العدد 3038 - الخميس 30 ديسمبر 2010م الموافق 24 محرم 1432هـ

لبنان يستقبل العام 2011 بانتظار القرار الظني للمحكمة الدولية

تابع لبنان خلال العام 2010 أزمته الداخلية جراء الاختلاف على المحكمة الدولية الخاصة باغتيال رئيس الوزراء الراحل، رفيق الحريري، وما قد يحمله القرار الظني المرتقب من صواعق تفجير سياسية وأمنية، في ظل توقع توجيه المحكمة أصابع الاتهام إلى عناصر من «حزب الله».

وكان الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله أكد في يوليو/ تموز الماضي، أن رئيس الحكومة اللبنانية، سعد الحريري أبلغه أن القرار الظني باغتيال والده سيتهم عناصر «غير منضبطة» في حزب الله. وأشار نصرالله إلى أن كل المعطيات لدى «حزب الله» تشير إلى أن القرار الظني كتب قبل التحقيق مع عناصر الحزب، وتحديداً في العام 2008، وتأجل إصداره ربما لأسباب سياسية، محذراً « من أنه تم إدخال لبنان في مرحلة حساسة جداً... من باب المحكمة الدولية». ويعتبر «حزب الله» والمعارضة السابقة أن المحكمة الدولية تستهدف المقاومة ولبنان معاً من خلال بث الفتنة وتهديد الاستقرار فيه واستباحة سيادته القضائية وأمنه، وأنها فاقدة لأدنى معايير المصداقية والعدالة، ومسيرتها حافلة بـ «شهود الزور»، وقرارها الاتهامي المزمع إصداره هو قرار «مفبرك ومزوّر»، تحرّكه أميركا من أجل الضغط على المقاومة وإحراجها وخلق توترات في لبنان لمصلحة إسرائيل.

وأنشئت المحكمة الدولية العام 2007 بموجب قرار صادر عن مجلس الأمن الدولي، وهي أول محكمة دولية ضد الإرهاب مكلفة بمحاكمة المتهمين بالاغتيالات والتفجيرات التي وقعت في لبنان، وفي مقدمتها التفجير الذي أدى إلى مقتل الحريري و22 شخصاً آخر في 14فبراير/ شباط 2005، بعبوة ناسفة تقدر زنتها بأكثر من 1800 كيلوغرام.

وقال عضو كتلة حزب الله النيابية (الوفاء للمقاومة)، النائب وليد سكرية لوكالة الأنباء الألمانية «لبنان رهينة بيد المشروع الأميركي الذي يستخدم المحكمة الدولية لافتعال فتنة مذهبية سنية- شيعية لإقناع العالم العربي أن الخطر هو من إيران وليس من إسرائيل ولدفع العرب لإقامة سلام مع إسرائيل وخلق جبهة عربية ضد إيران مدعومة من تل أبيب وأميركا». وتوقع سكرية أن يذهب البلد إلى أزمة مفتوحة إذا صدر القرار الظني ولم يتم التوصل إلى تسوية خاصة بشأن محاكمة شهود الزور «لأنه بعد القرار الظني واتهام المقاومة باغتيال الرئيس الحريري، تبدأ عملية إثارة الفتنة عبر تفجيرات أمنية تقوم بها مخابرات عالمية أميركية أو إسرائيلية أو غيرها ممن يقفون خلف هذه المؤامرة». وأشار إلى» أن المخابرات العالمية قد تلجأ إلى «وضع متفجرات أو اغتيال عدد من الشخصيات، لتصعيد الاحتقان في الشارع ما بين السنة والشيعة وإقناع العالم العربي بأن الخطر هو من إيران والقول لهم أنظروا ما الذي يفعله حزب الله الشيعي بالسنة في لبنان»، مضيفاً «هذا يدخل لبنان في أزمة مفتوحة لا نعرف كيف تنتهي». ويصر فريق 14 آذار على ضرورة أن ينتظر حزب الله صدور القرار الظني، فيما يرفض الحزب أي شكل من أشكال الاتهام.

وقال عضو كتلة المستقبل النيابية التي يتزعمها رئيس الحكومة، سعد الحريري، النائب عاطف مجدلاني لوكالة الأنباء الألمانية «الأزمة في لبنان عنوانها المحكمة الدولية وموضوع شهود الزور، والوضع في لبنان سيراوح مكانه سياسياً بما فيه وضع الحكومة، حتى صدور القرار الاتهامي المتوقع صدوره في غضون أيام أو أسابيع». وتابع «هناك إصرار من حزب الله ومن حوله على إحالة ملف شهود الزور إلى المجلس العدلي بهدف إيقاف المحكمة الدولية، لأن المجلس العدلي سيطلب عندها من المحكمة الدولية إحالة كامل ملف اغتيال الرئيس رفيق الحريري إليه ما يلغي المحكمة». وأضاف «نحن مصرون على عدم وصول ملف شهود الزور إلى المجلس العدلي، الذي لا يمكن أن يعالج قبل صدور القرار الاتهامي، ونحن مصرون على المحكمة الدولية لأن لنا ملء الثقة بها»، مضيفاً «لا يستطيع أحد إيقاف المحكمة الدولية سوى قرار مجلس الأمن الذي أنشأها». و»شهود الزور» هم مجموعة من الشهود ارتكز عليهم المحقق الدولي ديتليف ميليس في توجيه الاتهام لسورية باغتيال الحريري، وسجن أربعة ضباط كبار لنحو4 سنوات. وقال مجدلاني «بعد صدور القرار الاتهامي الذي سيسمي أشخاصاً وليس طائفة ولا حزب، تتم دراسته من قبل الحكومة مجتمعة التي تتخذ قراراً بشأنه بناءً على الأدلة التي استند إليها، فإذا كانت الأدلة دامغة لا نستطيع أن نرفض، وعلى حزب الله أن ينتظر صدور القرار الاتهامي».

وكان الأمين العام لـ «حزب الله» قدم في أغسطس/ آب الماضي قرائن ومعطيات تشير إلى إمكانية تورط إسرائيل في اغتيال الحريري، تضمنت عرض صور التقطتها طائرات استطلاع إسرائيلية ترصد الطرق التي كان يسلكها موكب الحريري، ولكن لم يتحرك أحد من المحكمة الدولية للتحقيق مع الإسرائيليين.

وتنشط المساعي السعودية - السورية التي بدأت بعد زيارة إلى لبنان، قام بها العاهل السعودي، الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس السوري، بشار الأسد، في يوليو/ تموز الماضي، بهدف احتواء التوتر السياسي القائم في البلد وإيجاد حل للأزمة. كما زار لبنان كل من الرئيس الإيراني، محمود أحمدي نجاد ورئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، وحث الرجلان الأطراف اللبنانية على ضرورة حلّ الأزمة فيما بينهم.

في المقابل تنشط أميركا بتقديم الدعم للحكومة اللبنانية والمحكمة الدولية، حيث أعلنت الإدارة الأميركية مراراً وتكراراً على لسان أكثر من مسئول، التزامها سيادة لبنان، وسلامة أراضيه ووحدته واستقلاله السياسي ودعم المحكمة الدولية. ويطالب «حزب الله» والمعارضة السابقة بمحاكمة «شهود الزور» مؤكدين أن الطريق الوحيد لكشف حقيقة من قتل الرئيس الراحل رفيق الحريري هو ملاحقتهم. واتهم نصر الله في خطاب مؤخراً الحكومة اللبنانية بحماية شهود الزور، وأعطى الفريق اللبناني الداعم للمحكمة الدولية ما يشبه الفرصة الأخيرة لتجنب الصدام الداخلي من خلال دعوته له تحييد ذاته، وترك المواجهة تأخذ مداها بين الحزب والمحكمة حصراً. كما اعتبر نصر الله أن المحكمة الدولية تحمي شهود الزور، وأن «ديتليف ميليس ونائبه غيرهارد ليمان شريكان في تصنيعهم، وأن هناك قيادات سياسية وأمنية في لبنان صنّعتهم، كما أن الحكومة اللبنانية تحميهم، وتحمي من صنعهم». وأعلن رفضه «لأي فتنة بين المسلمين، وخصوصاً بين الشيعة والسنة، وحرصه على مواجهة أي شكل من أشكال الفتنة لأنها مشروع أميركا وإسرائيل». وكان رئيس الوزراء، سعد الحريري اعترف للمرة الأولى، خلال مقابلة له مع صحيفة الشرق الأوسط، في سبتمبر/ أيلول الماضي أن شهود الزور «ضللوا التحقيق» في اغتيال والده، وقال إن هؤلاء ألحقوا الأذى بسورية ولبنان، وخربوا العلاقة بين البلدين وسيسوا الاغتيال، معتبراً أن اتهام سورية بعملية الاغتيال كان «اتهاماً سياسياً». ويطالب وزراء «حزب الله» والمعارضة السابقة بأن يتصدر ملف «شهود الزور» جدول أعمال أية جلسة لمجلس الوزراء كشرط للمشاركة فيها. وتعجز الحكومة منذ العاشر من نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي عن حسم هذا الملف، بسبب مطالبة وزراء المعارضة بإحالته إلى المجلس العدلي، ورفض رئيس الحكومة لذلك، وتمنع رئيس الجمهورية ميشال سليمان عن طرحه للتصويت في مجلس الوزراء، تخوفاً من مزيد من الانشقاق، وهي غير قادرة حتى اليوم على معالجة أي ملف قبل حسم ملف شهود الزور. وتنشط المساعي للتوصل إلى مخرج لملف «شهود الزور» قبل وصول جميع الفرقاء إلى طريق مسدود وتكريس الانقسام الحكومي على هذا الملف. وكان شهر أغسطس الماضي شهد اشتباكاً بين الجيش اللبناني والجيش الإسرائيلي، في منطقة العديسة عندما حاول الإسرائيليون إزالة شجرة داخل الأراضي اللبنانية لتركيب كاميرات مراقبة على الحدود فمنعتهم قوة من الجيش اللبناني وأدى الاشتباك إلى مقتل جنديين وصحافي، فيما قتل ضابط إسرائيلي برتبة مقدم. كما شهد شهر أغسطس أيضاً مقتل عبد الرحمن عوض، زعيم تنظيم «فتح الإسلام» الأصولي، إثر اشتباك مع الجيش اللبناني في بلدة شتورة في وادي البقاع شرق لبنان. وشهد العام الجاري انتهاكاً شبه يومي من قبل الطائرات الحربية الإسرائيلية للأجواء اللبنانية، وتكرر إطلاق النار من قبل الزوارق الحربية الإسرائيلية باتجاه المياه الإقليمية اللبنانية. وتطالب السلطات اللبنانية الأمم المتحدة بالضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها على لبنان. وتمكن الجيش اللبناني في منتصف الشهر الحالي من تفكيك منظومتي تجسس زرعتها إسرائيل في مرتفعات جبل صنين وجبل الباروك الواقعين في سلسلة جبال لبنان الغربية نتيجة معلومات حصلت عليها مديرية المخابرات في الجيش اللبناني من مصادر المقاومة، فيما شهد العام2010 اعتقال عدد كبير من «عملاء» المخابرات الإسرائيلية، بعضهم عسكريون وصدرت بحق خمسة منهم أحكام بالإعدام. ودخل لبنان حالياً مرحلة الأعياد، من دون اجتماع لحكومته، وفي ظل خلاف واصطفاف سياسي عميق حيال المحكمة الدولية وشهود الزور، بانتظار عام جديد ربما تنجح فيه المبادرة السورية السعودية بلجم التدهور واجتراح تسوية تقي البلاد والعباد شر الفتنة.

العدد 3038 - الخميس 30 ديسمبر 2010م الموافق 24 محرم 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • مازن البحراني | 12:11 م

      سلام

      السلام عليك يا سيدي ومولاي يا سيدنا يا نصر الله
      ورحمة الله وبركاته

    • زائر 1 | 2:58 ص

      بحرانيه ابا عن جد وفتخر

      اللهم احفظ نصرالله ونصر حزب الله ورد كيد الاعداء الى نحورهم
      عار عليك ياحريري عار تستغل دم ابوك لمأرب سياسي
      وترتمي بأحظان امريكا وسرائيل

اقرأ ايضاً