مع جهود جمعية المرسم الحسيني يأخذ عاشوراء بعداً فنياً متميزاً على المستوى الجمالي عبر إضافة مسحة فنية لها طابعها الخاص، وهكذا هي البحرين مع مر الأعوام تضيف الجديد والمتميز لعاشوراء الحسين لتقترب أكثر وأكثر من روح قيم إنسانية ينادي بها الإمام الحسين كلما عبّر مريدوه عن الوصال حين يأخذهم الهيام إلى أفقه الأرحب، التقينا رئيس جمعية المرسم الحسيني عبد النبي علي الحمر لنرصد مسيرة الجمعية وصورتها بعد 11 عاماً من العطاء، والذي أشار إلى أن الجمعية استطاعت أن تغير صورة عاشوارء البحرين بشهادة الجميع، وختم حواره معنا متسائلاً: «هل بعد هذا العطاء واعتراف الجميع به وإشادتهم بتميزه، يكون مصيرنا أن لا نجد مقراً يضم الجمعية».

في عاشوراء البحرين دائماً ثمة جديد وإضافة ومسحة فنية خاصة، ما الانجاز الجديد الذي تقدمه جمعية المرسم الحسيني؟

- لقد استطاعت جمعية المرسم الحسيني أن تعطي صورة ناصعة عن عاشوراء وذلك من خلال إبراز الوجه الفني في إحياء هذه الشعيرة وهذا الموسم فالجمعية غيرت من صورة البحرين في عاشوراء، وأضفت عليها مسحة فنية متميزة، إضافة لما كانت تتميز به المواكب من لمسات فنية هنا أو هناك.

كيف تجدون أثر فكرة المرسم الحسيني على الفعاليات الأخرى في عاشوراء أو غيره من المواسم والفعاليات المختلفة في البحرين؟

- بعد نجاح المرسم الحسيني ومشاهدة دوره الكبير وأثره الفني فإن الكثير من المؤسسات بدأت تحتذي هذه الفكرة وأصبحنا نشهد في الكثير من الفعاليات تخصيص زاوية تحتوي على مرسم هنا أو هناك يقدم صورة تلك الفعالية.

ما مصير اللوحات الفنية بعد موسم عاشوراء أو بعد الفعاليات التي تعقدونها من فترة لأخرى؟

- بعض اللوحات يتم بيعها وعادة وتكون القيمة مناصفة بين الفنان والمرسم، وبعض اللوحات تقوم جمعية المرسم الحسيني بإهدائها إلى المآتم وإلى الشخصيات الداعمة والمؤسسات المتفاعلة مع المرسم، ودور ذوي الاحتياجات الخاصة، والبعض الآخر من اللوحات الفنية نهديها للعتبات المقدسة وقد تم اقتناء وعرض مجموعة من اللوحات المتميز لفناني المرسم البحرينيين في متحف الإمام الحسين في العراق، وكذلك في أصفهان بإيران.

ماذا عن تفاعل وحضور الفنانين الكبار في المرسم الحسيني خلال الموسم؟

- معظم الفنانين متواجدون في المرسم سواء كمشاهدين أو كمشاركين بالرسم، حتى أضحى المرسم الحسيني منتدى فنياً كبيراً، إذ تشهد تواجد الفنانين من مختلف توجهاتهم الفنية وها أنت ترى الشارع يمتلئ بالفنانين وتفتح فيما بينهم حوارات متنوعة حول الفن ورسالته الاجتماعية والثقافية والفنية في هذه الفعالية وهذا الموسم أصبح يجمعهم ويسهم في التواصل بينهم بكل تلقائية ومن غير حدود.

ما تعليقك على وجود أكثر من توجه فني في المرسم واحتوائه على مدارس مختلفة؟

- إن قوة المرسم في هذه الحالة من التنوع الفني، حيث تجتمع كل المدارس في مكان واحد وبهدف واحد بمختلف الأساليب الفنية، ويجتمع الكبير والصغير ويستفيدون من تجارب بعضهم البعض، جمعية المرسم الحسيني حين استطاعت أن تحوي كل هؤلاء فإنها قدمت مثالاً على التنوع وقدمت تجربة فريدة.

بل استطاع المرسم الحسيني أن يستقطب كل الفئات الاجتماعية بعيداً عن الطوائف والأعراق والديانات، فالكل يأتي للمشاركة والمشاهدة بتجرد بعيدا عن التمييز والتصنيف الطائفي أو الديني، وتماشياً مع رسالة الحسين التي يحملها المرسم وانفتاحها على الإنسانية فإن الجميع يعطونها التأييد.

كيف تقرأ أعمال الفنانين من حيث التجديد في إسهاماتهم في المرسم الحسيني، وتراكم أعمالهم سنة بعد سنة، هل من إضافة، هل من تجديد فني؟.

- مر على تأسيس المرسم إحدى عشرة سنة وكل سنة تكون هناك إضافات وصورة المرسم الآن مغايرة عما كانت عليه قبل خمس أو ست سنوات، ففي السابق كان الشكل والمحتوى الفني للواحات مباشراً والبعض يرسم من غير فكرة أو إضافة أو لمجرد المشاركة، أما الآن فكل فنان أخذ يحاول البحث عن الجديد والإضافة، وأصبح كل فنان يحاول أن ينتج عملاً مغايراً عما سبق.

هل لبداية المرسم الحسيني وتركيزه على الرسم دور في اقتصاره على هذا الفن أو التركز عليه بشكل أكبر، وهل لديكم توجه لإضافة فنون أخرى لأعمال المرسم ؟.

- كانت الفكرة في البداية جمعية فنية تحوي كل مجالات الفنون التي يمكن أن يحتويها موسم عاشوراء من شعر ورسم ونحت وغيره، ولكن عدم وجود المقر حجّم من الفكرة، وحين عرضنا الفكرة على للمأتم احتضن المرسم ونحن نشكر مأتم العريض على احتضانه لنا لمدة عشر سنوات، ولكن نظراً لبناء المقر وتحويله لمحلات تجارية فإننا لا ندري إلى أين نذهب.

وأحب أن أضيف بأنه بدأت الفكرة في 2001 في ليلة عيد الغدير على أن يكون هناك حدث عاشورائي حسيني غير القراءة والعزاء والشعر وأن يكون الرسم هو الإضافة والحركة الجديدة للفعاليات في موسم محرم، وقد بدأت الفكرة بستة إداريين وستة فنانين واستمرت الإدارة المؤسسة حتى 2005، بعدها تم إشهار المرسم كجمعية مرخصة وكانت هناك إدارة منتخبة، وقد مرت جمعية المرسم الحسيني حتى الآن بدورتين انتخابيتين.

ماذا عن برامجكم خارج موسم عاشوراء وبعد موسم محرم؟

- الجميل أن برامج الجمعية تظل مستمرة طوال السنة بمعدل فعاليتين كل شهر، حيث بعد عاشوراء لدينا أسبوع الرسول الأكرم أسبوع التسامح، ثم مهرجان ربيع الألوان حيث يجتمع الفنانون في أحد المجمعات التجارية وتكون هناك مسابقة وتحكيم وسط حضور تلقائي من الناس وقد تعود البحرينيون أن يشهدوا الفنانين في كل مكان ويتفاعلوا مع فعالياتهم بعفوية وتلقائية ومن غير حواجز.

وكل سنة تكون لدينا جدارية ففي العام الماضي قامت الجمعية بعمل ثلاث جداريات في النبيه صالح، وسترة في مدرسة غرناطة للبنات، ومدرسة سترة الإعدادية للبنين بعنوان سترة بألوان الطيف.

وهناك فعالية المرسم الذي نظمها في احتفال ولادة السيد المسيح حيث أخذت هذه الفعالية حيزاً مهماً على مستوى التواصل والحضور من قبل الوافدين والجاليات في البحرين واستقطبت حضوراً واسعاً وملفتاً وتعزز ذلك بمشاركة وحضور الكنيسة وأخذ صدى الفعالية يسمع حتى خارج البحرين .

ماذا عن مشاركة المرسم خارج البحرين؟.

ذكرت لك أن صدى المرسم الحسيني لم يقتصر على البحرين بل وصل صيته إلى خارج البحرين حيث أخذت الفكرة الصدى الإيجابي الواسع، وقد كانت أول زيارة لنا إلى سويسرا جنيف حيث دعينا للمشاركة ضمن المؤسسات الخيرية والإنسانية، ثم اتجهنا للعراق، وأصفهان، ومناطق دول الخليج.

ما الكلمة الأخيرة التي تحب توجيهها في نهاية هذا اللقاء؟.

- بعد سنوات من العطاء والعمل الجاد والمثمر لهذه الجمعية التي بذلت كل ما لديها في تقديم صورة مشرقة وإضافة ملامح جمالية يعترف بها الجميع وصل صداها خارج البحرين، ثمة سؤال كبير يقلقنا سؤال مشروع ومن حقنا أن نسأله لكل المؤسسات الرسمية أو الأهلية والدينية من مآتم ومساجد ودائرة الأوقاف، هذا السؤال هو إلى أين نذهب بعد سحب المقر، وتحويله إلى محلات تجارية وكنا قد طلبنا استئجاره ولم تتم الموافقة، وقد بحثنا عن أرض للمرسم بالاتفاق مع البلديات وتمت الإشارة لتلك الأرض ولكننا لم نحصل عليها.