العدد 3109 - الجمعة 11 مارس 2011م الموافق 06 ربيع الثاني 1432هـ

السودان: آلاف النازحين بسبب العنف داخل أبيي «في خطر»

فر نحو 25 ألف شخص من مدينة أبيي المتنازع عليها منذ مصرع ما يقرب من 100 شخص في أعمال العنف التي وقعت الأسبوع الماضي. ومع وجود مخاوف كبيرة من أن عدم حسم وضع هذه المنطقة الحدودية يمكن أن يؤدي إلى المزيد من القتال، يساور وكالات الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة القلق من أن الموقف الإنساني غير المستقر قد يتدهور بسرعة ما يترك هؤلاء النازحين أكثر عرضة للخطر.

وأخبرت مصادر أممية في أبيي شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن سكان المدينة بدأوا في التوجه نحو الجنوب ليلة 2 مارس/ آذار بعد أن «تم تدمير قسم الشرطة الموجود في قرية ماكر أبيور المجاورة بالكامل».

وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) عبر الهاتف في 3 مارس، قال دينج أروب كول، وهو أكبر مسئول حكومي في أبيي، إن «عدداً كبيراً من الأشخاص فروا من ديارهم وإن البعض يقيمون على مقربة من أبيي في حين ذهب البعض إلى أغوك» وهي مدينة تقع على بعد 40 كلم جنوب أبيي فر إليها 60 ألف شخص من سكان أبيي العام 2008 عندما قام الجيش السوداني الشمالي والمليشيات المتحالفة معه بتدمير أبيي.

وتشير التقييمات اللاحقة لموظفي الأمم المتحدة في أبيي إلى أن أكثر من نصف السكان تركوا المدينة وأن عدد النازحين يتراوح ما بين 20 و25 ألف شخص. وذكر تقييم مشترك بين وكالات الأمم المتحدة في 6 مارس أن معظم النازحين كانوا من النساء والأطفال حيث يبقى الرجال في ديارهم لرعاية أصول العائلة.

وعزا مسئولون الهجمات التي استهدفت قرى شمال أبيي إلى المليشيات العربية المدعومة من الخرطوم. وقال مسئولو أبيي والأمم المتحدة إن العديد من القتلى كانوا من قوات الشرطة الموالية للجنوب الذين كان من المفترض أن يغادروا منطقة أبيي بعد اتفاق أمني تم توقيعه بين الشمال والجنوب في يناير.

وحدثت أعمال العنف عندما حاول سكان المسيرية العرب- وهم رعاة ماشية يهاجرون بصورة موسمية عبر أبيي- التحرك جنوباً نحو نهر العرب (كيير). وسمح سكان دينكا نقوك في منطقة أبيي بصورة تقليدية بتلك التحركات ولكن سنوات من التوترات السياسية والعسكرية بين قادة الشمال والجنوب زادت انعدام الثقة بين سكان أبيي المحليين. وفي الوقت الذي يستعد فيه الجنوب للإعلان عن الاستقلال وفي ظل عدم حسم مستقبل أبيي، فقد يكون الموقف قد وصل إلى نقطة الانهيار.

وفي الهجوم الأخير الذي وقع في 5 مارس قامت المليشيات المسلحة تسليحاً جيداً بحرق 300 مبنى في قرية توداتش شمال مدينة أبيي طبقاً لصور الأقمار الاصطناعية التي توافرت يوم 7 مارس عن طريق مشروع أميركي بدأه الممثل الأميركي، جورج كلوني.

وقال كلوني في تصريح صدر مع الصور إن «مشروع القمر الاصطناعي هو الأول الذي يثبت الاستهداف الوسع والمنظم للبنية التحتية المدنية في جميع أنحاء منطقة أبيي»، مضيفاً أن «احتراق القرية تسبب في نزوح عشرات الآلاف من الأشخاص وسقوط عدد غير معروف من الضحايا المدنيين وتدمير متعمد لثلاث مجتمعات على الأقل. ولو ترك هذا العنف دون رادع، يمكن أن يضع عملية السلام بين الشمال والجنوب بأكملها في خطر».


قضايا عالقة

ومع بقاء أربعة أشهر فقط على إعلان جنوب السودان الاستقلال، لايزال يتوجب على كلا الجانبين التوصل إلى اتفاق بشأن مجموعة من القضايا غير المحسومة بشأن علاقاتهم في المستقبل. لو ترك هذا العنف دون رادع، يمكن أن يضع عملية السلام بين الشمال والجنوب بأكملها في خطر. وأكثر المسائل الشائكة حتى الآن هي أبيي، وهي منطقة خصبة غنية بالنفط يدعي الجانبان تبعيتها له. وفي آخر اجتماع بين الرئيس السوداني، عمر البشير والزعيم الجنوبي، سلفاكير ميارديت قرر الطرفان التوصل إلى اتفاق بشأن الوضع المستقبلي لأبيي - التي وعِدت بأن يجرى بها استفتاء خاص لتقرير المصير بموجب اتفاقية السلام في العام 2005- بنهاية مارس.

ولم يلتق البشير وكير منذ قيامهما بهذا التعهد في نهاية شهر يناير/ كانون الثاني ولكن من المقرر أن يعودا إلى طاولة المفاوضات بحضور رئيس جنوب إفريقيا السابق، تابو مبيكي الأسبوع المقبل في الخرطوم. ومع أحداث العنف الأخيرة التي زادت من التوترات على الأرض، يساور منظمات الإغاثة القلق من أن يكون للجمود السياسي المستمر حول أبيي آثار مباشرة على الآلاف الذين تركوا ديارهم.

وقالت المنسق الطبي لمنظمة الإغاثة الطبية المستقلة، آن مومينا «أطباء بلا حدود» التي تعمل في منطقة أبيي منذ العام 2006 إنه «إذا استمرت عمليات النزوح لفترة أطول فإن الاحتياجات الإنسانية قد تزيد وخصوصاً، إذا أخذ في الاعتبار موسم الأمطار المقبل».

وقالت مومينا: «كلما طال بقاء هؤلاء الناس بلا مساعدة أصبح من المرجح أكثر أن يعانوا من سوء التغذية وأمراض الجهاز التنفسي والإسهال والأمراض المعدية مثل الحصبة والالتهاب السحائي».

وفي بيان صدر في 6 مارس قال منسق الأمم المتحدة الإنساني في السودان، جورج شاربنتيه إن منظمات الإغاثة في منطقة أبيي «على أهبة الاستعداد لمساعدة المحتاجين وخصوصاً بشحنات الغذاء ومأوى الطوارئ والمياه والصرف الصحي والمساعدات الطبية».

وقالت منظمة إغاثة أخرى إنه على الرغم من أن النازحين وجدوا آليات التكيف الخاصة بهم عن طريق البقاء مع الأقارب، إلا أن هذا الحل سيكون مؤقتاً.

وقال مدير أحد برامج خدمات الإغاثة الكاثوليكية في جوبا، توم بيوريكال: «مما نسمعه أن الكثير من النازحين انتقلوا للسكن مع أسر في المدن الموجودة جنوب أبيي. وهو ما سيضع ضغطاً هائلاً على الخدمات الأساسية مثل الغذاء والمياه».

ولكن على الرغم من استعداد مجتمع الإغاثة الواضح لدعم السكان في أبيي، فإن الغياب الكبير للتقدم من قبل القادة السياسيين والمجتمع الدولي لحل أزمة أبيي التي طال أمدها يشير إلى أن الظروف الإنسانية يمكن أن تسوء قبل تحسن الواقع السياسي

العدد 3109 - الجمعة 11 مارس 2011م الموافق 06 ربيع الثاني 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً