العدد 3074 - الجمعة 04 فبراير 2011م الموافق 01 ربيع الاول 1432هـ

أسألك الرحيلا... ولست آسفة عليك

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

لنفترق قليلا...

لخيرِ هذا الحُبِّ يا حبيبي

وخيرنا...

لنفترق قليلا

...

لنفترق أحبابا

فالطير في كل موسم تفارق الهضابا

والشمس ياحبيبي

تكون أحلى عندما تحاول الغيابا

...

كن مرة سرابا

أسألك الذهابا

أسألك الرحيلا

وردت على خاطري هذه المقاطع من قصيدة لشاعرنا الكبير نزار قباني، التي شدت بها المطربة المصرية نجاة الصغيرة في الستينيات من القرن الماضي، عندما بثت قناة «إيه بي سي» (ABC) الأميركية مقابلة أجرتها مع الرئيس المصري حسني مبارك قبل أيام؛ رداً على المطالبات بتنحيه، وقال فيها: «إنه يرغب في الرحيل فوراً ولكنه لا يريد أن يعرض البلاد إلى الفوضى». أناشد الرئيس المصري أن يصغي للسيدة نجاة الصغيرة ويرحل قبل ان يدمر البلاد أكثر مما دمرها، ويحفظها، ليس من الفوضى كما يتوهم، وإنما من حمامات دم شباب مصر التي سيريقها «بلطجية قوات الأمن» تحت شعار «الحفاظ على الأمن والدفاع عن النظام».

لست وحدي الذي أناشد الرئيس المصري «الرحيلا»، فقد سبقتني إلى ذلك ملايين الشباب المصري الذي يصر على التخييم في «ميدان التحرير»، رغم «الجمال والأحصنة الهائجة»، ويتلقى مسالماً لكن مصراً على الصمود، رصاص القناصة، ومطاوي رجال الأمن المتخفين في ألبسة مدنية. ماذا يريد الرئيس المصري كي يقتنع بانتهاء ولايته ويقرر «الرحيلا»؟ فليس هناك ما يبرر استمرار تمسكه بكرسي الحكم...

ما يجري اليوم هو رسالة واضحة صريحة تقول أن زمن رؤساء نسبة الـ 99.99 في المئة قد ولى إلى غير رجعة، وإن مكابرة هذه العاصمة أو تلك لا تستطيع ان تمد في عمر أنظمة شاخت، وفي سيادة رؤساء يسيرون ضد حركة التاريخ. لقد جاءت تلك الأنظمة في مرحلة كانت، ولم تعد قادرة على الاستمرار، تقبل بأنظمة مثل تلك التي قامت في مصر وسوريا وليبيا... وأخرى من الأنظمة الجمهورية التي ولدتها الانقلابات العسكرية، وجاءت بالعسكر إلى الحكم.

بالقدر ذاته، فقد مبارك ورقة تستره بخوفه من احتمال استلام «القوى الإسلامية المتطرفة» السلطة، فما جرى في تونس يثبت أن القوى السياسية، ومن بينها القوى الإسلامية قادرة على إعادة الأمن للبلاد، بعد ان وضعت حداً لحكم زين العابدين بن علي. ثم ان الحركات الإسلامية غير المتطرفة، وهناك البعض منها في «الانتفاضة المصرية»، هي جزء من النسيج السياسي المصري الذي ليس من حق أحد أن يرفضه، ومن ثم فليس من حق مبارك أن يجرده من حقه في التغيير، طالما كان ذلك في إطار وطني متكامل، ومن أجل مجتمع مدني معاصر ومتحضر.

ماذا يريد مبارك أن يفعل لتدمير مصر أكثر مما فعل؟ ما الذي يبيح له التمسك بكرسي الحكم بعد أن رفضه الشارع السياسي المصري الداخلي، وتخلى عنه الحلفاء على المستوى الخارجي. لقد سقطت شرعية النظام على الجبهتين الداخلية والخارجية. فعلى المستوى الداخلي، ليس هناك استفتاء شفاف أكثر من ذلك الذي خرجت نتائجه من حناجر الملايين المتجمعة في «ميدان التحرير» في العاصمة القاهرة، ومدن أخرى لا تقل عنها أهمية مثل الإسكندرية والسويس، والأقصر، مطالبة جميعها أن يوافق مبارك على «الرحيلا»، وليس هناك دليل أقوى من رفض الأحزاب، بعد الشباب الدخول في أي شكل من أشكال الحوار قبل أن يقرر الرئيس المصري «التنحي والرحيلا». وفي النطاق الداخلي وعلى المستوى السياسي أيضاً، تكفي مصر المادتان 76 و77 اللتان تكفلان خلود حكمه، وتوريثه لأبنائه، والذي لا يمكن تغييرهما إلا بعد أن يقبل مبارك بـ «الرحيلا»، وأن تتسارع خطوات اتخاذه قرار «الرحيلا». أما على المستوى الخارجي، تكفي صلاة الرئيس الأميركي باراك أوباما التي تضرع فيها هو والشعب الأميركي إلى الله كي «تنعم مصر بغد أفضل، وأن يحقق شعب مصر تطلعاته بالحصول على قدر أكبر من حقوق الإنسان والحرية». ويقف وراء أوباما العديد من زعماء أوروبا بدءاً من الرئيس الفرنسي سيركوزي، وانتهاء بالنساشارة الألمانية ميركل.

بإمكان الرئيس مبارك، إن كان يود حماية مصر من أية فوضى أن يلجأ إلى المادة 84 من الدستور المصري التي تعالج الأمر، في حال غياب، ولأي سبب من الأسباب، رئيس الجمهورية، بوضع يد رئيس المحكمة الدستورية على الأوضاع، ومنها إلى إعادة ترتيب الأمور في مصر على أسس دستورية مبنية على أعلى أشكال الشفافية.

أكثر من ذلك، في وسع مبارك دون غيره أن يأخذ سفينة مصر إلى شواطئ الأمان بدلاً من أن يقودها إلى لجج محيط يضربه الطوفان. بوسعه اليوم، وقبل ان يفوت الأوان أن يقرر «الرحيلا»، بعد أن يستمع إلى صوت العقل ويلبس ثوب المسئولية تجاه مصر ومستقبلها، بدلا من الاستنجاد بزمرة من «البلطجية» يدافعون عن عصابات الفساد ممن استفادوا من كل إجراءات الخصخصة التي باعت «الصناعة» المصرية التي بناها عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، بأثمان بخسة، وأجهزوا عليها بمجموعة من القوانين التي أطلقت أيديهم في الاقتصاد المصري، فبنوا احتكاراتهم على حساب أدائه، وراكموا ثرواتهم من خلال التفافهم على قوانين حماية مكتسباته.

وإذا أصر الرئيس مبارك على عدم الاستماع إلى نجاة الصغيرة، فليس أمامي من أغنية أخرى، من كلمات نزار قباني أيضاً، سوى تلك التي غنتها هذه المرة المطربة فايزة احمد وفي الستينيات من القرن الماضي أيضاً وقالت فيها:

أنا لست آسفة عليك

لكن على قلبي الذي لم تعرف.

فهل استمع مبارك إلى خفقات قلوب شباب مصر في «ميدان التحرير»، كي تمد حناجرهم بطاقة مطالبة مبارك بـ «الرحيلا».

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 3074 - الجمعة 04 فبراير 2011م الموافق 01 ربيع الاول 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 12 | 6:40 ص

      ريس بالعافية والله عيب

      ريس بالعافية والله ماينفعش عشان الشعب فاق ام الدنيا فاقت خلاص

    • زائر 11 | 10:43 ص

      إلعب غيرها يا ريّس!!

      «إنه يرغب في الرحيل فوراً ولكنه لا يريد أن يعرض البلاد إلى الفوضى» !!! ماشاءالله، لا والله ذكي جداً، إرحل يا عم، تعرض مصر للفوضى ببقائك و ليس برحيلك. إلعب غيرها يا(ريّس بالعافية)!!

    • زائر 9 | 3:21 ص

      استاذنا العزيز

      مبارك ومن هم على شاكلته يدركون جيدا انهم غير مرغوب فيهم لكن رحيلهم سيكشف عن زيف شرعيتهم وحجم الدمار الذى جلبوه الى بلدانهم وخاصة فيما يتعلق بجرائم المال العام وانتهاكات حقوق الانسان لهذا نجدهم يتمسكون بمناصبهم خشية محاسبتهم على ما اقترفوه بحق شعوبهم

    • زائر 8 | 3:07 ص

      نكتة الرحيل

      مبارك يجري اتصالأ هاتفيأ مع اذاعة روتانا في برنامج ما يطلبه المستمعون ويهدي الشعب المصري اغنية نانسي عجرم ( اخاصمك أه اسيبك لا) والمتظاهرون يردون عليه بالاغنية الخليجية ( ارحل و روح يكفي جروح ) *******

    • زائر 7 | 3:05 ص

      بومحمد

      ونحن نظم صوتنا معك يالعبيدلي في مطالبة الرئيس الامريكي بالرحيل

    • زائر 6 | 2:51 ص

      أسألك يا عم الرحيل والثروة

      والسلطة تنتقل من لصوص الثروة إلى لصوص الثورة ،، سجل التاريخ أنه على مدى القرون بأن السلطة تكمن قوتها في الهيمنه على الثروة ،،، من خلال عدة مسميات في النهاية هم لصوص أو بلطجية أو قطاع طرق

    • زائر 5 | 12:34 ص

      الرحيل في أوان العزّ أفضل

      اختزال شعب مصر العظيم في شخص واحد هو اكبر إجحاف بحق هذا الشعب. على الإنسان المخلص لبلده أن يتطلع إلى مصلحته أين ما كانت
      وليس معنى أن شخص يقود بلده في وقت ما وينجح في ذلك الوقت أن عليه أن يقوده إلى الأبد.
      كان على الرئيس التنحي عن الرئاسة بعد اول أو ثاني فترة رئاسية ليترك الكرسي وهو شخص معزز مكرّم له مكانته وكرسية في القلوب قبل أن يسقط منها ويلفظه الناس.كان يجب على الرئيس أن يحافظ على مكانته في رحيله مبكر قبل تحتشد الحشود للخلاص منه ولكن أين الحكمة

    • زائر 4 | 11:58 م

      النكت السياسية

      رئيس الوزراء الجديد يقول أن 95% من المطالب قد تحقق ثم بدأ يشرح
      نمرة واحد التنحي أهو تنحى أزي لانه أل مش حيرشح نفسه لولاية ثانية فهدا يعتبر تنحى
      الله يساعد شعب مصر
      لولا النكات لماتو قهرا

    • زائر 3 | 11:51 م

      حرقة بالصدور

      هي أخبار الوطن العربي!
      تونس
      مصر
      الجزائر
      اليمن
      الأردن
      .....
      ......
      .....
      حكام استبداد!
      لا تعرف ماذا تعني الشعوب العربية الأبية!
      لكم الله أيها الشعوب العربية المناضلة ونصركم الله على أعداء الله وأعدائكم.

    • مواطن مستضعف | 11:30 م

      نكتة

      سألوا مبارك: تحب تقول إيه للشعب قبل الرحيل؟
      فرد:
      ليه؟ هو "الشعب" راحل فين؟!!

    • زائر 1 | 10:17 م

      الحجاج الثقفي...

      نتمنى أن يلقى مصير الديكتاتور مثيله الروماني شاوشيسكو حينما قبض عليه الثوار و أعدموه و زوجته في الطريق مربوطا" بعمود الكهرباء هو و زوجته. الظاهر أن عصر الفراعنة لم ينتهي.. إني أهديكم سواء السبيل، لا أرى لكم إله غيري..

اقرأ ايضاً