العدد 2981 - الأربعاء 03 نوفمبر 2010م الموافق 26 ذي القعدة 1431هـ

توقعات كبيرة لقادة إندونيسيا الدينيين

إيلغا سارابونغ - مديرة معهد DIAN/Interfidei، أقدم مجموعات حوار الأديان القائمة في إندونيسيا، والمقال 

03 نوفمبر 2010

يتوقع الإندونيسيون من الكثير من القادة الدينيين أن يردّوا بعمل إيجابي حقيقي عندما يعود الأمر إلى قضايا الديانات الحالية والعلاقة بين المجتمعات الدينية والدولة.

يشير تعبير «القادة الدينيين» في المضمون الإندونيسي ليس فقط إلى السلطات الدينية الرسمية وإنما كذلك إلى أي شخص يعتبره مجتمع ديني أو مؤسسة دينية على أنه يملك قدرات قيادية. وهذه الصفات القيادية هي في الواقع التي يجب تعرّف تعبير «قادة دينيين» بدلاً من الأسماء الرسمية مثل «القس» أو «الإمام» أو «راعي الكنيسة» أو «الأب» أو «الراهب».

يجب أن يكون القادة الدينيون أمثلة تحتذى ليس فقط في مجتمعاتهم ولكن بالنسبة لجميع الناس، وأن يعبّروا عن القيم الأخلاقية فيما يفكرون به ويقولونه ويفعلونه. ويجب أن يكونوا أمثلة تحتذى ليس فقط في أدوارهم الدينية وإنما في أي نشاط اجتماعي. القادة الدينيون هم قادة للمجتمع كافة.

ومن النواحي المهمة في كون الشخص مثالاً يحتذى في إندونيسيا أن يكون منفتح العقل فيما يتعلق بالتعددية الدينية في المجتمع الإندونيسي. وتعتبر هذه التعددية ناحية أساسية في إندونيسيا كأمّة، وواحدة من أعمدة الديمقراطية الإندونيسية.

وعندما لا يتم الاعتراف بالتعددية أو تساء إدارتها فإن الديمقراطية الإندونيسية تتوقف عن العمل وينتج عن ذلك النزاع.

خلال السنوات خمسة عشرة الماضية بالذات، كانت هناك توترات بين المجتمعات الدينية في إندونيسيا. وقد نتج عن بعض هذه التوترات نزاعات قاتلة كما حدث في أمبون عاصمة مقاطعة مالوكو، وفي بوسو وهي مقاطعة أخرى في وسط سولاويسي، تم فيها إحراق منازل المسيحيين والمسلمين بعد انفجار العنف الطائفي. لم تؤذِ نزاعات كهذه العلاقات وتعيق النمو والتطور في المنطقة فحسب وإنما هددت كذلك حياة الناس. يستمر الإجحاف والصور النمطية ووصمة العار بالانتشار ليس فقط في أوساط الناس العاديين فحسب وإنما بين القادة الدينيين والنخب السياسية.

يمكن أن نعزو هذا الوضع إلى عوامل داخلية وخارجية. ومن العوامل الداخلية العقلية الضيقة للمجتمعات الدينية وقادتها، إضافة إلى تجاربهم المحدودة في التعامل مع الناس من عقائد دينية مختلفة.

وتتصل العوامل الخارجية بالمصالح السياسية أو الاقتصادية. وكثيراً ما يمهد انخراط القادة الدينيين في السياسة الطريق نحو إساءة استخدام الدين لأهداف سياسية محددة. يمكن للقادة الدينيين الإندونيسيين أن يتعرضوا للإغواء من جانب معونة مالية وراءها دوافع سياسية أو الألقاب السياسية لاستخدام مؤسساتهم الدينية (بل وحتى الرموز والتعاليم الدينية) كوسائل لتحقيق أجندات سياسية معينة أو إضفاء الشرعية عليها.

على سبيل المثال، حصلت مجموعة من المدارس الدينية الداخلية على معونة مالية من سياسيين مقابل دعم سياسي. وبالمثل استخدم قادة كنائس مسيحية معينة منبر الكنيسة لدعم مرشحين سياسيين معينين، مقابل دفعات مالية كذلك. وقد نتج عن حالات كهذه انعدام الثقة بقادة دينيين معينين وحوافزهم.

لهذا الواقع المخيب للآمال أثر هائل ليس فقط على حياة مجتمعات دينية معينة، وإنما كذلك على الثقة الضرورية لبناء الجسور بين الناس من ديانات مختلفة.

لقد غطى انعدام الثقة الناتج عن سوء استخدام السلطة الدينية على مبادرات قادها زعماء دينيون على المستويات المحلية والوطنية. ويثبت وجود مبادرات كهذه الدور الحاسم الذي يمكن أن تلعبه في التغلب على المشاكل الاجتماعية ومشاكل حوار الأديان. إلا أن هذه المبادرات رجعية أحياناً، تتجاوب مع أزمات وعنف ديني في إندونيسيا، بدلاً من أن تتولد نتيجة لوعي صادق حقيقي بأهمية إدارة التنوع لتطور الأمة.

لهذا السبب لم تتعامل معظم هذه المبادرات مع الأسباب الجذرية لمشاكل تتعلق بالتنوع، وما زالت مسيطراً عليها من جانب مصالح شخصيات أو جماعات معينة.

على سبيل المثال، تأسس «منتدى الشعب للتناغم الديني» للتعامل مع مشاكل تتعلق بالتناغم الديني وإنشاء مؤسسات دينية. وتدير فروع هذا المنتدى حكومات إقليمية وأخرى تابعة لحكام الولايات، والتي هي على درجة أقل من السلطات الإقليمية، وقد استُخدِم المنتدى في العديد من الحالات من قبل السلطات المحلية لإغلاق دور العبادة.

إلا أن الأمل العظيم في المجتمع الإندونيسي يأتي من قادته الدينيين، فهم يملكون، بشكل فردي أو من خلال جمعياتهم، إمكانية إحياء الروح الدينية: تقبّل الفروقات ورفع أصواتهم وتطبيق أعمال أساسية من أجل العدالة والامتناع عن الأهداف المؤقتة الزائلة المتعلقة بالسياسة أو السلطة أو الأموال. يمكن للقادة الدينيين ومجتمعاتهم من خلال الشجاعة والانفتاح توفير الأمل الضروري لتحويل النموذج الحالي في إندونيسيا.

العدد 2981 - الأربعاء 03 نوفمبر 2010م الموافق 26 ذي القعدة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً