العدد 1289 - الجمعة 17 مارس 2006م الموافق 16 صفر 1427هـ

جمعية المهندسين... حكومية

سلمان بن صقر آل خليفة comments [at] alwasatnews.com

في الانتخابات الأخيرة... التي جرت منذ عدة أيام... لرئاسة جمعية المهندسين... حصل بالضبط ما كنا نخشاه ونحذر منه... وفاز المرشح الذي له مركز حكومي كبير، ولم يفز المرشح المستقل بسبب عدم إمكان التوازن في الضرب من تحت الحزام... وهذا يشكل ضربة كبيرة لجميع الجمعيات المهنية الموجودة على الساحة البحرينية... ضربة للأعمال التطوعية... وضربة أكبر للاستقلالية.

إذا استمرت طريقة الانتخابات لرئاسة جميع الجمعيات المهنية بالمنوال نفسه، وبالطريقة التي جرت بها انتخابات رئاسة جمعية المهندسين، فحينها ستفقد هذه الجمعيات الاستقلالية في التفكير... والاستقلالية في اتخاذ القرار... والاستقلالية في العمل... وسنصحوا يوماً... لنجد جميع الجمعيات المهنية هي فقط توابع للوزارات الحكومية... وكل جمعية مهنية لها رئيس من كبار موظفي هذه الوزارة أو تلك...

جمعية المهندسين يكون رئيسها وزير الأشغال أو وكيل الوزارة... جمعية الأطباء يكون رئيسها وزير (أو وزيرة) الصحة أو وكيل الوزارة... جمعية المحامين يكون رئيسها وزير العدل أو وكيل الوزارة... جمعية المحاسبين يكون رئيسها وزير المالية أو رئيس مؤسسة النقد... جمعية السفر والسياحة يكون رئيسها وزير الإعلام أو وكيل الوزارة... وهكذا.

ولكي تكتمل السيطرة الحكومية على باقي مؤسسات المجتمع المدني لابد أن تساهم الحكومة في إنشاء جمعيات أخرى تضم مختلف المهن الموجودة في البحرين... الحدادة والنجارة، صيد السمك، الميكانيكا بجميع أنواعها، البنائين وغيرهم... ثم تساهم في انتخاب رئيس لكل جمعية... ويكون هو الوزير أو وكيل الوزارة التي تندرج هذه المهنة تحت مسئولياتها... وتنتهي عندنا بعدها جميع الأصوات المطالبة بتحسين الظروف الوظيفية لكل مهنة... وتنتهي معها السندارة وعوار الراس... ولكن هل هذا ما تريده الحكومة؟

من الأمور الواجبة على الحكومة تشجيع الشركات الكبيرة والصغيرة... وتشجيع العاملين فيها وعدم ركنهم على جنب واعتبارهم مواطنين درجة ثانية... كذلك من واجب الحكومة تشجيع رجال الأعمال والجماعات المستقلة التي تبني نفسها بواسطة شهادات كبيرة حاصلة عليها... مثل الأطباء والمهندسين والمحامين والمحاسبين وغيرهم... والتشجيع يأتي بترك هؤلاء في عمل الجمعيات الخاصة بهم... والتي تعنى بشئونهم... ولا تتدخل الوزارات المعنية في انتخابات مجالس الإدارة لهذه الجمعيات...

أما أن يأتي موظف حكومي كبير... ويرشح نفسه لرئاسة هذه الجمعية أو تلك... ويعطي الوعود الحالمة بزيادة الرواتب، وزيادة الامتيازات... من دون حتى الرجوع لديوان الخدمة المدنية... وفي ليلة الانتخابات ربما يأتي ومعه عدد كبير من أعضاء هذه الجمعية، الذين قد يكونون موظفين في وزارته، فإن نتيجة الانتخابات وبكل تأكيد ستكون محسومة لصالحه... ولكن الخاسر سيكون الحكومة.

على الحكومة أن تنصح وزراءها وموظفيها الكبار بالابتعاد عن الجمعيات المهنية، وذلك حتى لا تتورط في اشغال نفسها بوعود يطلقها الرئيس الجديد ولا تتمكن هي من تنفيذها... هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن الحكومة إذا لم تتدخل وتمنع كبار الموظفين لديها من التدخل في شئون انتخابات الجمعيات فإنها ستخسر الكثير من الدعم المعنوي القوي والحاصلة عليه حالياً من شريحة كبيرة من المثقفين في البحرين والمنتمين لهذه الجمعيات المهنية.

الذي يحصل حالياً في انتخابات الجمعيات المهنية لابد أن تكون له وقفة مع النفس من قبل جميع الوزراء المعنيين... وحسابه جيداً... التدخل أو عدم التدخل... الفوائد والخسائر... هل فيها مصلحة للدولة أم فيها مضرة؟ والوزراء المعنيون... الذين لديهم العدد الأكبر من أعضاء هذه الجمعيات موظفون في وزاراتهم... يعرفون أن لديهم القوة الكافية لحسم نتيجة أية انتخابات إذا أرادوا ذلك.

في اعتقادي الشخصي أن التدخل فيه الكثير من الضرر على الحكومة... لذلك عليهم جميعاً الابتعاد عن التدخل في الانتخابات... وعليهم كذلك إبعاد الموظفين الكبار في وزاراتهم عن الترشح لهذه الانتخابات... ومحاسبتهم عندما ينثرون الورود ويطلقون الوعود الانتخابية التي دائماً ما يكون تنفيذها فقط في الأحلام.

في الدول المتقدمة... تسعى دائماً الحكومات التي هي في السلطة، لتقوية حكومات الظل التي تكون في دور المعارضة... وذلك لإيجاد الناقد الرسمي لجميع أعمالها وتصرفاتها... وفي دولنا تسعى الوزارات إلى السيطرة على الجمعيات المهنية حتى لا تكون لها أية معارضة في جميع ما تعمل... والله حالة.

إقرأ أيضا لـ "سلمان بن صقر آل خليفة"

العدد 1289 - الجمعة 17 مارس 2006م الموافق 16 صفر 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً