مع اجتياح الازمة المالية العالم كله، هددت جميع الكيانات الاقتصادية سواء كان الكيان الاقتصادي المتطور أو الكيان الاقتصادي النامي تهديدا شديدا. وتحت هذه الخلفية، ازدادت مناقشات تجريها جميع الاطراف بشأن اصلاح النظام النقدي الدولي يوما بعد يوم.
وشارك محافظ بنك الشعب الصيني في هذه المناقشات ايضا. ففي يوم 23 مارس/ آذار 2009، في مقال نشره على الموقع الالكتروني لبنك الشعب الصيني تحت عنوان «عن تفكير بشأن اصلاح النظام النقدي الدولي»، قال تشو شياو تشوان، إن اندلاع هذه الازمة المالية وانتشارها في العالم كله يعكس أن النظام النقدي الدولي الجاري تكمن فيه نواقص باطنية ومخاطر انتظامية.
ويرى تشوان أنه تحت النظام النقدي الدولي الجاري الذي شكلته العملات الاحتياطية في دول منفردة، وبالنسبة الى دول العملات الاحتياطية، يوجد دائما تناقض بين سياسة النقد المحلية ومطالب جميع الدول للعملة الدولية للاحتياطيات، مؤكدا أن خلق عملة دولية احتياطية منفصلة عن دول منفردة وقادرة على المحافظة على بقائها مستقرة على المدى الطويل في قيمتها، ما يزيل العلل الملازمة الناتجة عن استخدام عملات وطنية ترتكز على الائتمان، باعتبارها مدخرا احتياطيا دوليا، هو هدف مطلوب لإصلاح النظام النقدي الدولي.
أثار الاقتراح الذي قدمه تشوان مناقشات حادة بين المسئولين والمستثمرين في العديد من الدول. وباعتبارها دولة تصدر الدولار الذي يعد علمة دولية رئيسية جارية للاحتياطيات، رفضت الحكومة الأميركية رفضا تاما ضرورة خلق عملة دولية للاحتياطيات.
وقال الرئيس الأميركي باراك أوباما في مؤتمر صحافي عقده ليلة يوم 24 مارس 2009 «لا أرى ضرورة خلق عملة دولية (جديدة) للاحتياطيات». كما قال وزير الخزانة الأميركي تيموثي غايثنر ورئيس مجلس البنك الفيدرالي برنانكي أيضا إن الولايات المتحدة لن تتخلى عن مكانة الدولار الذي يعتبر عملة دولية للاحتياطيات.
ويرى المحللون، أن المناقشات بشأن خلق عملة دولية جديدة للاحتياطيات، تتعرض لمعارضة من قبل الدول الرئيسية التى تصدر العملات الدولية للاحتياطيات بكل تأكيد، لأن هذه الدول من المؤكد أنها لا ترغب في أن تتخلى عن الفوائد الهائلة التي حققتها هذه الدول التس تعتبر دولا تصدر العملات الدولية للاحتياطيات، ولكن ذلك لن يوضح ابدا أن المجتمع الدولي لا يحتاج إلى مناقشات بشأن إصلاح النظام النقدي الدولي.
وقال النائب الأول للمدير العام لصندوق النقد الدولي جون ليبسكي يوم 24 مارس 2009 إنه بعد اندلاع الأزمة المالية، حاولت جميع الاطراف أن تبحث عن سبل خاصة لتحسين النظام النقدي الدولي، وأن المناقشات بشأن خلق عملة دولية للاحتياطيات «طبيعية جدا».
قال ليبسكي في مؤتمر صحافي عقد بواشنطن، إن الاقتراح الذي قدمه تشوان بشأن خلق عملة دولية جديدة للاحتياطيات هو اقتراح «جدي للغاية». واضاف قائلا «إنني واثق كل الثقة أن المناقشات بشأن خلق عملة دولية جديدة للاحتياطيات، والمناقشات بشأن اصلاح النظام النقدي الدولي، ستتواصل.
والحقيقة، أن اقتراح تشوان يشكل جزءا من المناقشات الأوسع النطاق بشأن اصلاح النظام النقدي الدولي في المجتمع الدولي. خلال الفترات الاخيرة، اقترحت العديد من الاطراف بما فيها فرقة خبراء تابعة للأمم المتحدة، وعدد غير قليل من الكيانات الاقتصادية في الاسواق الناشئة، تجنب وقوع الأزمة المالية الجارية في المستقبل.
ودعت فرقة خبراء عينتها الأمم المتحدة إلى أن استخدام سلة من النقود الرئيسية في تشكيل نظام نقدي دولي جديد، يعتبر جزءا من عمليات اعادة تشكيل النظام النقدي الدولي متوسط وطويل الامد. واقترحت هذه الفرقة تحت قيادة جوزيف ستيجالز الأميركي الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد ايضا إصلاح صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لرفع شفافية هاتين الهيئتين الماليتين الدوليتين، وتوسيع حق الحوار للكيانات الاقتصادية الناشئة والدول النامية في الهيئتين.
وفي الوقت نفسه، تحدث مسئول روسي عن امكانية استخدام نوع جديد من العملات الدولية للاحتياطيات. واعرب الجانب الروسي عن اعتقاده بأن هذا الاقتراح لقي تأييدا من الكيانات الاقتصادية الناشئة الرئيسية: البرازيل، والهند، وكوريا الجنوبية وجنوب إفريقيا.
وأشار تشوان، في مقالته إلى أن العملة فوق السيادية للاحتياطيات، تستطيع أن تخترق التناقض القائم بين هدف السياسة المحلية والوظائف الدولية التى تمتاز بها عملتها لدولها التي تصدر عملات سيادية للاحتياطيات، وذلك يساعد في تعزيز الاستقرار في النظام النقدي الدولي، كما يساعد ايضا في دفع تنمية اقتصاد العالم. وأكد، على وجه الخصوص، أنه يمكن توسيع حدود استخدام صندوق النقد الدولي لحق سحب المال الخاص (SDR) له، ودفع استخدام الحق في سحب المال لتحديد الاسعار في التجارة الدولية، وتحديد اسعار السلع بكميات كبيرة والاستثمارات، وتسجيل الحسابات في المؤسسات.
وقالت الخبيرة في المسألة الاقتصادية الدولية بمعهد المسائل الدولية الملكي البريطاني، فانيسا روسي، في مقابلة صحافية اجرتها معها إذاعة أميركية، إنه انطلاقا من الفترات الطويلة نرى أنه يجب على العديد من الدول أن ترحب بقبول الاقتراح حول استخدام العملة الدولية للاحتياطيات، ويساعد هذا الاقتراح في تخفيف حدة الضغط الذي واجهه النظام النقدي الدولي الجاري خلال السنوات الماضية.
العدد 2440 - الإثنين 11 مايو 2009م الموافق 16 جمادى الأولى 1430هـ