العدد 2450 - الخميس 21 مايو 2009م الموافق 26 جمادى الأولى 1430هـ

من زكام الدجاج... إلى انفلونزا الطيور والخنازير!

نتيجة لانتشار وباء انفلونزا الطيور، أو ما عرف بزكام الدجاج الذي تفشى بشكل وبائي في الكثير من دول آسيا، كتايلند وفيتنام وكمبوديا وأندونيسيا وباكستان وتايوان، وكوريا الجنوبية ولاوس وهونغ كونغ، وقد كان فيروس يصيب الدجاج والطيور الداجنة على حد سواء، ويتسبب في موتها ونفقوها، أو قد ينتقل إلى الإنسان ويؤدي إلى وفاته، أو تنتقل العدوى إلى الدول المجاورة وغيرها من الدول الأخرى في العالم، عن طريق أشخاص مصابين يسافرون إليها، ويختلطون بأشخاص من تلك الدول.

ولقد لجأت هذه الدول إلى التخلص من ملايين الدجاج الموبوء بالإعدام الجماعي له، ودفنه في مقابر جماعية، شبيهة بتلك المقابر التي أكتشفت في العراق، وعرفت بمقابر صدام الجماعية، للقضاء على هذا الوباء الذي أصبح يشكل عبئا كبيرا على الاقتصاد الوطني في تلك الدول، وينتج عنه خسائر مالية فادحة وكبيرة، بالإضافة إلى وقوع خسائر في الأرواح بين البشر في الكثير من تلك الحالات، بسبب الإصابة بهذا المرض المحير، والذي لم يتم حتى الآن التوصل لعلاج ناجع وناجح له.

ويرى مراقبون ومسئولون صحيون أن مرض انفلونزا الطيور، أو ما كان يعرف بزكام الدجاج -وكما أطلق عليه في بداية الأمر- قد يكون أشد خطورة من مرض الالتهاب الرئوي الحاد (سارس) والذي انتشر في آسيا منذ أعوام قريبة، وما زالت آثاره الصحية والاقتصادية تهدد المنطقة برمتها، وسببت إثارة ورعب على المستوى الرسمى والشعبي، وأثارت مخاوف كبيرة لدى الدول الأخرى، ما دفعها لاتخاذ كافة الإجراءات الوقائية، وتحملها تكاليف باهضة لحماية مواطنيها والمقيمين فيها، وتفيد المصادر الصحية أن أكثر ما يخيف علماء الفيروسات الآن، هو احتمال تحور الفيروس وظيفيا، أو تطفره لدرجة أكبر ليسهل بعد ذلك انتقاله من إنسان إلى أخر، ما سيعني تفشي وباء عالمي، وفي حين أنه لا يمكن فعل أي شيء لمنع الفيروس من التحوّر، إلا إن علماء الفيروسات يوصون بالحد من الاتصال بين الإنسان والطيور، ما سيجعل تحوّر الفيروس صعبا.

من الناحية الاقتصادية تأثرت أسعار اللحوم البيضاء في الأسواق العالمية، وأصبحت هناك أزمة في توفير مثل تلك اللحوم، والتي تعتبر من المواد الاستهلاكية الرئيسية في الكثير من دول العالم، بالإضافة إلى الارتفاع الاضطراري الذي نجم على أسعار البيض، والذي يعد من الوجبات المهمة جدا لسكان العالم، ونظرا لأهميته في تحضير الكثير من الأطباق الغذائية، وهو مصدر رئيسي لتوفير المواد البروتينية، ولا تزال تلك الأزمة قائمة حتى يومنا هذا.

وأخيرا وليس آخرا ، ها هو البلاء يحل على البشر من جديد، وهذه المرة هو داء غريب من نوعه، أصاب الخنازير التي تحرم الشريعة الإسلامية أكلها، لما تسببه من أمراض خطيرة للإنسان، لاحتواء لحمه على الدودة الشريطية القاتلة، وأطلق على هذا المرض انفلونزا الخنازير، وسقط المئات من الضحايا، ابتداء من المكسيك التي تتصاعد أعداد الضحايا فيها، ومن ثم انتقلت العدوى إلى أميركا وكندا ونيوزلندا وإسبانيا، حتى وصل أخيرا إلى بعض المناطق في بريطانيا، وتحديدا في (أسكوتلندا)، ومن المحتمل أن يصل إلى الكثير من دول العالم، وخاصة الدول التي تربي مثل تلك الحيوانات، لاعتمادها في تصدير لحومها إلى الدول الأخرى، أو لاستهلاك السوق المحلي، ولهذا أعلنت منظمة الصحة العالمية، إعلان حال الطوارئ، وتحذير جميع دول العالم لاتخاذ كافة الإجراءات الوقائية اللازمة، للحد من انتشار هذا المرض العضال بين عامة الناس في جميع الدول في العالم.

ولعل المرء يقف متأملا يتفكر ويتدبر، متسائلا عن سبب نزول البلاء أو هذه الأمراض الغريبة، التي لم تكن معروفة ولم تكن متواجدة في الماضي، وكثيرا ما يقف العلم بكل ما توصل إليه عاجزا عن تفسير ماهية هذه الأمراض، وكيفية الشفاء منها، أو إيجاد علاج فعال وناجع لها؟ على رغم مواصلة العلماء والأطباء، والباحثين في مختبراتهم على إجراء التجارب العلمية، لاسكتشاف الأدوية والعقاقير الطبية، ولكنها في الكثير من الأحيان لا تعطي المفعول المطلوب والعلاج الشافي.

ولا يزال هؤلاء يواصلون الليل بالنهار للخروج بنتائج إيجابية لعلاج مثل تلك الأمراض، كالسرطان والإيدز وغيرها من أمراض العصر والتي تنزل كالبلاء على بني البشر، ومن بينها مرض السارس وانفلونزا الطيور، أو زكام الدجاج – كما عرف سابقا – وكذلك جنون البقر الذي أثار مخاوف البشر، وقد تكون هذه الأوبئة والأمراض امتحانا من الله – سبحانه وتعالى - أو ربما غضب إلهي على ما يرتكبه البعض من بني البشر من معاصٍ وآثام وذنوب، وجرائم قتل وإبادة جماعية ضد البشرية، فاقت كل تصور وخيال، مخلة ومخالفة لتعاليم الله الجبار – سبحانه وتعالى - في كل الشرائع والأديان السماوية.

فهل يتعظ ذلك الإنسان الشقي ويعود إلى رشده، ويبتعد عن كل ما يغضب الرب - الجبار المتعالي ذا الجلال والإكرام - ويلتزم بأوامره ونواهيه، ويتعلم من مصائب وبلاوي هذه الحياة، التي تنزل عليه من السماء، ويتخذ منها دروسا وعبرا، تكون له سفينة نجاة وواحة أمن وأمان، وتجنبه من غضب الله وسخطه – جلت قدرته - الذي يمهل ولا يهمل؟

محمد خليل الحوري

العدد 2450 - الخميس 21 مايو 2009م الموافق 26 جمادى الأولى 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً