العدد 2981 - الأربعاء 03 نوفمبر 2010م الموافق 26 ذي القعدة 1431هـ

الصَّحَوات والقاعدة

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

وَقَعَ الهجوم في مدينة تكريت العراقية . مسلحون مجهولون يقتحمون حيّ الجمعية وسط تكريت (180 كلم شمال بغداد) في تمام الساعة السابع ة والنصف صباحاً ثم يُلغّمون منزل والد المقدم قيس راشد آمر فوج الطوارئ في المدينة ويُدمّرونه على ساكنيه فيقتلون ثمانية من أفراد عائلته هم «والده وشقيقه وزوج شقيقته، وطفلة عمرها عامان، إضافة الى أربع نساء».

وفي وقت متزامن وبحي القادسية وسط تكريت أيضاً، قام مُسلحون بتفجير منزل المقدم خالد البياتي آمر الفوج الثاني في صلاح الدين، فقُتِلَ نجله. وفي بيجي فُجِّرَ منزل أحد قادة الصَّحَوَات فأصيب شقيقه. ثم فُجِّرَ منزلٌ غير مأهول تابع لمدير الرعاية الصحية بالمدينة. وهي عمليات بدت تستهدف منتسبين بارزين للصحوات أو قادة أمنيين كباراً جاؤوا من رحمها.

مُؤخراً أظهرت الأوضاع السياسية والأمنية في العراق، أن تنظيم القاعدة قد دخَلَ في حركة استقطاب «وليس استهداف فقط» مع الدولة العراقية فيما خصّ قوات الصحوات بثلاث محافظات هي بغداد وصلاح الدين وديالى. هذه الحركة تقوم على استثمار تذمّر قوات الصحوات من برنامج الحكومة «الإدماجي» لعناصرهم في الجيش والشرطة، وكذلك قضايا التمويل الشهري الخاصة بهم.

قبل عام قامت الحكومة العراقية بسحب تصاريح حمل السلاح لدى قطاع كبير من هؤلاء. ومن أصل 118 ألف عنصر كانت القوات الأميركية تمنحهم رواتب شهرية، تمّ إدماج 20 في المئة منهم فقط في القوات الأمنية والعسكرية. وحسب إفادة شلال النعيمي، قائد الصحوة بحي الهاشميات في بعقوبة فإن «قوات الأمن تُوْقِف عناصرنا بحجة أنهم كانوا ينتمون في الماضي إلى «القاعدة»، في الوقت الذي لا يتلقّى أسر ضحايا الصحوات أيّة تعويضات».

وربما كانت هذه الإجراءات الأمنية والسياسية والمالية المدخل المناسب لأن يكون هؤلاء الصحوات هَدَفاً سهلاً في مفاضلات «سياسية ومالية» تدفع العديد منهم لأن يعودوا كأعضاء إرهابيين إلى تنظيم القاعدة الذي كانوا ينتمون إليه بين عاميّ 2004 و2006 قبل أن ينقلبوا عليه، الأمر الذي حدّ من قوّة ونشاط «القاعدة» في مثلث الموت والمناطق الغربية.

في محافظة ديالى وحدها فإن 15 في المئة من أصل 14500 صَحَوِي عادوا إلى أحضان القاعدة التي تدفع لكل واحد منهم 210 دولارات عن كلّ هجوم. ألفان منهم (وبفعل علاقات شخصية) انضمّوا للجيش والشرطة تحت غطاء «المحسوبيات» الحزبية والميليشياوية، الأمر الذي يجعلهم هدفاً سهلاً للاستخدام، أو للفساد حين يتمّ توظيفهم بشكل «إسمي» على أن يتقاسموا الراتب الشهري مع آمرهم الذي فَتَحَ لهم باب الانضمام إلى السلك العسكري والأمني.

هذا التطوّر في موضوع الصحوات يبدو خطيراً جداً على الأمن الاجتماعي في العراق، إذا ما عُرِفَ أن الصحوات كانت «ماكينة التغيير» الأمني هناك منذ العام 2006. فمجتمع الدولة العراقية لا يزال خليطاً غير متجانس لا في الهوية ولا في التوجّه. بل إن ذلك الخليط يعمل بشكل لا مركزي، ولديه مراجعه السياسية والأمنية الخاصة، الأمر الذي يمنح ذلك الخليط صفة «الفوضوي» الذي لا يُمكن الاعتماد عليه في فرض القانون، أو ضمان الولاء للدولة.

ما يجب أن يُفهَم «سياسياً وأمنياً في موضوع الصحوات أن هذه القوات فَعَلَت بالقاعدة ما لم يفعله 140 ألف جندي أميركي منتشرون في العراق من الموصل شمالاً وحتى البصرة جنوباً. لذا فهُم ليسوا صرف عُملة أو وزناً زائداً على جسم المنظومة الأمنية العراقية، وإنما قوة مهمّة لأمن البلد والناس. هذه هي الحقيقة التي فرضتها الظروف منذ أربع سنوات، وعلى الجميع أن يقبل بها، شاءت الحكومة العراقية أم لم تشَأ.

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 2981 - الأربعاء 03 نوفمبر 2010م الموافق 26 ذي القعدة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 5:26 ص

      المالكي

      حكومة المالكي وظفت الكثير من قوات الصحوات وجعلت لهم وزير خاص لمتابعة شئونهم وعلى ما يبدو ان فوزه ورئاسته للحكومة سيعزز من مكانتهم في الدولة

    • زائر 2 | 4:02 ص

      المعاناة

      العراق ما بيترقع خلاص من وعينا على الدنيا وهو يعاني
      الله وياهم

    • زائر 1 | 11:54 م

      اعتقال جميعا

      قوات الصحوات هي قوات مجرمة كان اعضاؤها جميعهم في تنظيم القاعدة الارهابي وعلى الحكومة العراقية اعتقالهم جميعا

اقرأ ايضاً