العدد 3094 - الخميس 24 فبراير 2011م الموافق 21 ربيع الاول 1432هـ

أسباب الأحداث التي تعيشها البحرين وكيفية معالجتها؟

أحمد العنيسي comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

لا شك في صدق النوايا الخالصة الوطنية لجلالة الملك وسمو ولي العهد في الإصلاح التي تلقف الشعب كلماته بكل رحابة صدر والتي كانت قصيرة في كلماتها وكبيرة في معانيها، وتعبر عن حرص سموه وخوفه على الوطن والمواطنين، مما يدل على حنكة قائد يتصف بسياسة متنورة وشجاعة، والدليل على ما أقول وعَد ونَفَّذ «أمر بسحب الجيش»، ولكننا نتوق من سموه بمواصلة حلحلة المشاكل العالقة لامتصاص غضب الشارع، وعلى رأسها تشكيل حكومة تمثل كل أطياف الشعب، وتحقق تطلعاته وتلتمس حاجات الناس المعيشية والاجتماعية والسياسية، والعمل على تفعيل ميثاق العمل الوطني، وتطوير وتعديل التشريعات التي قد تعيق الديمقراطية وعمل البرلمان، والانتقال إلى دستور يحقق كل أماني الشعب.

في الحقيقة، ليس هناك ريب في صدق القيادة العليا وإخلاص الجميع للأرض والمواطنين بلا استثناء. لكن ما يثار من ملاحظات هو في طبيعة وشكل النظام السياسي بالبلد الذي يعتمد على بعض المستشارين في الحكومة ممن لا يفكرون بطريقة عصرية تعكس واقع العصر وتطلعات شعوبه، ما جعل البلد تنحى منحى خطيراً أفقر الفقراء، وأغرق فئة بسيطة من البرجوازية بالمال واستملاك المباني والأراضي الواسعة، وتكرست دوائر الفساد المالي والإداري في كثير من وزارات الدولة، وتجسد التمييز الوظيفي والطبقي في معظم الوزارات بسبب طبيعة عمل هذا النظام.

لذا فإن ما تشهده البحرين من تحركات شبابية بزغت من أسباب الفوضى الحقيقية - فساد ومفسدون - المتجذر في إدارات مؤسسات الدولة الذي بدأ يعم البلاد، وكذلك بدأ ينخر ويسرق موارد الدولة من غير مساءلة على مدى أكثر من أربعة عقود.

السبب الآخر في الأحداث التي تشهدها البحرين البطالة «الحقيقية والمقنعة» والأزمة الإسكانية وضعف الحياة المعيشية بسبب تدني الرواتب والتمييز والفساد وقلة الحرية - سمو ولي العهد أعطى الضوء الأخضر في خطابه للناس وقال لا أحد يخاف - مع أن حرية الرأي مكفولة للجميع وكفلها الدستور، ما نتج عنه حنق شديد تفجر عندما وصل هذا الغضب لحالة الغليان، بالإضافة إلى عدم تفعيل المشروع الإصلاحي المتمثل في المجلس النيابي مسلوب الصلاحيات، والذي بدا «فم من غير أسنان، يتكلم من غير أن يغير».

والسبب في إعاقته، النظام الهرم غير المواكب للحضارة وغير المكترث بهموم الناس والشباب، بالإضافة إلى السد المنيع والمدافع العنيد من قبل مجلس الشورى الذي بدا عائقاً أمام تطوير العملية الإصلاحية.

إن أردنا الإصلاح الحقيقي، والتغيير والانتقال لمرحلة جديدة تحاكي الشباب وننتزع فتيل الأزمة، نبدأ أولاً، بالإفراج عن السجناء السياسيين (وهذا ما تحقق يوم الثلثاء 22 فبراير/ شباط 2011 ، إذ تم الإفراج عن 308 معتقلاً، وبقي نحو 40 شخصاً ينتظرون الإفراج عنهم)، وتفعيل الميثاق بشكله ومضمونه الحقيقيين، وذلك بإدخال محفزات وتعديلات في التشريعات والقوانين لتطفي عليه - البرلمان - المراقبة والمحاسبة والاستجوابات وتغيير وزارات الحكومة المترهلة، التي لم تعد تلبي حاجات الناس وجعل المجلس المعين للشورى فقط، وسحب النظام المتأكسد بفعل الزمن من الساحة الذي بدأ يسير في كوكب عصر آخر والعمل على إصلاح النظام السياسي، فإدارات الحكومة الحالية ليس بمقدورها تلبية أو محاكاة ثورة الشباب والاتصالات والإنترنت فهل نحن جادون في تغيير هذه المنظومة؟

بعيداً عن الموضوع، انتابني شعور عندما سمعت بأن سمو ولي العهد سوف يعطي أوامره بسحب الجيش من الشارع المحاذي لدوار اللؤلؤة، وقمت بزيارة الميدان مع ثلاثة من أصدقائي بعدما وصلني خبر الانسحاب ليلة الجمعة إلا أنه كان مغلقاً بالسياج الشائك والأمن يحاصره من كل الجهات (قبل أن ينسحبوا فيما بعد)، فرجعت مكسوراً ولم أحقق أمنيتي بالهتاف في وسط ميدان اللؤلؤة.

اسمحوا لي أن أحققها هنا: أيها البحرينيون أنقذوا الوطن، أيها الغيارى أين أنتم مما حصل، أيها الأشراف أغيثونا، أين الحكماء والعقلاء في هذا البلد؟

شكراً لولي العهد سمو الأمير سلمان بن حمد آل خليفة الذي باغتنا بمبادرة تجلت فيها كل قيم العقل والحكمة والمبادئ الإنسانية والأخلاقية، وشكراً للديوان الملكي الذي أعلن اليوم «يوم حداد» على أرواح شهداء البحرين، وبذلك تندمج دعوة كبار علماء الدين مع دعوة الدولة لإعلان هذا اليوم (الجمعة 25 فبراير 2011) يوم حداد على كل من سقط قتيلاً لحد الآن منذ بدء الاحتجاجات في 14 فبراير 2011.

بودّنا أن تتوج هذه المبادرة بأخرى موازية - حرصاً على الوطن وخوفاً على أبنائه - تُجرّم كل من يغذي جذوة الطرح الطائفي من جميع الأطراف، ومن بينهم وسائل الإعلام الرسمي وغير الرسمي ممن ينظر بعين واحدة، ولهذا نناشد سموه بدعوة عامة لوقف الشحن الطائفي، الذي تمارسه بعض أجهزة الإعلام الذي قد يؤجج الوضع ويشق اللحمة الوطنية بسبب ميلانه وانحيازه مع طرف ضد آخر.

دعوني أرفع صوتي بكل حرية في هذا المقال قائلاً: إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر، فطوبى للبحرين والأمل في شبابنا لتحقيق الحرية والكرامة، وندعو الله، أن يفك هذه الغمة عن هذه الأمة إنه سميع مجيب، كما نبتهل إليه سبحانه وتعالى، أن ينعم علينا بالأمن والأمان، فالمذلة دوماً لخفافيش الظلام، وسحقاً للعملاء وأعداء البحرين الحبيبة.

إقرأ أيضا لـ " أحمد العنيسي"

العدد 3094 - الخميس 24 فبراير 2011م الموافق 21 ربيع الاول 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 2:02 ص

      عليكم بتفعيل الميتاق

      أحسنت يا أخ العزيز لقد وضعت اليد على الجرح. ولأنهم أهملوا تفعيل الميثاق وبالصحيح أخذوا يعانون جميعا ما هو الآن فى الساحة ... وأحسن الحلول هو الرجوع الى الميثاق والاستفادة ممن أبدوا الاستعداد للقيام بعملية تفعيل الميثاق وبالصحيح والا سيدورون الجميع فى حلقة مفرغة ومكلفة للحكومة والشعب ... والأيام القادمة سترد على الجميع وتكشف أن المؤامرة على الميثاق كانت وستكون مكلفة ... يجب الرجوع الى الميثاق وتفعيله .

اقرأ ايضاً