العدد 1080 - السبت 20 أغسطس 2005م الموافق 15 رجب 1426هـ

سكن العزاب... آفة تحاصر المجمعات السكنية

التحرش الجنسي... صناعة الخمر... المخدرات

طرحت الكثير من المجالس البلدية في أدوار انعقادها المنصرمة مشكلة سكن العزاب، هذه المشكلة التي باتت تشكل أحد الهموم الرئيسية التي تعاني منها بعض المجمعات السكنية. فالأجانب العزاب، لاسيما الآسيويون، أدخلوا على المناطق السكنية الكثير من العادات والتقاليد الغريبة عن الأنماط المعروفة والشائعة في أوساطنا.

وعلى رغم الطرح الجدي والمتواصل من المجالس البلدية فإن المشكلة تبدو عالقة من دون حل جذري لحد الآن، والسبب الرئيسي في ذلك هو الصمت والتجاهل الذي لمسته المجالس من قبل الأطراف الحكومية ذات العلاقة المباشرة في الموضوع كوزارة الصحة ووزارة العمل وغيرها من المؤسسات.

صمت حكومي ومجتمعي

عضو المجلس البلدي لبلدية المنامة السيد جميل كاظم يرى أن حل مشكلة سكن العزاب لن يرى النور، طالما استمرت المؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني في صمتها تجاه دعوات المجالس البلدية في المشاركة في لجان العمل الخاصة بدراسة هذا الإشكال.

ويتحدث كاظم في البداية عن مخاطر سكن العزاب قائلا:" نحن عندما نطرح مشكلة سكن العزاب فإننا غالبا ما نركز على المخاطر الأخلاقية التي قد تنجم جراء وجود خليط من العمال العزاب ومن أعمار متقاربة "20 - 40 عاما" والذين غالبا ما يكونون من جنسيات آسيوية، ولنتوقع وجود إنسان أعزب وغير متزوج ولمدة طويلة جدا في مجتمع تعيش فيه العائلات، وكم شاهدنا أو سمعنا عن مشكلات تعرض لها الأطفال من قبل العزاب الأجانب، وهذا الجانب هو ما يثير الأهالي إذ ان معظم الرسائل التي ترد إلى المجلس البلدي لبلدية المنامة أو تصل إلى ممثلي الدوائر تركز على الجانب الأخلاقي لاسيما التحرش بالأطفال أو التخوف من حدوث ذلك".

وعن حل هذه المشكلة يقول كاظم: "نحن لا ندعو إلى عزل العمال الأجانب العزاب عن المجتمع، فهؤلاء العمال هم جزء من المجتمع شئنا أم أبينا، ولكن نحن نقول إن الأماكن التي تتميز بالخصوصية يجب أن تكون خالية من العزاب، ويمكن إبعادهم إلى الأماكن المختلطة أو نقل مساكنهم على الضواحي أو أطراف المدن بعيدا عن الأحياء السكنية".

عضو المجلس البلدي لبلدية المحرق صلاح الجودر يشير إلى انه طرح على المجلس البلدي منذ دور الانعقاد الأول مقترحا لدراسة وحل مشكلة سكن العزاب، وبين أن الحل لا يمكن أن يتأتى إلا من خلال إشراك مختلف الجهات الحكومية والأهلية والقطاع الخاص لأنه اللاعب الرئيسي في المشكلة إذ إن معظم العزاب الأجانب يعملون في القطاع الخاص.

وقال: "للأسف المجلس البلدي لم يدرس الموضوع، ولكن قام في هذا الدور بإرسال العضو إبراهيم الدوي مع وفد المجلس البلدي للمنطقة الوسطى إلى دولة الكويت للاطلاع على تجربتهم في حل مشكلة سكن العزاب... نحن في المحرق نعاني في الدائرة الثانية والثالثة والدائرة الرابعة من هذه المشكلة، وهي المنطقة التي تعرف بالمحرق القديم، وسبب وجود العمال العزاب في هذه المنطقة بالذات، نتاج لوجود البيوت القديمة التي قد يحصل عليها العزاب أو أرباب العمل بأسعار زهيدة جدا، ولذلك نرى أن البيت الواحد يأوي عشرات العزاب في الوقت الذي لا يتجاوز سعر الإيجار 60 إلى 70 دينارا".

ويؤكد الجودر أن الحل الجذري للمشكلة هو بوجود مدينة عمالية تأوي العزاب الأجانب، وقبل بناء هذه المدينة من المهم أن يتم إشراك مختلف الجهات، فوزارة الصحة مسئولة عن النظافة والتأكد من خلو المسكن من الأمراض المعدية، وتضطلع بقية الجهات بمهامها كل في مجال عمله".

ويتفق الجودر مع السيد جميل كاظم في كون المشكلات الأخلاقية هي الشاغل الأكبر والهم الأول لسكن العزاب، ويشير إلى شيوع شرب الخمر وصناعة الخمر المحلي لدى الأجانب، علاوة على انتشار المخدرات وما ينتج عن ذلك من جرائم بحسب قوله.

مدينة عمالية ريعها لصالح البلدية

عضو المجلس البلدي لمنطقة المحرق حسن عيسى يقول: "منذ دور الانعقاد الأول، كان المجلس البلدي يتحسس المشكلة إذ كانت التجربة لاتزال في خطواتها الأولى ولذلك كانت المشكلة كبقية المشكلات التي لما تطفو على السطح بعد. عموما، كان المجلس البلدي في المحرق من أول المجالس التي طرحت فكرة إنشاء مدينة عمالية يدخل ريعها لصالح البلدية، وظلت الفكرة حبيسة حتى دور الانعقاد الثالث، وعندها طرحنا فكرة لإنشاء سكن لبحارة قريتي الدير وسماهيج الأجانب في منطقة رأس رية، على أن يكون المشروع تحت إشراف صحي وأمني ولا يكون السكن مفتوحا لكي لا تكثر فيه الجريمة، بحيث يكون السكن مركزا لامتصاص العمالة الأجنبية من الأحياء السكنية في جهة قريبة من العمل وتحت رقابة أمنية... لقد قدمنا تصورنا ليكون على أرض تعود في ملكيتها إلى الديوان الملكي، ويتطور المشروع تباعا ليشمل قريتي الدير وسماهيج".

ويواصل عيسى" للأسف، حدثت مغالطة من قبل إحدى الجمعيات في نشرتها بحيث حور الموضوع وقلب رأسا على عقب، وفهم منه بالخطأ أن المشروع سيكون للعمالة الأجنبية لمنطقة المحرق بالكامل، وبالتالي حدثت ضجة بين الأهالي ودخلنا معهم في أحاديث ونقاشات مطولة ولكن لم يجد كل ذلك نفعا ولم تتغير وجهة نظرهم، وأفهمناهم أن المشروع لن يستوعب أكثر من ألف عامل وهم العمال في الدير وسماهيج، ولكن نظرا لهذه النظرة السلبية من قبل الأهالي اضطررنا إلى سحب المقترح من تحت بساط المجلس البلدي، وتفهم المجلس هذا التخوف ولذلك ألغي المشروع".

ويبين عيسى أن هناك بعض النداءات من قبل الأهالي لإيجاد سكن للعزاب وانتشالهم من الأحياء السكنية، خصوصا بعد انتشار الجريمة في الآونة الأخيرة، ونحن مازلنا نؤكد ضرورة وجود الرقابة الأمنية الصارمة على مساكن العزاب لتجنب وقوع أية حوادث، هذا إلى جانب الراقبة الصحية للتأكيد على نظافة المساكن وخلوها من الأمراض التي قد تنتشر إلى البيئة المجاورة... "المشروع الجديد الذي تقوم به الشركة العاملة في جزر أمواج يمكن أن يستوعب سكنا للعزاب، ومن جهتنا قدمنا المقترح، والموضوع لايزال قيد الدراسة، ولكن الشركة المتعهدة أبدت مخاوف من مسألة النظافة التي قد تؤثر سلبا على المشروع برمته".

سكن العزاب...إثارة غير مسبوقة

صلاح الجودر يؤكد أن جميع المجالس البلدية المعنية ستطرح مشكلة سكن العزاب ضمن أولوياتها في دور الانعقاد المقبل، ويقول: "هذه المشكلة ستتفاقم بصورة أكبر، أو لنقل أن مطالب الأهالي بحلها ستزداد، ومن ثم ستزداد الضغوط على المجالس البلدية ذات العلاقة وستسعى إلى إيجاد حل جذري لها". وعن توجهات بعض المجالس البلدية لحل المشكلة بعيدا عن المجالس الأخرى يشير الجودر إلى أن التجربة الفردية لن تجد طريقها إلى الحل، وأوضح أن أحد المجالس خرج بتنظيم للباعة الجائلين لا يتناسب مع بقية المناطق أو الدوائر، ولو أن هذا المجلس أشرك المجالس الأخرى في الموضوع لكان القانون أكثر شمولية وأدق في التنظيم... سكن العزاب قضية عامة وليست خاصة بمنطقة معينة في المنطقة الشمالية أو المحرق أو العاصمة أو الوسطى والجنوبية، ولذلك نحن بحاجة إلى لجنة شمولية أو تكاملية بين المجالس البلدية وبين الجهات الحكومية ذات العلاقة ومؤسسات القطاع الخاص المعنية.

أما السيدجميل كاظم فيرى أن مشكلة سكن العزاب لن تأخذ حيزا كبيرا من اهتمام المجالس البلدية قائلا: "لقد جوبهت المجالس بصمت وتجاهل جميع الجهات، لذلك أنا أعتقد بأن التجاهل سيستمر ولن يكون بمقدور المجالس التعاطي مع الموضوع بمفردها لأنها وإن قررت المضي في إصدار تنظيم معين، فإن هذا التنظيم لن يكون بالمستوى المطلوب لأن بعض الجهات لديها رؤية أوضح من المجالس البلدية. ففي المجلس البلدي لبلدية المنامة على الأقل، أتوقع أن يكون الموضوع في حيز للجنة الفنية التي أخذت على عاتقها دراسته وإيجاد الحلول له وستستمر المعاناة كما بدأت، وأخيرا فإن المشروع بالشكل المتكامل والمؤمل لن يرى النور أبدا".

أسئلة... تحتاج إلى إجابات

يا ترى ما سر هذا التشاؤم من قبل بعض الأعضاء؟ هل صحيح أن المجالس البلدية تعاني من تجاهل الجهات الرسمية لهذا الحد؟ ألم تتلق هذه الجهات أوامر سمو رئيس الوزراء بإبداء كل أوجه التعاون مع لمجالس؟ أم أن لهذه الجهات خططها المنفردة البعيدة عن التنظيم البلدي؟ وإن كانت تعمل في حيزها، الا تعد هذه مخالفة صريحة للمشروع الإصلاحي الذي خول للمجالس العمل وإصدار التشريعات للموضوعات التي تقع تحت بساطه؟ وبين هذا وذاك، يبدو أن إيجاد حل سريع وجذري لمشكلة سكن العزاب سيكون صعب المنال وسط كل هذا الجدل، وسيظل المواطن الذي منحه القدر بيتا يجاوره سكن للعزاب يدفع هذا الثمن..

العدد 1080 - السبت 20 أغسطس 2005م الموافق 15 رجب 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً