهيار عملية السلام أنه طرح احتمال حل السلطة الفلسطينية. وتعتمد السلطة الفلسطينية التي تأسست في إطار عملية السلام على معونات من دول عربية وغربية وهي تحكم جزءاً من الأرض في الضفة الغربية المحتلة تحيط بها أراض تسيطر عليها إسرائيل. وتوظف السلطة نحو 150 ألف شخص.
وقال المسئول أن عباس تساءل عن دور السلطة الفلسطينية إذا ما تلاشت تماماً احتمالات إقامة دولة. وطالب منتقدون فلسطينيون لعملية السلام منذ فترة بحل السلطة الفلسطينية قائلين إنها تعفي إسرائيل من التزامات ينبغي أن تضطلع بها كقوة محتلة.
ولكن كثيرين من بينهم فلسطينيون لديهما مصلحة في بقائها ويقول المصري «لا أصدق أن السلطة جدية أنها ستحل نفسها».
العدد 2959 - الثلثاء 12 أكتوبر 2010م الموافق 04 ذي القعدة 1431هـ