عبر عدد من أعضاء مجلس النواب عن استيائهم لعدم اهتمام الجهات المعنية في الدولة بالآثار والمواقع الأثرية، فقد قال النائب فريد غازي: "إن الآثار المكتشفة والموجودة للعيان لم يتم الاعتناء بها كما ينبغي"، ورأى النائب عبدالنبي سلمان "أن الدولة لم تضع خططا واضحة لحماية الآثار"، واقترح النائب عبدالعزيز الموسى تشكيل هيئة مستقلة يكون لها جهاز إداري وموازنة مستقلة تعنى بالمحافظة على الآثار. وتساءل النائب عبدالله العالي عن دور وزارة الإعلام في المحافظة على الآثار، فيما طالب النائب حمد المهندي بالاستفادة من الأموال التي تصرف في الاهتمام بالآثار في عمل مشروعات إسكانية. وقال عضو لجنة الشئون التشريعية والقانونية في مجلس النواب النائب البرلماني فريد غازي: "إن اهتمام مملكة البحرين بالآثار تزامن مع بدء أعمال التنقيب التي قامت بها البعثة الدنماركية قبل أكثر من 50 عاما مضت، ولكن للأسف الشديد فإن الآثار المكتشفة والموجودة للعيان لم يتم الاعتناء بها كما ينبغي، إذ لم يتعد الأمر عن نقل نماذج منها من موقعها الأصلي إلى متحف البحرين الوطني، وللأسف الشديد فقد اقتصر الإنجاز على مجرد العرض في متحف البحرين الوطني". وأضاف "لكن في الفترة الأخيرة وبعد الاقتراح برغبة الذي تقدمت به لمجلس النواب خلال دور الانعقاد الثالث بشأن الحفاظ على قبور عالي الأثرية، ووافق مجلس الوزراء على تخصيص بعض من القبور الملكية في المنطقة كمتحف مفتوح يشكل معلما تاريخيا وحضاريا، إلا أنه في محصلة الأمر لم يكن اهتمام الجهة الرسمية بالآثار اهتماما بالمستوى المطلوب، والدليل على ذلك لم يتبق من قبور عالي سوى نسبة 6 في المئة منها". وأشار غازي إلى "أن الحكومة تحركت في الفترة الماضية واعتنت بموقع قلعة البحرين وقلعة الرفاع، إلا أنها تركت آثارا كثيرة مهملة كالآثار المتناثرة في قرى شارع البديع وخصوصا معابد باربار وكذلك مسجد الخميس التاريخي". وعبر غازي عن أسفه لعدم تفهم بعض النواب لأهمية المحافظة على هذه الآثار، إذ قال: "تفاجأنا في مجلس النواب بآراء نيابية تطالب بمحو هذه الآثار وسحقها من على وجه الأرض من أجل التوسع العمراني، ونؤكد أن هذا أمر غير جائز ومخالف لأنظمة وقوانين الأمم المتحدة". ورأى المتحدث الرسمي باسم كتلة الديمقراطيين في مجلس النواب النائب البرلماني عبدالنبي سلمان "أن الدولة لا تهتم بالآثار ولم تع أهميتها على رغم كل ما يقال، فالآثار هي تأكيد على حضارة وتاريخ البلد، وفي كثير من الدول يتم توظيف الآثار في الجانب السياحي والتنموي، كما أن الكثير من الدول تعتمد على الآثار في دخلها على السياحة التراثية" مضيفا "ان مملكة البحرين لم تضع خططا واضحة لحماية الآثار والاهتمام بها، فبعد التعدي على البحر وسواحل هذه الجزيرة تم التعدي على الآثار والمواقع الأثرية، وحتى القلاع التي قامت وزارة الإعلام بصيانتها، إلا أنها لاتزال مهملة على رغم الصيانة الشكلية التي أجريت لها، إذ لاتزال هذه القلاع من دون اهتمام حقيقي بتطويرها من الناحية السياحية وهي معالم مهملة لا تنبض بالحياة، وهذه مسئولية أدبية تتحملها الدولة في كيفية التأكيد بالاهتمام بتاريخ وحضارة البلد بالاهتمام العملي والحقيقي بالآثار وصيانتها وترويجها سياحيا". وذكر سلمان "عضو لجنة الشئون المالية والاقتصادية في مجلس النواب" "أن ما يقال من أن الآثار هي مجرد عظام كما قيل عن قبور عالي هو كلام قاصر جدا لا يمت للعصر بصلة وهو كلام من لا يفهم في التاريخ والحضارة، فبلد من دون حضارة هو بلد من دون تاريخ والبحرين من الدول العريقة تاريخيا" مؤكدا ضرورة "ألا تتعامل بعض الأطراف بهذه السطحية، وهو ما يطالب به بعض النواب بتحويل الآثار إلى مناطق سكنية". وأشار إلى "أن المسح الأخير أظهر بأن أكثر من 45 في المئة من الأراضي لم تستغل بعد، وبالتالي يمكن الاستفادة من هذه الأراضي بدل تدمير المواقع الأثرية، فالمساحات موجودة ولكن هناك توزيع غير عادل للأراضي، وقد يقال بأن هذه قضية أخرى ولكن لا يجب في أسوء الأحوال إلغاء حضارة البلد التي يجب أن تكون من الأولويات فدولة من دون حضارة لا تساوي شيئا". ومن جانبه، رأى رئيس كتلة المستقلين في مجلس النواب النائب البرلماني عبدالعزيز عبدالله الموسى: "أن الدولة ممثلة في إدارة الآثار والثقافة والفنون بوزارة الإعلام تبذل جهودا طبية في الاهتمام بآثار مملكة البحرين وقد تجلى ذلك في موقع قلعة البحرين من خلال إعادة ترميم الموقع وتسجيله في قائمة التراث العالمي". واقترح الموسى "رئيس لجنة المرافق العامة والبيئة في مجلس النواب" تشكيل هيئة مستقلة تخصص لها موازنة مستقلة وجهاز إداري مستقل بذاته تكون مهمتها المحافظة على الآثار، وأشار إلى "أن وجود مثل هذه الهيئة سيساعد على أن يكون هناك تركيز في المحافظة على الآثار أفضل من وجود الإدارة المعنية بالآثار ضمن إدارة من إدارات وزارة الإعلام، إذ لن يكون الاهتمام بالمستوى المطلوب"، منوها إلى "أن وجود مثل هذه الهيئة سيجعل العمل في مجال الآثار عملا حرفيا متخصصا". وأكد الموسى دعم كتلة المستقلين في مجلس النواب لأي اقتراح يمكن أن يساهم في الاهتمام بالآثار والمواقع الأثرية والمحافظة عليها. أما رئيس اللجنة التشريعية والقانونية في مجلس النواب النائب البرلماني حمد المهندي فقال: "إن تحديد مدى اهتمام الدولة بالمحافظة على الآثار والمواقع الأثرية يرتبط بحجم ما تضعه من موازنات وما تصرفه من أموال للعناية بالمواقع الأثرية". وأشار في الوقت ذاته إلى "أن الأموال التي تصرف للاهتمام بالآثار على رغم عدم علمنا بحجمها فإنه يمكن الاستفادة منها في جانب آخر من خلال توظيفها في إقامة المشروعات الإسكانية كما أن المواقع الأثرية وخصوصا مواقع التلال الأثرية يمكن إبقاء نموذج منها والاستفادة من المساحة الباقية في عمل مشروعات إسكانية عليها تخدم حاجات المواطنين". ورأى المهندي "عضو كتلة الأصالة الإسلامية" "أن المواقع الأثرية في البحرين أعطيت حقها من الاهتمام والعناية، ولا أعتقد أن بإمكان الجهات المسئولة عنها القيام بالمزيد لها مهما كانت القيمة التاريخية التي تمثلها، إذ إن بناءها المعماري لا يجذب كثيرا". ومن جانبه، علق عضو الكتلة الإسلامية في مجلس النواب النائب البرلماني عبدالله العالي على ذلك قائلا: "من خلال ما شاهدته تعاني الآثار والمواقع الأثرية في مملكة البحرين من عدم الاهتمام بها من جانب وزارة الإعلام، وهو ليس رأيي الشخصي فقط بل هو رأي الكثير من المواطنين"، وتساءل العالي "أين وزارة الإعلام من مسجد الخميس التاريخي والآثار الموجودة في مناطق مختلفة من البحرين في باربار وسار وغيرها الكثير". وأوضح العالي "عضو لجنة الشئون التشريعية والقانونية في مجلس النواب" "أن بعض المواقع الأثرية حظيت باهتمام وزارة الإعلام، ولكن غالبية هذه المواقع تشكو من غياب الاهتمام بها، فمسجد الخميس على سبيل المثال أحد المواقع التاريخية الإسلامية الذي من المفترض أن يلقى اهتماما وعناية كبيرة من قبل وزارة الإعلام، أليس من العيب أن يبقى مسجد الخميس بهذه الصورة ولا تطوله يد التطوير والاهتماما، أليس من العيب أن يكون مبنى مدرسة الخميس - التي تعد من أوائل المدارس في البحرين - متهالكة وتكون جدرانها وسقفها آيلة للسقوط ولا من جهة تتدخل، أين المسئولون عن قبور عالي الأثرية التي هي في تناقص مستمر على رغم أنها علامة شاهدة على عراقة هذا الوطن وتاريخه الطويل، أين وزارة الإعلام من كل ذلك". وأضاف العالي "ما أتحدث عنه ليس من باب البحث عن النواقص، ولكن ذلك يأتي من باب الاهتمام بالآثار والعناية بها لما تختزله من تاريخ هذا الوطن، وهو ما نؤكد عليه بضرورة الاهتمام بالآثار والتراث وضرورة توثيق تاريخ البحرين على مر العصور". وأكد عضو الكتلة الإسلامية ضرورة تفعيل دور الإدارة المعنية بالآثار في وزارة الإعلام بالصورة التي تكون قادرة على حماية هذه المواقع، وقال العالي: "نحن سعداء بتسجيل قلعة البحرين في قائمة التراث الإنساني، ولكن يجب عدم إغفال الآثار الأخرى، وهنا نؤكد ضرورة أن تكون هناك مبادرة من قبل الجهة الرسمية لسرعة الاهتمام بهذه المواقع". وأشار العالي إلى اقتراح تقدم به مجموعة من النواب خلال دور الانعقاد الثالث بشأن قبور عالي، وقد كان رد الحكومة على هذا الاقتراح ليس بمستوى الطموح على رغم أنه بادرة خير، وتحدث العالي عن وجود توجه لدى مجموعة من النواب للحفاظ على هذه الآثار على رغم الأصوات المطالبة بمحو هذه الآثار وإقامة مشروعات إسكانية عليها، على حد تعبيره
العدد 1105 - الأربعاء 14 سبتمبر 2005م الموافق 10 شعبان 1426هـ