المشكلة الكبرى الرئيسية التي يواجهها المواطنون والمقيمون في البحرين هي محدودية سوق الملابس والأحذية والكماليات عموماً من جهة، وارتفاع أسعار المتوافر منها من جهة أخرى، إلا أن البهجة باستقبال عيد الأضحى المبارك، جعلت الناس، الميسور منهم والمعسور، يخرجون الى الأسواق في الأيام الماضية لشراء حاجيات السوق... ومن يتضايق بسبب قلة المعروض وجودته (يضرب سِلْف) ويتوجه بسيارته الى أسواق المنطقة الشرقية.
وشهدت شوارع البحرين ازدحاما شديدا لم يقتصر على أسواق البلاد بل امتد الى أسواق المنطقة الشرقية وعلى وجه الخصوص أسواق ومجمعات مدينتي الدمام والخبر التي اعتاد الناس على التوجه اليها، وبالمثل، اكتظت المجمعات الكبيرة بالناس فيما كانت الأسواق الشعبية مثل سوق واقف وسوق مدينة عيسى الشعبي وسوق المحرق، تمتلئ بالناس والسيارات في وضع لا يمكن الصبر عليه طويلاً... لكنها أيام وليالي عيد على أية حال.
ويصرح الكثير من التجار في السوق بأن الأسعار ارتفعت فعلاً وذلك لا يعود الى موسم العيد، بل لأن الكثير من التجار استوردوا بضاعة جديدة وبأسعار فائدة منخفضة في ظل ارتفاع اسعار الشحن واختلاف العملات، وهنا يرى عبدالرضا غلام (تاجر ملابس بسوق المنامة القديم) أن الأسعار مناسبة للغاية وخصوصاً بالنسبة إلى ذوي الدخل المحدود، بل إن الكثير من القطع لا تزيد أسعارها عن خمسة دنانير وهي من نوعيات وتصنيع جيد للغاية.
ولا يوافقه الرأي حسين سميعي (تاجر اكسسوارات) الذي يشير الى أن الأنواع الجديدة التي تناسب الموضة تعتبر غالية السعر، والسعر المرتفع طبعاً لا يكون الا للبضائع الجيدة، وهذا يدفعنا لوضع أسعار (تصرفنا) فمن غير المعقول أن يخسر تاجر ما بسبب أنه يريد أن يرضي الزبائن فقط أو حتى لا يتضايق حين يقرأ في الصحافة موضوعاً عن ارتفاع الأسعار.
ولا يجادل ابراهيم جاسم (تاجر ملابس) كثيراً فهو يقول: «رفعنا الأسعار أم خفضناها... السوق ميت ميت لا محالة، والأكثر من ذلك أن المجمعات التجارية الكبيرة (قتلت السوق قتال) حتى أننا لو فكرنا في رفع الأسعار في المواسم فهذا ليس (حرام) فمن أين ندفع الإيجارات ورواتب العمال والبضاعة ونحن أيضاً مواطنون علينا التزامات مالية كثيرة وليس كما يقال عنا بأننا (تجار) أثرياء... الله وحده يعلم بالحال».
الزبائن في سوق المنامة تضايقوا كثيراً بسبب صعوبة الحصول على موقف أولاً ثم صعوبة الحصول على نماذج جيدة من الملابس والأحذية، وتقول (أم صادق، مدرّسة) التي جاءت للتسوق مع زوجها عبدالله يوسف خليل القري (موظف في أحد المصارف): إن غرفة تجارة وصناعة البحرين يجب أن تعمل على تطوير النشاط التجاري في البحرين فهو بصراحة دون المستوى والبضائع المعروضة في السوق ليست بالمستوى، وليس من المعقول أن نسافر الى دبي أو الكويت في كل مرة لكي نحصل على مبتغانا من الاحتياجات في المناسبات والأعياد.
ويشارك زوجها في الحديث ليقول: في البحرين، معظم الناس من ذوي الدخل المحدود، لذلك لا بد من الانتباه الى هذه النقطة جيداً... صحيح أن الوضع تغير كثيراً وأصبح أفضل من السابق، إلا أن المجمعات التجارية الكبيرة التي تبيع بأسعار تنافسية أوجدت لكثير من المستهلكين فرصة التسوق والتبضع لكن في كثير من الأحيان تطرح بضاعة سيئة!
تلك الأوضاع تبدو مستقرة تماماً لكن رجال المرور والأمن يعملون بجد لا سيما في مواقع الأسواق الشعبية والشوارع المزدحمة والمجمعات التجارية، وقد أصدرت ادارة المرور بياناً توضح فيه استعدادها خلال أيام عيد الأضحى المبارك بوضع برنامج خاص لتنظيم الحركة المرورية في جميع أنحاء المملكة عموماً، تحسباً لأي ازدحام مروري متوقع ومنها زيادة وتكثيف عدد الدوريات الموزعة على جميع أنحاء المملكة، وتلقي المخالفات ومباشرة الحوادث المرورية على مدار الساعة والوجود في أماكن تنظيم الأنشطة والفعاليات للإشراف على تنظيم السير.
ويقر الكثير من المواطنين والمقيمين أن في المجمعات الكبيرة فرصة للشعور بالمناسبة، فهناك يقضي الناس وقتهم في المطاعم ودور السينما، أما فيما يتعلق بالتسوق فإنه من الصعب شراء ملابس أو مستلزمات بالنسبة للكثير من المواطنين والمقيمين الذين لا يستطيعون شراء حاجيات بماركات عالمية وبأسعار خيالية... وعلى رغم أن الرواتب لاتزال تعيش الرمق الأخير في هذه الفترة، لكن الكثير من الأسر تمكنت من تخصيص موازنة لشراء مستلزمات العيد للأطفال.
اذا أردت أن تعيش جوا مميزا له مذاق العيد، فعليك بالتجول ولو لمدة نصف ساعة في سوق جدحفص مشيا على الأقدام... هناك، تسمع بائع الخضار يصرخ: «لا تفوتكم ميوة العيد»، والميوة، لفظ فارسي قديم لأنواع من الفواكه الصيفية، إلا أن ما اعتاد عليه أهل البحرين والخليج هو تزيين موائد العيد بمختلف أنواع الفواكه، ويقول بائع الخضار حسين عبدالكريم إن أسعار الخضار لا تمثل مشكلة فهي متوافرة بكثرة وبأسعار معقولة... ويقول ممازحا جاره الذي يعمل في بيع السمك: «إحنا مو مثل بعض الناس من تبرد الدنيا يدفون روحهم بالدنانير ويرفعون سعر السمج».
ويزداد الإقبال على الذبائح واللحوم لعيد الأضحى فيما يبادر الناس لشراء الأضاحي، إلا أنه من الملائم الإشارة الى أن الأسواق الشعبية تعرض هذه الأيام «الحية بية».
الحية بية عادة وتقليد شعبي يجري في يوم التاسع ويوم العاشر من ذي الحجة في بعض دول منطقة الخليج.
الحية بية عبارة عن علب أطعمة أو سلال الخوص الصغيرة، يوضع فيها التراب والمخصبات الطبيعية تزرع ببعض أنواع الحبوب كالقمح والشعير والحبة الحمرة، ثم تعلق بحبل على عمود مستعرض في المنزل في مكان معرض للهواء الطلق، وتصله الشمس بشكل مباشر، ويكون ذلك في بداية شهر ذي الحجة.
يتنافس الأطفال بالعناية بهذه النبتة وسقايتها كل يوم صباحا ومساء حتى تظهر فيها النباتات وترتفع، ويتفاخرون فيما بينهم بنموها.
وفي اليوم التاسع من ذي الحجة (يوم الوقفة) أو يوم العاشر (عصر يوم عيد الأضحى)، يتجمع الأطفال لإلقاء الحية في البحر، وذلك بعد أن يقوموا بإطعامها الأرز أو أي شيء آخر.
يقف الأطفال على السيف ويشدون بأغنية الحية ويطلب فيها الطفل أن تكون حيته شاهدة له وألا تدع عليه وهذا معنى «لا ادّعين عليّ»، لأنه قام بتغذيتها «غديتج، وعشيتج»، ثم يذكر لحيته أنه مع رعايته لها إلا أنه سيرميها في البحر وهو ما تعنيه كلمة «قطيتج».
حية بية... راحت حية... ويات حية... على درب الحنينية...
يا حيتي حيي بي... بيت مكة دقي بي...
اشربي من ماي زمزم... وادعي لديارنا تسلم...
حية بية... راحت حية... ويات حية... على درب الحنينية...
يا رب أعيادنا دوم... فرحة عدونا في البحر طابعة...
عشيتج وغديتج نهار العيد لا ادعين علي...
حية بية... راحت حية... ويات حية... على درب الحنينية...
ياحيتي غديتج وعشيتج ونهار العيد قطيتج...
مع السلامه يا حييتيه... أمنتج الله وبري ذمتي...
ثم يرمي كل طفل حيته بعيداً قدر استطاعته في مياه البحر وسط الظلام
العدد 1222 - الإثنين 09 يناير 2006م الموافق 09 ذي الحجة 1426هـ