العدد 3037 - الأربعاء 29 ديسمبر 2010م الموافق 23 محرم 1432هـ

منْ أكون؟!

تُشاغلني عيونهم لمّا تعاتبني على استحياء، وأول حديثها محبّةٌ، وآخره لغةٌ أخالها تعرفني، ولا أعرفها.

وأجزع - ولا يعرفون - كلّما شاغبتني سؤالاتهم عن ضادها؛ تلك الأنثى، وحرفٍ تعشقه ويُنكرها، وغيابٍ أضحى لها حضوراً، وحضورٍ بات لغيرها أسماءً.

وأولّ الإجاب - لو يدركون - حرفٌ لعنتُه الخَرَس؛ مثلُها، ولسانٌ كان له قبل الأمس عينٌ ترصده، وأذنٌ تخشى - أكثر ما تخشى - الصمتَ حين يتشبّه بالليل، والعسس، وصُبحي أنا!!

وأعود لذكراها قبلها، أو مثلها، فتُرعبني الرؤيا، وتُزاحمني كلماتٌ نستني وما نسيتُها، وأهملته - عشية ميلادها - لتغدو لي الأوطانُ سجوناً بالجملة.

وإذْ تسوق ناياتُهم اللحنَ نحو حتفٍ قريب، وأبصارهم شاخصة، وقلوبهم غُلفٌ،

- ورؤوس الجمع القريب ها هنا منكّسة -

أراني - قبل الكلّ - أسبقهم إليها، وحديثُها لغتي، ولُغتها يُتمٌ أنا عنوانه إذ يجيئني يسعى!!

وأبقى أمارس بالسكون بعضَ حديثٍ أذكره، لكن يُنكرون!

وعجباً أنّها - تلك التي أذكر ويذكرون - «أنا» حين لا تعنيني،

وويلي إنْ أكون «أنا» سرّها، وتظلّ حروفها في أوان الصمت تسألني من أكون؟!

هي الليل الذي إليه أرنو،

هي نجمي، والقمر، وريح حملت في كفّها إليّ أمساً قريباً، وغداً بعيداً!

هي خطوتي حين لا يكون لها انتهاء، فإذا بها فضاء!

فيا مَنْ تسألون، وعلى إيقاع حزني وذاكرتي المعطوبة تغنّون حيناً،

وحيناً ترقصون،

أنا مثلُ كلمتي، مثلُ لغتي، «منسية»،

ومثلُ ذاتي، مثلُ أنوثتي، «حيرى»،

أظلّ أدنو من الحرف، أظلّ مقبلة،

لكن حسبي أنّه طيفٌ لعوب،

ليس يعنيه كلامي، وليس يعنيه السكون!!

وكان أنْ عُدتُ، وعادت،

«لغتي»،

وحلّتها في الحضور نكهةُ طفولةٍ، وذاكرةُ ابتسام،

ففيمَ أخشى الصمتَ؟

فيمَ أخشى الكلام؟

العدد 3037 - الأربعاء 29 ديسمبر 2010م الموافق 23 محرم 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً