العدد 3083 - الأحد 13 فبراير 2011م الموافق 10 ربيع الاول 1432هـ

طموح كبير لترسيخ أسس دولة المؤسسات والقانون ودعم مسار الإصلاح

آفاق جديدة للعمل الوطني انطلاقاً من مبادئ «الميثاق»...

أسس الميثاق لوضع سياسي واقتصادي واجتماعي جديد، فبعد عام واحد فقط على إقراره في الرابع عشر من شهر فبراير/ شباط من العام 2001، تم إجراء الانتخابات البلدية وبعدها الانتخابات النيابية لتبدأ المسيرة الديمقراطية.

إن الفترة التي سبقت ميثاق العمل الوطني كانت فترة صعبة وحرجة وسيئة من تاريخ البحرين إذ كانت البحرين تمر بأزمة كبيرة، وكانت السجون تعج بالمعتقلين السياسيين، كما كان هناك العديد من المبعدين لأسباب سياسية نتيجة الأزمة الطاحنة وكان لا بد من الخروج من هذه الأزمة، وقد أعطى دفعة واستشرف آفاقاً جديدة للعمل السياسي والوطني.


الخروج إلى الضوء

وعلى مدى السنوات العشر الماضية، طُرحت الكثير من الآراء من قبل شرائح مختلفة من المجتمع حول مرحلة ما بعد التصويت، فقد كانت الفترة التي سبقت ميثاق العمل الوطني فترة صعبة وحرجة وسيئة من تاريخ البحرين، إذ كانت البحرين تمر بأزمة كبيرة، وكانت السجون تعج بالمعتقلين السياسيين، كما كان هناك العديد من المبعدين لأسباب سياسية نتيجة الأزمة السياسية الطاحنة وكان لا بد من الخروج من هذه الأزمة إلى الضوء، وقد جاء ميثاق العمل الوطني من أجل الانفراج والخروج من هذه الأزمة.

كانت البلاد، ومنذ حل المجلس الوطني السابق، تواجه أوضاعاً تستلزم التصحيح، بحيث أن كثيراً من الناس اعتقلوا وشردوا وبعضهم استشهد في السجون في ظل قانون أمن الدولة السيئ الصيت، وعلى هذا الأساس قام جلالة الملك بخطوة طرح الميثاق من أجل إخراج البحرين من هذا الوضع، إذ كانت البحرين في تلك الفترة تتعرض لعدد من الدعاوى من مختلف مؤسسات ومنظمات حقوق الإنسان كما كان سجل البحرين للأسف الشديد غير مشرف في تلك الفترة، ولذلك فإن الميثاق قد أعطى دفعة واستشرف أفقاً جديداً.

من التأزم إلى الانفراج

ويمكن تقسيم فترة ما قبل الميثاق إلى مرحلتين، المرحلة الأولى هي مرحلة فترة التأزم والاختناق الذي كان موجوداً في الساحة المحلية، وأحداث التسعينيات كلنا نتذكرها إذ لم تكن من فترة بعيدة، إن هذه الأحداث بدأت منذ منتصف الثمانينيات وازدادت حدتها في تسعينيات القرن الماضي، وكانت هذه الفترة تعتبر فترة غير جيدة في التاريخ البحريني، المرحلة الثانية هي مرحلة ما بعد تولي جلالة الملك لمقاليد الحكم في البحرين، وكانت هذه الفترة قد دشنت لمرحلة الانفراج اللاحقة، ومن بين الإجراءات التي اتخذت في تلك الفترة إلغاء قانون أمن الدولة وبعض القوانين المقيدة للحريات وإصدار العديد من المكرمات من قبل عاهل البلاد في الأعوام من 1999 ولغاية مطلع العام 2001، ذلك يعني أنه حتى قبل الاستفتاء على ميثاق العمل الوطني كان هناك حراك سياسي، ولو رجعنا إلى تاريخ تأسيس الجمعيات السياسية لوجدنا أن ذلك يعود إلى مطلع العام 2001 أي ما قبل الميثاق، وبعد ذلك دخلنا في فترة الميثاق التي بدأت بالاستفتاء على الميثاق في 14 فبراير 2002، والحقيقة أن هذا اليوم يعتبر يوم فرح وعرس عم جميع أرجاء البحرين.


التصويت... كسر للجليد

وكان هناك العديد من الأسباب التي جعلت من عملية التصويت على الميثاق تحقق هذه النسبة العالية من الموافقة، ومن هذه الأسباب كسر الجليد في عملية التطوير السياسي للبحرين، كما أن الوعود التي قدمت للناس بإلغاء قانون أمن الدولة وتبييض السجون من المعتقلين السياسيين وإدخال البحرين في مرحلة جديدة أعطت الناس أملاً، كما كان هناك حوار سياسي على مستوى عال بين الشخصيات الوطنية الفاعلة والمؤثرة الموجودة في داخل البلد وبين الحكم، إن كل ذلك أعطى زخماً كبيراً إلى عملية الموافقة على الميثاق.

وبطبيعة الحال، كان الناس في البحرين يأملون في قدوم وضع آخر غير الذي كانوا يعيشونه في تلك الفترة، وقد أتى الميثاق بهذه الرؤية المتقدمة، كما أن الحراك السياسي الذي صاحب إصدار الميثاق أعطى للناس أملاً كبيراً في تغيير أوضاعهم السياسية والاقتصادية، إذ كان الناس يعيشون في ظل قانون أمن الدولة في رعب وخوف وفي حالة نفسية مزرية ولذلك عندما طرح الميثاق الأسس العامة بشأن الأسس الديمقراطية وتحسين مستوى المعيشة وصيانة حقوق الإنسان والحقوق الشخصية، أعطى أملاً لجميع الناس بالتصويت لصالح الميثاق وأن تفرح لهذا الإنجاز.


ويبقى الطموح أكبر...

وفقاً لذلك، فإن الكثير من المهتمين يرون أن الميثاق قد أحدث انفراجاً كبيراً في الساحة المحلية، ومن الطبيعي أن تكون هناك إنجازات كبيرة حققها الميثاق ولكن يبقى الطموح أكبر من ذلك، فحرية التعبير ينقصها قانون مستنير للصحافة والنشر مع أن هذا القانون كان معروضاً ضمن لجنة تفعيل الميثاق، وكانت التيارات السياسية ولا تزال، تتمنى أن يتم تبني ما تم الخروج به من اللجنة، وخصوصاً في ظل التراجع في حرية التعبير من خلال غلق عدد من المواقع الإلكترونية، كما تأمل في استكمال بعض الخطوات السياسية في سبيل المصالحة العامة كتعويض المتضررين من حقبة أمن الدولة إذ إن الميثاق أكد على أهمية الحرية والعدالة والمساواة بين المواطنين كما أكد على دولة القانون والمملكة الدستورية، إن جميع هذه المبادئ موجودة في الميثاق.


التوافق المجتمعي

دون شك، خرجت البلاد من مرحلة صعبة، ولكن لهذه المرحلة استحقاقات معينة، لقد حقق الميثاق الكثير من الأمور الجيدة وكانت الأجواء التي تم وضع الميثاق من خلالها أجواء إيجابية، ولكن بعد فترة، تم الوقوف أو التراجع عن بعض الأمور لتبرز الحاجة إلى دفعة جديدة ومراجعة جادة وشاملة لما تم تحقيقه وما نسعى إليه، وإذا كان (الميثاق) مثّل خطوة إيجابية كبيرة في مسيرة العمل الوطني، فإن الأخذ بما جاء به الميثاق هو الأساس، وبالرجوع إلى نص الميثاق، نجد أنه يتضمن العديد من الأمور الجيدة، ولكن للأسف الشديد هناك تراجع عن هذه النصوص وعن الميثاق نفسه، وهذا التراجع يكمن في عدة أمور منها حرية الرأي والتعبير والتضييق على الجمعيات السياسية وعدم إنجاز مرحلة ما بعد الميثاق والمتعلقة بصون حرية المواطن من جميع الجوانب، كما يجب التركيز على حق المواطن في العيش حياةً كريمةً والتي تتطلب إيجاد عمل ومسكن لكل مواطن وحصول المواطن على رعاية صحية متقدمة.

البناء بهدوء وروية

إن ميثاق العمل الوطني أدخلنا في مرحلة جديدة ومرحلة ذهبية في الوقت نفسه، ولكن لو رجعنا إلى بعض ما يدور من حديث حول الطموح، فإن طموح الإنسان كبير ولكن يجب أن نوازن بين الطموح والواقع المعاش، فالواقع المعاش متغير، لقد دخلنا في مرحلة الحرية والانتخابات البرلمانية والبلدية؛ ولذلك يجب أن نبني بهدوء وروية، لقد تم وضع الأسس للبناء وهذه الأسس هي الميثاق والدستور والحرية ومؤسسات المجتمع المدني، وذلك ما يجب أن نبني عليه مستقبلنا ولكن البناء يحتاج إلى وقت، وعندما تم إرجاع الحياة النيابية، شارك عدد من القوى السياسية في حين انقسمت قوى سياسية على نفسها بين المشاركة وعدم المشاركة في الحياة النيابية في انتخابات 2002.

ومن الأهمية بمكان أن تحترم الدولة كل هذه التوجهات، في حين أن الأمر الآخر هو انتهاج المعارضة العمل السلمي المفيد للناس والحراك الذي يؤسس لدولة المؤسسات والقانون، فمتى ما وصلنا إلى هذا المستوى وأصبح الحراك متقدماً، ستكون للناس آمال جديدة لتحقيق ما جاء في الميثاق من نصوص على أرض الواقع.


المواطن البحريني لا يطلب المستحيل

إن الطموح الذي يأمله المواطن هو الطموح القريب من التحقيق، فالمواطن البحريني لا يطلب الكثير أو المستحيل، إن ما يريده الشعب البحريني هو تطبيق ميثاق العمل الوطني على أرض الواقع من ناحية حصول المواطنين على حقوقهم المعيشية، والتصدي لكل مظاهر التأثير على السلم الاجتماعية كالطائفية، وهي مسألة ظاهرة مفتعلة كما يرى الكثير من المواطنين ولا تمثل حقيقة الشعب البحريني الذي يعيش في سلام وإخاء، فجميع ما هو موجود من تناحر طائفي هو مستورد من الخارج ومفتعل من قبل البعض لأهداف سياسية معينة، كما أن التناحر الطائفي موجود في بعض الكتابات الطائفية وليس على أرض الواقع.

ولا ينفك المواطن البحريني من التفاؤل بالمستقبل، وأهم تلك الطموحات هي تمتع المواطن بالسكن والخدمات التعليمية والصحية الراقية وهي كلها حقوق، لكن لابد من التصدي لمسألة الطائفية وصورها، فبعد التخلص من هذه المشكلة من خلال جهود المخلصين من أبناء الطائفتين الكريمتين، فإن أمامنا المستقبل المشرق، وهذه يجب أن تتبعها خطوات عملية على أرض الواقع فهناك ملفات ساخنة يجب حلحلتها. إن ما نحتاج إليه هو دفعة جديدة.

العدد 3083 - الأحد 13 فبراير 2011م الموافق 10 ربيع الاول 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً