العدد 2437 - الجمعة 08 مايو 2009م الموافق 13 جمادى الأولى 1430هـ

الصحافة المسئولة تنقذ الناس

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

جميعنا يتحدث عن الإنفلونزا القاتلة (إنفلونز الخنازير)، ولكن ما كشفته «لوس أنجليس تايمز» - انظر التقرير المنشور في صحيفة «الشرق الأوسط» بتاريخ 7 مايو/ أيار 2009 - يوضّح أهمية الصحافة المستقلة والمسئولة في عالم اليوم. فهذا المرض الخطير كشفته «صحيفة صغيرة» في المكسيك اسمها «دياروا ديسبرتر»، وذلك في الشهر الماضي عندما علمت الصحيفة من مواطنين في «أواكساكا» - إحدى أفقر المناطق المكسيكية - عن حظر دخول أقسام «مستشفى الدكتور أوريليو فالديفيسو العام»... وعليه أرسلت الصحيفة المحلية اثنين من صحافييها للتحقيق في شأن القضية متخفّيَين في زيِّ ممرضين، وعندما دخلا إلى المستشفى وجدا حالة من الانزعاج تسود في أرجائه. وأجبرت الأسئلة التي نشرتها الصحيفة مسئولي الصحة في «أواكساكا» على الخروج إلى العلن في السادس عشر من أبريل - قبل أسبوع كامل من الإعلان عن حالة الطوارئ في المكسيك نتيجة لإنفلونزا الخنازير - للإفصاح عن وجود وباء مَرَضي قاتل. وقد كانت وفاة أحد مرضى أواكساكا الذين تأكد موتهم بسبب إنفلونزا الخنازير مثار فزع انتاب العالم أجمع، وباقي القصة معروفة للجميع.

ولنتصور أن تلك المنطقة لا توجد فيها صحيفة حرة، ولا وسيلة إعلامية مسئولة، فإن النتيجة كانت ستكون أعظم وأكبر وأخط على الإنسانية جمعاء... فمع العولمة التي نعيشها حاليا، أصبحت حتى الأمراض تنتقل بسرعة بسبب ازدياد المسافرين عبر البلدان، ولولا الصحيفة المستقلة لكان المرض قد انتشر أكثر مما هو عليه الآن، ولربما أننا مازلنا لا نعلم من أين جاء وكيف انتقل من هذا المكان إلى ذاك.

لقد احتفل العالم في 3 مايو الجاري بـ «اليوم العالمي لحرية الصحافة»، ومن المؤسف أننا نشهد تراجعا في منطقتنا بالنسبة للتعاطي مع الإعلام والصحافة، ومازالت بلداننا تُصنّف في مستويات متدنية بالنسبة إلى الحرية الصحافية. وهذا الأمر ليس مستغربا، إذ ينظر عدد غير قليل من المسئولين في منطقتنا للإعلام على أساس أنه «سلاح من أسلحة الدولة» الذي تستخدمه حسب «توجه رسمي خاص» إما للترويج للنظام أو لشن حرب نفسية على المختلفين مع النظام... ولذا فإن الصحافي يلزم أن يكون موظفا في أحد أجهزة الدولة، أو خاضعا للمضايقات والإجراءات التي تتنافى مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

لقد أشار مدير تحرير «الوسط» وليد نويهض في مقال سابق عن الإنفلونزا القاتلة إلى أن طريقة تعامل المسلمين وأوروبا في القرن الرابع عشر الميلادي مع مرض الطاعون كانت علامة بارزة ومفارقة واضحة... فالمسلمون انكفأوا حينها وتعاملوا مع المرض عن طريق الخزعبلات - رغم أنهم كانوا يمسكون بالصدارة في العلوم - بينما أخذت أوروبا الاتجاه المعاكس وقررت حينها مغادرة عصورها المظلمة إلى عصور العلم والنور وانتصرت بذلك على الآفات والأمراض، وبعد ذلك بدأ المسلمون ينحدرون على المستوى الحضاري، بينما بدأت أوروبا (الغرب) في النهوض.

اليوم أيضا، نرى كيف أن الصحافة الحرة والمستقلة هي التي تنبّه العالم أجمع عن واحد من أخطر الأمراض الفتاكة، هذا في الوقت الذي تنشغل فيه كثير من وسائل الإعلام في منطقتنا في التبجيل للمواقف والشخصيات الرسمية، وفي إخفاء الحقائق عن الناس... وشتان بين هذا وذاك.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 2437 - الجمعة 08 مايو 2009م الموافق 13 جمادى الأولى 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً