العدد 1117 - الإثنين 26 سبتمبر 2005م الموافق 22 شعبان 1426هـ

هل يبتعد شرودر عن السياسة ويخلف فيشر كوفي عنان؟

حكومة الائتلاف الكبير تحظى بتأييد واسع في ألمانيا

سمير عواد comments [at] alwasatnews.com

وصلت إلكه راينكه ظهر الجمعة الماضي إلى محطة القطارات الرئيسية في برلين لتسلم عملها الجديد كعضو في الدورة الجديدة للبرلمان الذي انتخب الأحد الماضي. وكان في استقبال إلكه "47 عاما" المتحدرة من ألمانيا الشرقية جمع من الصحافيين والمصورين. وكانت تعيش على المعونة الاجتماعية منذ 13 سنة لعدم تمتعها بعمل، لكنها نشطت سياسيا بظهور حزب اليسار الذي يتزعمه أوسكار لافونتين الرئيس السابق للحزب الاشتراكي الديمقراطي وجريجور جيزي الزعيم الخفي لحزب الاشتراكية الديمقراطية خليفة الحزب الشيوعي الذي كان يمسك زمام السلطة في الشطر الشرقي قبل انهيار جدار برلين. بدءا من هذا الشهر ستتقاضى إلكه راينكه راتبا شهريا قدره سبعة آلاف يورو، إضافة إلى امتيازات أخرى. في حملتها الانتخابية طالبت بوقف العمل بإصلاح قانون العاطلين عن العمل المعروف باسم هارتز 4 وإعادة الجنود الألمان من الخارج، وقالت إنها تشعر من خلال انتخابها بمسئولية خصوصا تجاه ناخبيها الذين هم من دون وظائف، كما ستصر على عودة الجنود الألمان من مهماتهم في مناطق النزاعات. لكن إلكه وغيرها من أعضاء البرلمان الجدد الذين ينتمون لحزب اليسار سيخضعون للتحقيق في ملفاتهم الشخصية إذا أصرت مفوضة الحكومة مارينه بيرلتلر، المسئولة عن ملفات مخابرات ألمانيا الشرقية السابقة "ستازي" على التحقيق في التهم التي تقول إن بعض العملاء السابقين في الجهاز حصلوا على مقاعد في البرلمان بمساعدة حزب اليسار. هذه إحدى القصص التي تتحدث عنها الصحف الألمانية التي تسلي الرأي العام منذ أسبوع بالأنباء المتسارعة عن كل جديد يتعلق بمساعي تشكيل حكومة جديدة تحل مكان حكومة الائتلاف الاشتراكي الأخضر التي فشلت في الفوز بثقة الناخبين. لكن الناخبين لم يختاروا البديل بشكل واضح، ولم تشهد ألمانيا نتائج معقدة مثل التي تم الإعلان عنها مساء الأحد الماضي، حين فشل شرودر في الفوز بولاية ثالثة كما فشلت منافسته أنجيلا ميركل مرشحة الاتحاد المسيحي في تحقيق هدفها بالإطاحة به. لكنهما لم يفقدا الأمل بالفوز بمنصب المستشار. ميركل تعتبر أن الناخبين فوضوها لتشكل حكومة جديدة، لكن السؤال: مع من؟ شرودر يعتبر نفسه أيضا حاصلا على تفويض من الناخبين لتشكيل حكومة يعمل معها على تحقيق برنامج إصلاحاته، والذي كان سببا في دعوته لإجراء انتخابات مبكرة. لكن السؤال: مع من يشكل شرودر حكومة جديدة؟

الاحتمالات المقبلة

نتائج الانتخابات الأخيرة فرضت الاحتمالات الآتية: * حكومة الائتلاف الكبير وتجمع بين الاتحاد المسيحي والحزب الاشتراكي. على أن يجري العمل كما أشيع في برلين بالمثال الإسرائيلي، أي التناوب بين ميركل وشرودر على منصب المستشارية طيلة مدة ولاية الحكومة "أربع سنوات"، ففي العام 1984 اتفق شمعون بيريز واسحق شامير بعد نتائج انتخابات معقدة على التناوب على مجلس رئيس الوزراء. * حكومة تشكلها ميركل تجمع الاتحاد المسيحي مع الحزب الليبرالي والخضر. * حكومة يشكلها شرودر وتجمع الحزب الاشتراكي مع الليبرالي والخضر. * حكومة يشكلها شرودر وتجمع الحزب الاشتراكي مع الخضر واليسار. * تشكيل حكومة أقلية بزعامة ميركل في حال حصولها على عدد مناسب من الأصوات في البرلمان. * تشكيل حكومة أقلية بزعامة شرودر إذا حصل على عدد مناسب من الأصوات في البرلمان. * الاحتمال الأخير: في حال فشل جهود تشكيل حكومة ائتلاف جديدة يدعو الرئيس الألماني المواطنين للتوجه مجددا إلى صناديق الاقتراع. كما يبدو فإن حزب اليسار الذي تشكل قبل أربعة أشهر على موعد الانتخابات العامة المبكرة على خلاف الأحزاب الأخرى، ليس له باع في المفاوضات الجارية، وعلى رغم احتمال تشكيل حكومة تضمه مع الحزب الاشتراكي والخضر، فإن هذا مستبعد، عدا أنه يحظى بتأييد نسبة ضعيفة من الألمان الذين كشفت عملية استطلاع للرأي تمت مساء الجمعة لحساب القناة الثانية للتلفزيون الألماني "زد دي إف" أنهم يحبذون تشكيل حكومة الائتلاف الكبير، وآخر مرة تشكلت حكومة من هذا النوع قبل 39 سنة. وفي ضوء التحديات التي تواجهها ألمانيا والتي ازدادت بسبب العولمة فإن غالبية الاقتصاد الألماني يحبذها وكذلك المؤسسات الكنسية. ويشير المراقبون في برلين إلى أن هذا الحل يبدو الأنسب في ضوء الصعوبات التي تواجهها مساعي ميركل وشرودر لتشكيل حكومة ائتلاف مع الأحزاب الصغيرة. من أبرز العلامات على احتمال تشكيل حكومة تجمع الاتحاد المسيحي مع الاشتراكي، تصريحات قادة حزب الخضر التي تشير إلى أنهم بدأوا يعدون أنفسهم للجلوس في صف المعارضة. وكان يوم الجمعة الماضي واحدا من الأيام التي سيخلدها تاريخ ألمانيا الحديثة، إذ تمت لأول مرة مباحثات مباشرة بين الاتحاد المسيحي والخضر، انتهت بالإعلان عن فشل مفاوضات تشكيل حكومة تجمعهما مع الحزب الليبرالي. لكن صحيفة "بيلد" الشعبية الواسعة الانتشار نقلت عن مصدر رفيع المستوى في الاتحاد المسيحي الذي تتزعمه ميركل، أنه خلافا للمعلومات التي نشرتها الصحافة بعد الاجتماع فقد تم الاتفاق على تشكيل لجنة مشتركة من الخبراء لوضع جدول موضوعات البحث للنظر بها في اجتماع جديد يوم الخميس المقبل. كما يجري وراء أبواب مغلقة مناقشة احتمال تشكيل حكومة ائتلاف كبير من دون شرودر وميركل. وقالت "بيلد" ان شرودر يستطيع العيش مع هذا الحل إذا حصل على ضمان بأن ميركل لن تعين في منصب المستشار فإنه مستعد للتنازل. وفي هذه الحال سيتقاسم السلطة رئيس وزراء حكومة سكسونيا السفلى كريستيان فولف "الاتحاد المسيحي" والذي يعتبر السياسي الأكثر شعبية في ألمانيا حاليا، والرئيس السابق لحكومة شمال الراين بير شتاينبروك "الحزب الاشتراكي الديمقراطي". وهكذا يتنحى شرودر عن العمل السياسي من دون خسارة ماء الوجه. وفي هذه الحال سيحصل على وظيفة في مجال الاقتصاد. وكان الاتحاد المسيحي بزعامة ميركل قد راهن على الفوز بالسلطة، وكانت مؤسسات استطلاع الرأي ترشحه للحصول على نسبة 40 في المئة من أصوات الناخبين. لكن على رغم تقدم الاتحاد المسيحي بفارق ضئيل على منافسه الاشتراكي فإن هذا لم يكن كافيا لتشكيل حكومة مع الحليف "الحزب الليبرالي" الذي استطاع أن يتقدم على غريمه حزب الخضر. وأشهر ميركل وشرودر مسدساتهما حين اجتمعا لأول مرة بعد الانتخابات الأسبوع الماضي، لبحث إمكان تشكيل حكومة الائتلاف الكبير. وأكد كل منهما تمسكه بمنصب المستشارية. فيما يحذر معلقو الصحف المعتبرة من أن استمرار عدم اليقين بشأن تشكيل حكومة جديدة يضعف ألمانيا سياسيا واقتصاديا، وهو كما ذكر الرئيس البولندي يقود إلى ضعف الاتحاد الأوروبي.

تركيا ومصير فيشر

وكتب كلاوس ديتر فالكينبيرغر في صحيفة "فرانكفورتر ألجماينه" يشير إلى أهمية الدور السياسي الذي ينتظر ألمانيا فيما يخص بعض القضايا الدولية الملحة. فعوضا عن أكبر أزمة يعيشها الاتحاد الأوروبي منذ تأسيسه نتيجة عدم الإجماع على تأييد الميثاق الأوروبي يعول الكثيرون على دور ألمانيا في حل نزاعات أهمها الخلاف القائم مع إيران حول برنامجها النووي، إذ إنها إلى جانب بريطانيا وفرنسا تتفاوض مع طهران نيابة عن الاتحاد الأوروبي للتراجع عن طموحاتها النووية. كما أن ألمانيا هي الدولة الوحيدة التي بوسعها التوسط بين تركيا والاتحاد الأوروبي بشأن الخلاف القائم حول رغبة تركيا الانضمام لما يسمى نادي المسيحيين. بات شبه مؤكد أن السياسة الخارجية الألمانية لن يديرها زعيم الخضر يوشكا فيشر، الذي أعلن تنحيه عن مناصبه الحزبية، وسيكتفي بمقعده في البرلمان إذا تشكلت الحكومة المقبلة من دون مشاركة الخضر. ووفقا لما ذكرته صحيفة "بيلد" عن مقربين من الوزير الأخضر الذي انتهج طيلة فترة عمله كوزير سياسة منحازة لـ "إسرائيل"، أنه سينهمك في جمع الأموال من خلال كتابة مذكراته وإلقاء المحاضرات. لكن البعض يعتقد أن فيشر قرر منح نفسه إجازة استراتيجية تمهيدا للفوز بمقعد دولي كبير. في العام 2006 تنتهي ولاية كوفي عنان الأمين العام للأمم المتحدة. فألمانيا مادامت ثالث أكبر ممول لخزينة الهيئة الدولية ستكون قادرة على ترشيح شخصية ألمانية لهذا المنصب

العدد 1117 - الإثنين 26 سبتمبر 2005م الموافق 22 شعبان 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً