العدد 3059 - الخميس 20 يناير 2011م الموافق 15 صفر 1432هـ

فخرو: أهدرنا فرصة استغلال الثروة البترولية بشكل صحيح

دعوة لتطبيق الاستفتاء في القضايا المصيرية ... ولا بديل عن الأنظمة الديمقراطية

فخرو يقدم محاضرته في جمعية تاريخ وآثار البحرين
فخرو يقدم محاضرته في جمعية تاريخ وآثار البحرين

دعا وزير التربية السابق علي فخرو الدول العربية إلى إعطاء الشعوب دوراً أكبر في عملية صنع القرار. وقال: «لا يمكن أن نتجنب ضياع الفرص العربية إلا بوجود نظام ديمقراطي وسياسي عادل؛ فكل الفرص المهدورة كانت بسبب قرارات فوقية»، كما دعا إلى تطبيق نظام الاستفتاء التي تعمل به سويسرا لإشراك الشعوب في صنع قرار حكوماتها على الصعيد السياسي والاقتصادي».

وتحدث فخرو في جمعية تاريخ وآثار البحرين عن «ضياع فرصة استغلال الثروة البترولية العربية في إقامة نهضة علمية وثقافية واقتصادية كبرى، وقال: «كان بمقدور الثروة النفطية الهائلة أن تبني أفضل الجامعات على مستوى العالم، كانت تستطيع الأمة العربية أن تنشئ مراكز أبحاث متميزة بالمداخيل الهائلة التي كان تأتي من عائدات النفط كانت ستبني نظاماً تعليمياً ممتازاً، وتعمّر الأرض العربية بدل أن تشيد المباني والاستثمارات في باريس ونيويورك وليساهم المال العربي في تحريك اقتصادياتها».

وأضاف «في العام 2008 كتبت أقول إن ما أضاعته الاستثمارات العربية في أميركا ما كان جزء منه سيضيع لو استثمر في الأرض العربية، كان بمقدورنا بهذه العوائد الهائلة أن نبني اقتصاداً إنتاجياً بدل اقتصادنا الاستهلاكي الذي يستنفع منه المغامرون والمستنفعون من الخارج والداخل».

وقال: «لقد كان من نتائج عدم التركيز على الاقتصاد الإنتاجي أن تحول المواطن الخليجي إلى شخص كسول بسبب نظام الدولة الريعية، لأننا لم نعتبر الثروة البترولية ثروة مجتمعية إنما اعتبرناها ملكاً لتلك العائلة توزعها كريع بحسب الولاءات والمصالح، وفي مطلع التسعينيات ظهر اقتصاد جديد هو الاقتصاد المعرفي فبرزت الصين والهند كأبرز البلدان التي تلعب دوراً مهماً وحيوياً في هذا الاقتصاد الجديد، لقد استطاع هذان البلدان أن يبنيا اقتصاداً معرفياً حقيقياً، في وقت كنا نستطيع أن نرسل الألوف للخارج لدراسة الاقتصاد المعرفي، لكننا بدلاً من ذلك صرنا نجلب الشركات لإدارة شئوننا المعرفية والتكنولوجية، والنتيجة أن الخليج يعج اليوم بالعشرات من الشركات التي تتلقى الملايين نظير خدماتها».

وأوضح أن «مجلس التعاون أنشأ في 1980، ومرت الآن 30 سنة وإلى اليوم لم تقم وحدة حقيقية بين هذه الدول... لا أقول وحدة اندماجية في الميادين الحيوية التي أبرزها الاقتصاد... من المؤسف أننا لم نتمكن بعد 25 سنة من المداولات أن نوحد العملة».

وتابع «بعد ثلاثين سنة من قيام مجلس التعاون الخليجي لم نستطع حتى أن نشكل قوة في مستوى حلف الناتو والغريب أنك تجد أن كل واحدة من دول مجلس التعاون معاهده مع أميركا وبريطانيا وفرنسا وربما مع إسرائيل».

وتساءل فخرو: «كيف نتجنب ضياع الفرص العربية في حياة الأمة؟». قائلاً: «لا يمكن أن نتجنب ضياع الفرص العربية إلا بوجود نظام ديمقراطي وسياسي عادل. كل الفرص المهدورة كانت بسبب قرارات فوقية، ضياع الأندلس بالمناسبة كان للسبب ذاته، ضياع الأندلس ليس بسبب الشعوب بل بسبب النخبة الحاكمة». وذكر أن «لابد أن يكون هناك قانون الاستفتاء ليحدد المواضيع الوطنية الملحة التي تتعلق بحاضر ومستقبل الشعوب تماماً كما يحدث في سويسرا، التي تأخذ رأي شعبها في النظام الضريبي أو في بناء المساجد على سبيل المثال». وأضاف بمرارة «لكننا في العالم العربي ليس لدينا استفتاء إلا على الرئاسة».

وأشار فخرو في حديثه إلى نظرة ابن خلدون للتاريخ الذي اعتبره «مسيرة العمران»، موضحاً أن الحضارات تبدأ في الازدهار ثم تدخل في دورة من النمو المتصاعد لكنها تشيخ، والأمة القادرة على إطالة أمد الازدهار فيها هي الأمة القوية.

واعتبر فخرو أن «فهمنا وطريقة نظرتنا إلى التاريخ ستساهم في فهمنا إلى فرصنا (...) إن تاريخ العرب تميز بفصول مفجعة من فرص سياسية واقتصادية أضاعتها الاستجابات الخاطئة كأقطار أحياناً وكأمة في أحيان أخرى، والسبب في كل ذلك ناجم عن الغياب شبه الكامل للمجتمعات والمواطنين ولهيمنة الحزب أو الجيش أو المذهب».

واستعرض فخرو سبع فرص عربية ضائعة من القرن العشرين بدأها بفرصة الاستقلال العربي عن الحكم العثماني، وقال: «لقد كان العرب موحدين تحت الحكم العثماني وحتى عندما أرادوا الخروج من عباءة الحكم التركي قاموا بالاتصال بالإنجليز وجرت مراسلات مهمة بين الشريف الحسين والإنجليز كان يقول فيها «نحن العرب في المنطقة الآسيوية نريد الاستقلال والوحدة»، ونريد أن تقدموا لنا يد العون في ذلك الاستقلال وكان هذا خطأ سياسي فادح».

وأضاف «عندما كان الشريف الحسين يحدد البلاد العربية كان يشير إلى كل المنطقة العربية الآسيوية بأسرها وكانت تلك فرصة وحده عربية كبرى. والمدهش أن الإنجليز كانوا يقبلون بهذه الفكرة، ولكن ماذا كانت النتيجة؟ انتهينا بمعاهدة سايكس بيكو وأرسل الشريف الحسين ابنه لأوروبا ليحضر المؤتمر الدولي الكبير الذي سيتم فيه تقرير مصير البلاد العربية وهو لا يعرف اللغة الإنجليزية ولا الفرنسية! وكان يستشير الإنجليز إلى درجة القبول بمطالب الصهيونية، كانت فرصة تاريخية أن نخرج من الحكم العثماني بوجود خلافة جديدة تحل محل الحكم العثماني وهي فرصة أهدرت وحلم طار وتبخر وانقسمت المنطقة بسبب الأطماع والتدخلات الأجنبية والصراعات». ثم استعرض فخرو بشيء من التفصيل الفرصة الثانية، متحدثاً عن الوحدة المصر والسودان وملابسات الانفصال، متطرقاً إلى بعدها إلى الوحدة المصرية السورية التي كان من الممكن أن تنتج عنها وحدة مع العراق والأردن ولبنان، على حد قوله.

وأكد فخرو «لقد قامت الوحدة المصرية السورية ليست برغبة حزب البعث العربي أو القوتلي أو القيادة الثورية في مصر بل تمت لأن شعب سورية بأكمله خرج مطالباً وقوبلت هذه الرغبة باستجابة الشعب العربي المصري لها لكن مع الأسف لم تستمر هذه الوحدة».

وأضاف «حتى الاتحاد السوفياتي كان لا يريد لهذه الوحدة أن تتم على رغم أنه كان مع مصر في ثورتها ولكن كل الأسباب الثانوية في انهيار الوحدة ما كانت لتؤثر لو أن التعامل مع مطلب الانفصال كان صحيحاً».

ثم أشار فخرو إلى فرصة قيام وحدة بين قطرين عربيين مهمين هما سورية والعراق، لافتاً إلى أن «حزب البعث العربي استطاع أن يحكم النظام السياسي في العراق وسورية، وهل هناك أكبر فرصة تاريخية من هذه لقيام وحدة بينهما؟».

وأوضح أن «الكاتب علاء اللامي أشار إلى اجتماع ضم الرئيس العراقي أحمد حسن البكر ونائبه صدام حسين والرئيس السوري حافظ لتوقيع وثيقة الاتحاد وبعد ساعة يخرجون بوجوه منزعجة فيقال إن الرئيس صدام حسين كان غير بأن يكون الرجل الثالث بعد أن كان الرحل الثاني في العراق. ولو تمت الوحدة السورية العراقية هل كانت مآسي العراق لتحدث؟ وهل كان لسورية أن تحاصر اليوم؟ أيضاً كانت تلك فرصة تاريخية ضاعت».

ثم تحدث عن فرصة قيام جبهة أو تنظيم موحد بين حزب البعث العربي الاشتراكي وحركة القوميين العرب، وقال: «كنت تلميذاً في الجامعة الأميركية عندما عرض عليّ القوميون الانضمام إلى حركتهم فقلت ما هي مبادئكم؟ فقيل لي الوحدة والاشتراكية والثأر، قلت لماذا تشقون وحدة الصف بسبب شعار وتضعفون البعث بسبب شعار لا يكتسب مركزية مهمة في التفكير الاستراتيجي، وأذكر أن هذا الانقسام كان بمثابة مقدمة لانقسام أفجع وأعم وهو انقسام بين القوميين والإسلاميين لأسباب سخيفة أيضا».

العدد 3059 - الخميس 20 يناير 2011م الموافق 15 صفر 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 24 | 2:19 م

      كنت نعم الوزير يا دكتور

      الله علي ايامك الحلوة يا دكتور فخرو يوم كنت وزير للتربية فقد كانت احلي ايام للتعليم في البحرين للمعلم والطالب واولياء الامور. الكل يفتقدك كمعلم كبير ومفكر بحريني نفتخر بك.

    • زائر 23 | 12:08 م

      احتراماتي للك يا دكتور

      الدكتور علي فخرو من الكوادر القديرة في البحرين.
      تحياتى خليجي

    • زائر 21 | 8:21 ص

      سؤال برسم الاجابه

      سؤال الى من يهمه الامر هل اتخاذ القرار لدى المسؤل العربي مستقل وبمعزل عن التدخلات والضغوطات الخارجيه واعني بالقرارات الاستراتيجيه التي تؤدي الى استغلال كامل الثروات الوطنيه لصالح المواطن والوطن بحيث يكون هذا المواطن والوطن في حرية كامله وبعيدين عن الهيمنه سواء المباشره او الغير مباشره؟

    • زائر 19 | 5:08 ص

      معلم

      غربلتنا بنظام الفصل ولم تكمل معايره وشروط نجاحه وذهبت

    • زائر 15 | 3:17 ص

      اعربي

      اتحدى وزراء البحرين في ان يوجد بينهم شخصية كالدكتور علي فخرو خدم وطنه واخوانه

    • زائر 14 | 2:39 ص

      كلام من ذهب يباع في سوق الفحم

      كلامك يا دكتور خوش كلام ولا عليه غبار ولكن المشكلة أنه يباع في سوق الفحم
      الشعوب واعية وتعرف ولكنها متخاذلة ومتشرذمة
      وليس لديها العزم على التضحية والفداء تريد أن تأتيها حقوقها على طبق من ذهب وهذا لن يحصل أبدا. الحرية شيء ثمين ولا يمكن الحصول عليه ببلاش الإنسان النائم لا يحق له مطالبة خالقه بأن يرزقه عليه التحرك والبذل وحينها يوفقه الله لرزقه
      لا يكفي بأن نعرف بل يجب علينا العمل بما نعرف
      فإن الله فضل ونصر المجاهدين في سبيله أما القاعدين تركهم إلى هوانهم

    • زائر 13 | 2:14 ص

      لا فض فوك يا دكتور

      رجل والرجال قليلُ.. اي نعم اذا صارت الثروات في يد الطائفيين فهذه هي النتائج.. وللأسف لا يزالون يهدرون فرصة استغلال الثروة البترولية المتبقية بشكل صحيح

    • زائر 0 | 2:10 ص

      الرجل الفرصة

      هذا الرجل الحكيم يجب على الجهات الرسمية ان تسغل وجوده في عصرنا وأن تسغل لكي لا لتذهب هذة الفرصة كما ذهبت فرص

    • زائر 12 | 12:48 ص

      غصن زيتون السلام

      يا دكتور لك كل الاحترام ولكنك مع الاسف لاتستطيع ان تتحر من هذه القومية

    • زائر 7 | 11:59 م

      رجل شهم

      الأستاذ علي فخروا رجل وطني شريف ذو مواقف مشرفة وأتمنى من الجهات المعنية الإستفادة من هذه الشخصية المثالية.
      بحراني مسكين

    • زائر 6 | 11:57 م

      د.فخرو خطابك مسموع في الكويت في الدول الديمقراطية

      نحن نفتقد الديمقراطية ونحن ندفع ضريبة المطالبة بالديمقراطية الصحيحة = كل شي ضايع فب بلادي

    • زائر 2 | 10:59 م

      الوحدة ؟؟

      دول صغيرة ناجحة أفضل من أحلام الوحدة التي لم تجلب سوى الدكتاتورية في الدول العربية

    • زائر 1 | 10:02 م

      رجل وطني بجدارة

      رجل وطني بكل جدارة
      بعيد ومتنزه عن الطائفية
      يحمل روح وطنية وحدوية
      ايام وزارته لم نسمع تمييز بين المواطنين
      كل قرارته تنصب في صالح الوطن
      بابه كان مفتوحا للجميع
      صاحب مبدأ وكلمة
      الله يكثر من امثالك

اقرأ ايضاً