في ظل الأزمة المالية العالمية التي تعصف بمجمل دول العالم والاقتصادات الكبرى، وصل الدور إلى لبنان ليتلمّس ترددات هذه الأزمة في ظل وجود موجة من الركود بدأت تضرب اقتصادات دول عديدة بما دفع بمؤسسات المجتمع المالي إلى مراجعة توقعاتها لمعدلات النمو التي كانت مرتقبة قبل تفجّر الأزمة وبعدها مباشرة، وفي هذا السياق أفاد تقرير ائتماني نُشر أمس الأول (الاثنين) بأن وحدة المعلومات الاقتصادية الدولية قد عمدت إلى خفض تقديرها للنمو الاقتصادي في لبنان للمرة الثالثة هذه السنة؛ أي من 6.3 في المئة إلى 2.4 في المئة عازية الأمر إلى الكساد الاقتصادي والأزمة المالية.
وتوقع التقرير أن تحمل الأزمة آثارا غير مباشرة على قطاعات السياحة والعقارات والبناء وعلى القطاع المالي في لبنان، إضافة إلى معطيات أخرى.
وبيّن أنه على رغم أن وحدة المعلومات أبقت توقعاتها للنمو لسنة 2010 على 3.3 في المئة نظرا إلى النمو المحدود المتوقّع هذه السنة على مستوى الاستثمارات والسياحة في لبنان؛ إلا أنه توقّع تراجعا للاستهلاك الخاص بين عامي 2009 و 2010 نتيجة لانخفاض تحويلات المغتربين اللبنانيين.
وأوضح التقرير أنّ شح السيولة العالمية قد يسبّب تأخير دفع بعض المساعدات المتفق عليها في مؤتمر «باريس - 3» كما يعوق تمويل المشاريع الإصلاحية الجديدة من جانب الدول المانحة.
وبيّن أنّ المخاطر المباشرة من الأزمة المالية العالمية على القطاع المصرفي اللبناني لا تزال محدودة نظرا إلى عدم تعرض القطاع مباشرة لأزمة الائتمان العالمية ولأدائه الجيد في الفترة الزمنية الأخيرة.
وسجّلت وحدة المعلومات الاقتصادية الدولية في تقريرها أنّ القطاع المالي اللبناني لم يظهر مؤشرات لأضرار مباشرة ناجمة عن أزمة الائتمان الدولية حتى الآن وذلك بفضل الرقابة المصرفية المطبّقة من مصرف لبنان والتي منعت المصارف من الاستثمار في الأدوات المالية العالمية المركّبة والمنتجات المشتقة.
وتوقّع التقرير أن يتابع معدل التضخم في لبنان انخفاضه في سنتَيْ 2009 و 2010 بعد الارتفاع الحاد لأسعار النفط العالمي وأسعار المواد الغذائية في العام 2008؛ الأمر الذي رفع معدّل التضخم إلى 10 في المئة في العام نفسه، مبينا أن انخفاض أسعار السلع الأساسية قد يؤدي إلى خفض نسبة التضخم المستورد.
وتوقّع أيضا حدوث انخفاض في إيرادات الحكومة في العام 2009 وانخفاض عائدات الضريبة على القيمة المضافة نتيجة الركود الاقتصادي، فضلا عن إمكانية أن تحول القيود السياسية والضغوط التضخمية دون زيادة معدل الضريبة على القيمة المضافة.
وفي نظرة تفاؤلية توقّع التقرير حدوث ارتفاع في نمو الإيرادات خلال العام 2010 بموازاة ارتفاع الإنفاق الحكومي على نحو مطرد نتيجة للمصاريف الانتخابية ولزيادة الرواتب والأجور، كما سيقابل الجهود المبذولة للسيطرة على هذا الإنفاق في العام 2010 ارتفاع حاد في كلفة خدمة الدين العام ونتيجة ذلك فإن عجز الموازنة سيرتفع على نحو طفيف؛ أي من 10.6 في المئة من الناتج المحلّي في العام 2008 إلى 10.7 في المئة العام 2009 قبل أن ينخفض مجددا إلى 10.5 في المئة في العام 2010.
وأظهر التقرير أنّ العجز التجاري اللبناني زاد على نحو حاد ليبلغ 11.2 مليار دولار العام 2008 بسبب الارتفاع الكبير لأسعار النفط العالمي والمواد الغذائية، متوقعا أن تتقلّص نفقات الاستيراد في سنتي 2009 و 2010 نظرا إلى انخفاض أسعار النفط وانخفاض أسعار السلع الأساسية في العام 2009، وعلى رغم ذلك فإن الإنفاق على الواردات سيبقى أكثر من عائدات التصدير والتي من المتوقع أن تتقلّص قليلا من هذه الفترة.
وختم التقرير متوقعا أيضا أن يتقلّص العجز التجاري إلى 9 مليارات دولار في العام 2009 قبل الاتساع إلى 9.6 مليارات في 2010، إضافة إلى حدوث انخفاض قليل في فائض التحويلات الجارية نظرا إلى تأثير التباطؤ الاقتصادي العالمي على كل من المساعدات الدولية وتحويلات المغتربين، وعلى رغم ذلك فإن التقلّص في الواردات سيقلّص أرصدة الخدمات المدينة.
العدد 2455 - الثلثاء 26 مايو 2009م الموافق 01 جمادى الآخرة 1430هـ