العدد 1089 - الإثنين 29 أغسطس 2005م الموافق 24 رجب 1426هـ

قصة التعاون النووي بين روسيا وإيران

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

قد يكون بناء المنظومة الدفاعية الضخمة المضادة للصواريخ والمستقرة فوق سهول وبراري ولاية ألاسكا في الشمال ومحاولة توسيع حلف الناتو شرقا، وتلكؤ الولايات المتحدة عن تنفيذ قرارات اتفاقي "ستار 1/ ستار 2" الاستراتيجيين الموقعين بينها وبين روسيا وما تلزمه تلك الاتفاقات بالنسبة إلى واشنطن من دفع مبلغ عشرين مليار دولار لموسكو بغرض التخلص من الرؤوس النووية الروسية المثبتة على فوهات الصواريخ العابرة للقارات، كلها أسباب وجيهة لأن تقوم روسيا بتوسيع علاقاتها مع دول أخرى معادية للولايات المتحدة الأميركية كإيران وكوريا الشمالية وفنزويلا وتزويدها بالسلاح وبتكنولوجيا متقدمة في مجال العلوم النووية؛ إلا أن مسألة العوائد الاقتصادية لتلك العلاقات والمصالح تشكل هي الأخرى سببا مهما لأن تقوم موسكو بذلك، وخصوصا مع تحول تلك التكنولوجيا "النووية" إلى مكعب نوعي آخر ينافس تجارة السلاح والجنس مع وجود نحو خمسين دولة تملك هذه الطاقة مع قابلية مختلفة للنمو والتوسع، وكذلك وجود أكثر من خمسين دولة أخرى تستعد لدخول هذا النادي المهترئ.

واشنطن تمتلك ما يربو على 75 في المئة من هذه التكنولوجيا وروسيا تمتلك ما يزيد على الثلاثين في المئة من اليورانيوم المخصب عالميا، وهو ما دفع الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون لأن يعرض على بوريس يلتسين شراء اليورانيوم الروسي كاملا مقابل مبالغ مالية فلكية، إلا أن الروس وعلى رغم ظروفهم الاقتصادية المرهقة رفضوا ذلك العرض، وبالتالي فإن مسألة تسييس تلك التكنولوجيا وجعلها متساوقة مع الظروف السياسية بات أمرا مؤكدا.

التعاون الروسي الإيراني

كانت بداية التعاون الروسي الإيراني في مجال الطاقة النووية قد بدأ فعليا في العام 1992 حين وقع البلدان اتفاقين، الأول يهم التعاون في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، والثاني يتعلق ببناء محطة نووية في إيران لتوليد الطاقة الكهربائية.

وفي العام 1994 وتحديدا يناير/ كانون الثاني وقعت إيران عقدا مع روسيا بقيمة 800 مليون دولار لبناء مفاعل بوشهر النووي "جنوب إيران" بطاقة تبلغ 1000 ميغاوات بعد أن تنصلت شركة سيمنس الألمانية عن إكماله بضغط من الولايات المتحدة، وقد نقل هذا المفاعل من مصنع إيغورسكاي زافودي "وبإشراف مؤسسة اتوم ستروي ايكسبورت المكلفة بتنفيذ المشروع" بسان بطرسبرغ عبر البحر إلى إيران وبصحبته أكثر من ستمئة تقني على أن يلتحق بهذا العدد في نهاية العام 2002 ألف وأربعمئة تقني آخر.

وبعد زيارة وزير الطاقة الروسي السابق يفغيني أداموف إلى طهران تم توقيع اتفاق آخر للتسريع في عملية بناء مفاعل بوشهر على أن يدخل الخدمة في ديسمبر 2003 ويتم الحصول على الدفعة الأولى من طاقته الإنتاجية بحلول أواسط العام ،2004 كما أن تلك الزيارة أثمرت عن إيجاد دراسات بشأن بناء محطات جديدة في أماكن متفرقة من إيران أهمها في منطقة الأهواز "غرب" بقيمة 780 مليون دولار، وكانت إيران وقعت اتفاقا تكميليا آخر مع روسيا نهاية العام 2001 بقيمة 1,200 مليار دولار ليكون مجموع المفاعلات التي ستساهم في بنائها موسكو خمس محطات نووية على أن يتم الانتهاء من تشييدها بحلول العام 2012 بشرط أن تقوم إيران بإعادة الوقود المستنفد إلى روسيا مقابل حصولها على الوقود الذري النشط.

الإيرانيون وفي أتون مباحثاتهم مع الروس توصلوا من خلال أبحاث أجروها في مختبر نطنز إلى نوعية جديدة من أجهزة الطرد المركزي وهو ما شكل نقلة نوعية لمشروعهم النووي الطموح، ثم رافق ذلك التقدم اكتشافهم في بداية العام 2003 لمنجم ضخم لليورانيوم في مدينة يزد، وهما السببان الرئيسيان اللذان حركا الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومن خلفها الولايات المتحدة وأوروبا لفتح الملف النووي الإيراني بقوة ثم توقيع اتفاق سعد آباد بطهران ومن بعده اتفاق باريس.

* كاتب بحريني

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 1089 - الإثنين 29 أغسطس 2005م الموافق 24 رجب 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً