العدد 3038 - الخميس 30 ديسمبر 2010م الموافق 24 محرم 1432هـ

نيبال في 2011... بين وضع سياسي هش وتطلع إلى السلام

في الوقت الذي تستعد فيه بعثة الأمم المتحدة في نيبال (يونمين) للانسحاب في 15 يناير/ كانون الثاني المقبل، يجد هذا البلد نفسه في مواجهة تحد هائل يتمثل في استكمال عملية السلام التي طال انتظارها، في وقت تعصف فيه الانقسامات السياسية بهذه الدولة الواقعة في منطقة جبال الهملايا.

كان مجلس الأمن الدولي شكل بعثة الأمم المتحدة في نيبال العام 2007 لمراقبة عملية السلام في هذا البلد والإشراف على 19 ألف من المتمردين الماويين السابقين، بعد أن وقعوا اتفاق سلام مع الحكومة في العام 2006 وضع نهاية لتمرد استمر على مدار عقد من الزمان وأودى بحياة ما يربو على 16700 شخص. وكان اندماج هؤلاء المقاتلين وإعادة تأهيلهم بمثابة محور خلاف رئيسي بين السياسيين في نيبال. ومع انقضاء أيام البعثة الأممية في نيبال سريعاً، لا تزال هذه القضايا الرئيسية عالقة دون حل. قال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشئون السياسية، لين باسكو الشهر الجاري إن «عملية السلام في نيبال تتجه نحو فترة حرجة»، مضيفاً: «من المهم التوصل قريباً إلى اتفاق سياسي بشأن اندماج الجيش الماوي وإعادة تأهيله». ومع استعداد الأمم المتحدة للانسحاب، شكلت الحكومة النيبالية لجنة خاصة تتألف من 12 عضواً للتدخل من أجل استكمال عملية السلام والإشراف على المعسكرات السبع التي يعيش فيها المتمردون السابقون في أنحاء البلاد. وقال الليفتنانت جنرال المتقاعد بالاناندا شارما، رئيس اللجنة الخاصة المعين حديثاً: «نعمل من أجل ضمان تولي اللجنة الخاصة قيادة المعسكرات قبل أسبوعين من مغادرة بعثة يونمين». تكمن خطة عمل اللجنة الخاصة في تحرير المتمردين السابقين من أغلال قيادة الحزب الماوي بحلول نهاية الشهر الجاري. ورغم ذلك، لم تلق الخطة قبولاً كاملاً من الماويين. فيقول المتحدث باسم الجيش الماوي، تشاندرا براكاش خانال: «ليس لدينا أي اعتراض بشأن إخضاع المقاتلين لقيادة الحكومة، لكننا نريد أن تظل سلسلة قيادة جيش التحرير الشعبي سليمة دون المساس بها». ويقول الماويون إن جيش التحرير الشعبي يجب أن يكون على قدم المساواة مع الجيش الوطني. وأوضح نائب رئيس الحزب الشيوعي النيبالي الموحد (الماوي)، موهان بايدهيا: «لا نريد أن يشعر حزب التحرير الشعبي بالاستسلام. يجب ألا يدمر الاندماج معنوياته». وتقول أحزاب سياسية أخرى إن الجماعات المقاتلة التي تتبنى مبادئ سياسية بالفعل لا يمكنها الانضمام إلى الجيش الوطني. باتت عملية السلام الآن تتوقف على اتفاق بين الماويين والأحزاب الأخرى بشأن عدد المقاتلين الماويين المقرر إدماجهم مع الجيش الوطني وإعادة تأهيلهم، الأمر الذي لم يتضح بشكل كاف حتى الآن. كما يدفع الماويون باتجاه إدراج التجنيد الإجباري لكافة المواطنين النيباليين في الدستور الجديد، وهي قضية تلقى معارضة قوية من أحزاب أخرى تصفها بأنها «استمرار لعقلية الجيش الماوي».

تلك الخلافات كانت تهيمن إلى حد ما على المشهد السياسي في العام 2010، ذلك العام الذي شهدت فيه نيبال حالة من التقلب وتمزقت بفعل الخلاف بين السياسيين حول لفيف من القضايا. وفي يونيو/ حزيران الماضي، استقال رئيس الوزراء النيبالي، مادهاف كومار بضغط من الماويين، لتخضع نيبال لسلطة حكومة انتقالية تحت قيادته. وتسببت الانقسامات داخل البرلمان في فشله في انتخاب حكومة جديدة 16 مرة منذ ذلك الحين. كما ينتظر هذا البلد دستوراً جديداً، حيث تم تحديد موعد نهائي لصياغته في مايو/ أيار المقبل. جرى تمديد فترة انتداب البعثة الأممية، التي بدأت بعام واحد ، سبع مرات بينها ثلاث في العام 2010، وذلك بناءً على طلب الحكومة في الوقت الذي ألقى الخلاف السياسي بظلاله على عملية السلام. وقال وزير شئون السلام النيبالي، راكام تشيمجونج: «ستتولى اللجنة الخاصة أو أي آلية أخرى دور بعثة (يونمين) في المراقبة في حال لم يتم استكمال عملية السلام بحلول منتصف يناير المقبل». وتطرح الحكومة والأمم المتحدة أيضاً فكرة تشكيل وحدة أممية خاصة للتدخل وتولي دور بعثة «يونمين». هكذا تجد نيبال نفسها في وضع سياسي هش، في الوقت الذي تنشغل فيه بأفكار جديدة بشأن الاتحادية والحكم الذاتي الإقليمي وتواجه فيه آثار صراعها. وكانت نيبال أعلنت قيام الجمهورية بعد 240 عاماً من الملكية عقب انتهاء حربها الأهلية. ورغم ذلك، ومع جنوح السياسيين إلى الخلاف وعدم الالتزام بالمهلة النهائية، فإن وضع «السلام» وصياغة الدستور بالنسبة لنيبال مثلهما كمثل شخصية جودو بطل مسرحية الكاتب العبثي، صامويل بيكيت، إذ يترقب هذا البلد لحظة إعادة ميلاده وطي صفحة ماضيه الأليم.

العدد 3038 - الخميس 30 ديسمبر 2010م الموافق 24 محرم 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً