العدد 1086 - الجمعة 26 أغسطس 2005م الموافق 21 رجب 1426هـ

خلافات لا نريد لها أن تتحول الى أزمات

أرى في الجدل الدائر اليوم في الساحة - وخصوصا الواعي منه - دليل صحة وعافية، ما لم يصل الى درجة تصفية الحسابات، ولا بأس في التعالي على بعض صور وحالات هذه الساحة، لأنها تستحق مثل ذلك التعالي، طالما أن تلك الحالات فيما يصدر عنها وتقدم لا تعدو كونها تكرارا وصدى لتجارب وأصوات لم تعد قادرة على أن تقدم أو تؤخر في الحال أو مجمل الحالات التي تمر بها الساحة الشعرية الشعبية.

اقرأ بين فترة وأخرى بعض التجاوز في التشخيص للحالات في الساحة، والتركيز على هوامشها وسطحها، من دون إدراك أن مثل ذلك الموقف يسهم في زيادة اللغط، ويصعد من الشتات والتخبط والفلتان الذي لا تخلو منه الساحة.

بعض الأعمدة التي صدرت في الأسابيع القليلة الماضية لم تمس واقع ما تعاني منه هذه الساحة بقدر ما لامست حجم الخلافات وشخصنتها والإمعان في التخوين والتجريح والتسخيف في الوقت الذي تطالب فيه بعض تلك الأعمدة الى أن يصار الى وعي نقدي يتناول الأعمال لا الأشخاص، في موقف غارق ومتورط في التناقض!

اذا اختفت مثل تلك الكتابات والأعمدة فستجد صورها الحاضرة والفاقعة في المنتديات، بالروح نفسها، والتوجه نفسه، والإمعان نفسه في محاولة لإضفاء مسحة من حماس وتحريك الساحة يمكنها أن تتحرك من دون اللجوء الى مثل كل ذلك، والأسماء التي من المفترض بها أن تكون حاضرة وفاصلة في مثل ذلك الجدل والحوار العقيم،آثرت السلامة والانكفاء والابتعاد بحجة أن لا أمل في إصلاح ما بات مستحيلا اصلاحه وتقويم ما بات من اليأس التفكير في تقويمه. ومثل ذلك الموقف هو في اللب من تأزم الوضع وفي العميق من انفلاته.

على الجانب الآخر، لم يخف بعض المحررين لتلك الصفحات غبطتهم وفرحهم، وأحيانا شماتتهم من كل ما يحصل، لأن في ذلك مزيدا من المبيعات والمتابعة لصفحاتهم على حساب تأسيس وتوجه من المفترض به أن يحتوي الوصول بالأمر الى مرحلة الأزمة، والقفز على الإشكالات الحقيقية بمزيد من التصعيد الذي لا يخلو من نياته السيئة، مع العلم بأن بعض تلك الصفحات لا تتم قراءتها، ويصر محرروها على اللجوء الى مثل تلك الأساليب طمعا في الإلتفات اليهم.

صار لزاما على الكثير من الإخوة والأخوات، أن يدركوا انه ما لم يعمل كل على مشروعه وما يشتغل عليه، بعيدا عن الوجاهة والرياء وتصنع الظهور فلن يقدر لهذه الساحة الخروج من أزماتها المتتابعة والتي يبدو أن لا دليل على أنها تسعى الى ذلك.

أمر آخر أرى لزاما الإشارة اليه يتعلق بملاحظات بعض الإخوة والأخوات المعنيين بساحة الشعر الشعبي، وأهمها اقتصار بعض الصفحات على الشعر وحده، فيما جوانب أخرى من الأدب الشعبي مغيبة وغير حاضرة، وهي ملاحظات لم تتجاوز واقع الحال - في ظاهرها - ولكن ما دمنا لم ننجح في خلق حال من الوئام والاتفاق حول ما ننجزه وننشره من قصائد، وما دام الشعر نفسه لم يستطع ضمن جانبه الإنساني الكبير أن يوحد جانبا من قناعاتنا وطريقة تفكيرنا وتناولنا للمشكلات ونظرة كل واحد منا للآخر، فكيف سيتسنى للجوانب الأخرى من ذلك الأدب أن تحقق ما لم يحققه الشعر؟ اذ في اعتقادي أن هناك مساحات في الأدب الشعبي لا تخلو من جوانبها المعقدة والمختلف عليها، وخصوصا المرتبطة بالتاريخ والأنساب، في ظل وجود جوانب مهملة وغير متفق عليها وتتضارب وتتناقض الآراء حولها، وكل ذلك لا شك سيعمل عمله في إذكاء مزيد من نار الخلافات وصولا بها الى فتن لا يعلم مداها الا الله.

حين تصل الأمور الى سهولة شخصنة الخلافات حول الشعر ونمطه وأسلوب كتابته، فمن اليسير جدا استغلال مواضع لا شك في انها غائبة عن مجمل الصفحات الشعبية في المملكة، في الوصول بهذه الساحة الى أكثر من طريق مسدودة تعيدنا الى حال من الإدمان على تناول القضايا والأمور والإشكالات بمزيد من السطحية وعدم الوعي والإدراك لبعض مضامينها الحقيقية العميقة، وخصوصا اذا ما وصلت شخصنة كل تلك الأمور الى درجة لا مجال معها لأي حوار يمكن له أن ينشأ

العدد 1086 - الجمعة 26 أغسطس 2005م الموافق 21 رجب 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً