العدد 3058 - الأربعاء 19 يناير 2011م الموافق 14 صفر 1432هـ

سويد... قلق، متحمس، مجتهد، رسام مبدع ولا يأبه للفوز كثيراً

تألق في العرض القطري «مجاريح» بمهرجان المسرح بالدوحة

لم تحصد مملكة البحرين كثيرا من الجوائز في الدورة الحادية عشرة لمهرجان المسرح الخليجي الذي أقيم في العاصمة القطرية الدوحة في الفترة 22-28 ديسمبر/ كانون الأول الماضي وذلك ضمن فعاليات الدوحة عاصمة للثقافة العربية 2010. رغم ذلك فقد كانت المشاركة البحرينية، بشهادة جميع من حضر المهرجان متميزة، ولعل أبرز ما تميز فيها، المشاركة الرائعة للفنان عبد الله سويد في العمل القطري «مجاريح» وهو العمل الذي حصد بجدارة يشهد لها الجميع معظم جوائز المهرجان. سويد تألق بشكل شهد له به معظم من حضروا العرض القطري تقريباً، كثيرون توقعوا له جائزة أفضل ممثل لكنها ذهبت للفنان القطري علي ميرزا الذي شاركه بطولة العمل والذي كان هو الآخر لا يقل تألقاً عن سويد.

لكن سويد لم تقلقه كل التكهنات، لم يزعجه ألا يحصد أي جائزة، أعلن موقفه بصراحة وكرر أن فوز «مجاريح» كأفضل عرض متكامل هو الفوز الحقيقي له، وأضاف بأن «هناك الكثير من الكلام حول النتائج إذ يرى البعض أن «مجاريح» ليس أفضل عرض وان هناك عروضاً أخرى تستحق الجوائز التي حصل عليها هذا العمل. في المقابل يرى البعض أن جائزة السينوغرافيا كان من الواجب أن تذهب إلى «مجاريح» ويرى آخرون أنه كان يجب أن يحصل سويد على جائزة أفضل تمثيل وأنا أقول إذا كان لي نصيب في أي جائزة فسوف أحصل عليها عاجلا أم آجلا، ثم أن جائزتي الكبرى هي في الإشادات التي حصلت عليها من الجمهور وأثناء الندوة التطبيقية، بالإضافة للإشادات التي وصلتني من كثير من المشتغلين في الوسط الفني حتى أصحاب العروض المرشحة والمنافسة لعرض «مجاريح».

ويواصل سويد «ناهيك عن ذلك حصل العرض على جائزة الشارقة كأفضل عرض متكامل، كان هذا طموحنا جميعاً في طاقم العمل، وكنا متفقين بأن نسعى في هذا الاتجاه. لقد اجتهدنا في التدريبات بشكل كبير لدرجة أننا كنا نتدرب في جو بارد في ساحة مكشوفة بإحدى المدارس حين كان المسرح مشغولاً».


إشادات وأداء مقنع = فوز حقيقي

حصد سويد جائزة أم لم يحصد، الأمر سيان بالنسبة له، وقضية الجوائز شكلية رغم كل شيء، فهذا الفنان البحريني الطموح المتمكن من أدواره حداً يشبه الإتقان، سعيد بكل الإشادات التي حصل عليها من الجميع لأدائه المتقن، واثق من أن ذلك يعني تمكنه من إيصال الشخصية بصورة أثرت في كل من شاهد العرض تقريبا. يقول سويد «مجاريح» محطة مهمة لي بالنسبة لي، لا استطيع أن أقول إن هذا أقوى وأفضل ما عندي على الإطلاق فلدي طموح بتقديم الأفضل في المستقبل، لكن يمكنني القول إنني قدمت أفضل ما لدي في هذا الفترة. أتمنى أن أكون قدمته بالصورة المطلوبة، وأنا شخصياً راضٍ عن أدائي في العمل، وعن العمل ككل على رغم التغيير الذي حدث في بعض الشخوص، ما جعلنا ندخل مرحلة قلق من دخول التحدي على جوائز المهرجان، لكن ما حدث هو أننا وقعنا أمام تحدٍ من نوع خاص رفع إيقاعنا جميعاً وجعل عملنا أكثر جودة».

يشار إلى أن مسرحية «مجاريح» عرضت للمرة على مسرح قطر الوطني للمشاركة في احتفالية الدوحة عاصمة للثقافة العربية 2010 ثم تم عرضها مرة أخرى أمام لجنة اختيار النصوص لمهرجان المسرح الخليجي، ويشير سويد إلى أنه «في العروض الأولى كان الفنان غازي حسين هو الذي يقوم بدور النوخذه وقد كان له حضور طاغٍ وأداؤه هو ما جعل عملنا يرشح للمشاركة. بعدها حل محلة الفنان علي ميرزا الذي كان على قدر المسئولية وتمكن من أن يحقق جائزة أفضل ممثل دور ثانٍ».


حماس منقطع النظير...

قد يكمن السر في التميز لدى سويد في القلق والحماس اللذين اعترياه منذ البداية ومنذ الاتصال الذي تلقاه من مخرج العمل ناصر عبدالرضا في شهر يوليو/ تموز الماضي «حدثني ناصر عن النص وقال إنه يراني في دور فيروز، وصف لي الدور بالجميل. ملأني ذلك حماساً ثم تزايد حماسي بعد قراءة النص فهو مكتوب بشكل جميل، هو في الواقع من أجمل النصوص التي قرأت، كاتبه إسماعيل عبدالله يعتني كثيراً بالكلمة، كلماته لها جرس وإيقاع جميلان يجعلانك تتلذذ وأنت تلقيها وتكررها. لقد شعرت بكل كلمة ألقيتها ولذا أحببت النص».

ويواصل «حقيقة لاحظ مخرج العمل حماسي للدور منذ أول البروفات، وعبدالرضا لمن لا يعرفه هو من المخرجين الذين يحببون الفنان في العمل بسبب أسلوبه الودي في التعامل».

ولعل ما زاد حماس سويد اشتعالاً هو ذلك الجو الودي المحبب الذي تمكن المخرج وطاقم العمل جميعاً من أن يخلقوه أثناء التدريبات «قمنا بعمل التدريبات الأولى في مقر الفرقة وهو عبارة عن صالة صغيرة... كنا نجتمع فيها يوميا وكان عددنا كبيراً. عشرة إيقاعيين ومغنيين مع فاطمة شداد والممثلون جميعا لدرجة أننا حين انتقلنا إلى المسرح شعرنا أن خطواتنا أصبحت كبيرة. خلق هذا نوع من الألفة بيننا واكسبنا كفريق عمل علاقة غير عادية فاندمجنا مع بعضنا البعض. في الواقع كنت قلقا في البداية من ألا يحدث ذلك، ومن أن أواجه مشكلة في التفاهم مع طاقم العمل، وخاصة أن العلاقة يجب أن تكون قوية بيني وبين الزوجة «نهاد عبدالله» وكذلك مع البنت «فوز الشرقاوي». كنت قلقاً ألا يتم تقبلي، لكن الحمد الله انكسر هذا الحاجز منذ البداية ووجدت لدى جميع أفراد طاقم العمل اهتماماً متميزاً وغيرة بريئة وجميلة على العمل».


... وقلق متزايد

ذلك الحماس صحبه قلق كان يتزايد يوماً بعد آخر»كنت قلقا جدا، أولاً لأنني أقدم العمل خارج البحرين، ثم إنني أشارك في مهرجان خليجي وهو أمر لم أفعله منذ سنوات. بعدها تزايد قلقي حين علمت أن العرض سيقدم ضمن احتفالية الدوحة عاصمة للثقافة العربية 2010، وإنه مرشح لدخول مهرجان الفرق المسرحية الأهلية بدول مجلس التعاون الخليجي. وعلى الرغم من أن حجم المسئولية حينها أصبح أكبر، إلا أن المتعة لم تنقص».

«المشكلة التي واجهتها تمثلت في قدرتي على حفظ النص فأنا لم أكن معتاداً على حفظ حوار فيه هذا القدر من السجع، وحتى المفردات كانت مستخدمة بشكل مميز لم يمر علي قبل هذا. في الواقع كنت أريد الالتزام بشكل تام بالنص، لم أرغب في تبديل الكلمات والمفردات بما هو أسهل منها في الحفظ وربما زاد ذلك من صعوبة الأمر بالنسبة لي».


قلق المبدعين... شخبطات ورسوم

لكن هذا القلق هو في الواقع قلق مبدع جعل سويد يلجأ لمهارات ومواهب أخرى فاجأنا بذكرها «استعددت للمسرحية بشكل كافٍ لدرجة أني كنت أحاول أن أعبر عن الحالة التي يفترض مني تقديمها عن طريق الرسم، فأنا من محبي الرسم وكنت أرسم صوراً وأشخبط عبارات تنقلني لما يجب أن تكون عليه حالة الشخصية التي أقدمها في هذا المشهد أو ذاك. لقد ساعدني هذا بالفعل على حفظ ما وجدته صعباً من عبارات ومفردات».


لمسات كاتب متميز ومخرج مبدع

لا يعود إعجاب سويد بالنص لمفرداته وعباراته ذات السجع الجميل وحسب بل إلى ما اختاره الكاتب الإماراتي إسماعيل عبدالله من فكرة لنصه ذاك «كثير من النصوص ناقشت موضوع العبودية، لكن هذا النص أخذنا إلى قضية ابعد من ذلك حين تطرق إلى موضوع الحرية التي ناقشها في ثلاثة أشكال هي حرية اختيار البنت ورغبة الأب في التحرر من العبودية ثم الحرية في العودة إلى مسقط رأسه».

«هذه ليست المرة الأولى التي تعالج فيها مسألة الحرية والعبودية في النصوص الخليجية، لكنها هذه المرة قدمت بإطار مختلف من قبل الكاتب، ثم عرضت باجتهاد متميز من قبل المخرج ناصر عبدالرضا، ففي النص الأصلي كان فيروز هو العازف الوحيد الذي يعزف على آلة الهبان، لكن ناصر احدث بعض التغييرات فأدخل الفنان القطري محمد الصايغ الذي يملك طاقة جميلة، وهو قادر على الغناء والتمثيل وقد توقعنا أن يحصل على شهادة تقدير أو جائزة في المهرجان لأنه نواة لفنان شامل قادر على العزف والغناء وكان بحثه وجهده واضحين حول الفنون الشعبية التي قدمها العبيد في منطقة الخليج العربي مثل الطنبورة والليوة».

ويشير سويد «لمسات ناصر هي ما زادت من تميز النص، والكاتب اسماعيل عبدالله يشهد بذلك وقد أبدى إعجابه بالعمل ووجد العرض القطري أجمل حتى من العرض الذي قدم في الإمارات للعمل ذاته. هذه شهادة نعتز بها ونفخر بالحصول عليها على الأقل لأن كتّاب النصوص في العادة لا يوافقون على إحداث أي تغييرات على نصوصهم».


توقعت فوز «فوز»

وفيما إذا كان له دور في اختيار الفنانة فوز الشرقاوي التي حصدت جائزة أفضل (ممثلة دور ثانٍ) وذلك للقيام بدور ابنته بعد اعتذار الفنانة العمانية غادة الزدجالي التي قدمت الشخصية في العرضين الأوليين لعمل «مجاريح» يقول سويد «نعم، رشحتها للعمل وخصوصا أن فوز قامت بحضور دورات في المسرح في بريطانيا وشاركت مسبقا في مسرحية «عذاري» التي دخلت المنافسة في مهرجان المسرح في البحرين، كما شاركت في مهرجان المسرح التجريبي في مصر وحققت نجاحاً جميلاً في المرتين، لدرجة أن بعض حضور العرض في مصر يتذكرونها حتى اليوم».

ويضيف «أعرف أن فوز تملك طاقة جميلة كما ان شكلها مناسب للدور. بالنسبة لها فقد أعجبت بالنص منذ البداية، وأدت الدور بشكل مميز رغم أنه أول دور لها في عمل شعبي، وحقيقة تمنيت حصولها على جائزة في المهرجان وأخبرتها بذلك وخصوصا أني كنت أجدها تستحق جائزة عن أدائها في مسرحية «عذاري». أنا الآن سعيد جداً بفوز فوز وأعتبره فوزاً لي».

يشار إلى أن المشاركة البحرينية في العرض القطري «مجاريح» الذي فاز بعدد من جوائز المهرجان تمثل أهمها في جائزة الشارقة لأفضل عرض متكامل، تمثلت في الفنان عبدالله سويد والفنانة فوز الشرقاوي وعشرين شاباً شاركوا المغنية القطرية فاطمة شداد تقديم وصلات غنائية شعبية ازدهى بها العمل القطري وتكامل.

العدد 3058 - الأربعاء 19 يناير 2011م الموافق 14 صفر 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً