سيطرت أخبار تونس على المشهد الإعلامي في مختلف وسائل الإعلام لاسيما منذ يوم الجمعة الماضي وحتى لحظة كتابة هذا المقال التي توالت أحداثها بشكل متسارع فيه ما هو تصحيح للمعلومة وفيه ما هو تكذيب للمعلومة وذلك في سباق إعلامي تلفزي واضح تأثر بشكل كبير بما صنعته أدوات الإعلام الجديد في نقلها مجريات الحدث.

إن ما حدث في المشهد التونسي يبرهن أن الأساليب التقليدية ما عادت مجدية في إخماد صوت الشعوب في مطالبها المعيشية والحقوقية، ولعل ما جاء في تقرير نشرته قناة ام بي سي الأميركية أمس أوضح أن شبكات التواصل الاجتماعي مثل تويتر والفايسبوك استطاعت أن تكشف الممارسات التي كان النظام التونسي السابق يقوم بتعتيمها كما هو حال التلاعب في مفاهيم ومصطلحات حقوق الإنسان والحرية والديمقراطية أي تفصيلها بالمقاس الذي يناسب الأسلوب الذي يبتر لسان الحق في أوساط متعلمة لا أمية».

وأضاف التقرير «أن ثورة تونس انطلقت بادوات واجهزة الاعلام الجديد المختلفة لتنقل ما تريد نقله من صوت وصورة ونص في اقل من ثانية ليصل لاكبر قدر من دول العالم التي تتابع وترى وتسمع ما يحدث لحظة حصول الحدث من طلق ناري الى هتاف شعبي الى انتحار شاب بحرق نفسه امام مرأى الناس».

القناة الاميركية اشارت الى ان صحافة المواطنة استطاعت ان تسقط نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي الذي صادر حريات التونسيين على مدى 23 عاما من نظام لم يعترف الا بسماع صوت واحد ونظام امني يقمع من ينتقد او يعارض هذا الصوت.

هذا التقرير الذي تناقلته مختلف وسائل الإعلام في العالم امس كما هو ومنها الصحافة وخصوصاً البريطانية التي تكلمت هي الأخرى عن أن «ما حدث في تونس لم يكن بقيادة دينية أو سياسية ولكن انفجر الوضع بشكل تلقائي» كما قالت صحيفة الغارديان.

وهو ما يعني ان ما يحصل في مشهدنا العربي ليس ارهابا بقدر ان الشعوب ملت من وضع لا يرأف بحالها ولا يحترم حقوقها. ويكفي ان نسمع كلام شاب تونسي تكلمت معه البي بي سي امس لتسأله لماذا نزل في الشارع رغم انه غير عاطل ويملك عملا فأجاب «نزلت لانني سئمت الخوف وسئمت الكذب وسئمت الوعود وسئمت المنع... اريد عدالة والعدالة هي التغيير»