العدد 1292 - الإثنين 20 مارس 2006م الموافق 19 صفر 1427هـ

80 ألف طلب إسكان... وأزمة في تفعيل القوانين

ربما يراد للملفات العالقة أن تبقى ساخنة لتتعاطى معها القوى المعارضة مقاطعة أم مشاركة كملف الاستيلاء على الأراضي والسواحل في المملكة من قبل المتنفذين لا سيما بعد تراكم طلبات الإسكان والتي تجاوزت الـ 80 ألف طلب لكل أنواع القسائم والقروض، في الوقت الذي تعاني منه البلاد من شح في الأراضي الأمر الذي من شأنه أن يشعل فتيل تلك الملفات مجددا على رغم قدمها. وتبرز الحاجة للوقوف على الآلية التي يمكن أن تسهم في استرجاع الأراضي وإعادة توزيعها قانونياً وحماية ما تبقى منها في اقل تقدير من جهة أخرى... اسئلة كثيرة تطرح في هذا الملف، لكن هل هناك من بارقة أمل في تحقيق عدالة توزيع الأراضي؟

بلهجة يائسة عبر عضو الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان عبدالنبي العكري عن بالغ أسفه لما آل إلية وضع المملكة في ما يخص استنفاع أكبر قدر من المواطنين بأبسط حقوقهم الإنسانية «حق امتلاك قطعة أرض» مرجعا هذا اليأس إلى نفاذ الأراضي كليا - على حد قوله - ليضل الرهان قائما على القليل من السواحل والبحار والتي يتطلب لحمايتها إصدار قانون رادع وفق آليات فعلية. ملكية الأراضي حلم بعيد المنال ومازال الحديث للعكري والذي يرى في أن الأراضي تمنح في حالتين أما أمر من الحاكم للافراد من الشعب أو تمنح للمنفعة العامة، ولكن الحاصل على الساحة هو توزيعها بغير حق لمصالح شخصية، هذا ووصف العكري آلية استرداد الأراضي وملكيتها للشعب بالحلم بعيد المنال مرجعا السبب في ذلك إلى عدم وجود إثبات يقر بعدم أحقية المالكين لتـلك الأراضي وبديهيا تبرز الحاجة لإثبات عدم أحقية المتنفذين على تلك الأراضي لتتمكن من استردادها. في حين يطرح النائب جاسم عبدالعال رأيه في هذه القضية منوها إلى أن الموضوع يحتاج إلى مصارحة وسقف أكبر من الحريات وتفعيل للقوانين بشكل يحفظ الملكيات العامة والحقوق ويحد من سيطرة المتنفذين والاستحواذ على ما تبقى من الاملاك العامة. وفيما يخص تحركات المجلس النيابي لحلحلة هذا الإشكال يجيبنا عبدالعال: «شخصيا اقترحت سن قانون يمنع امتلاك السواحل ويكون مكملاً للقوانين في هذا الميدان فضلا عن محاولة استرداد الأراضي ممن استولوا عليها من دون دفع أي تعويض لهم لأؤكد مجددا أن هذا هو الحل الأمثل وليس دفن السواحل والبحار وتخريب البيئة، هذا ولا يمكننا تجاوز أهمية التشريع في هذا الجانب ويفضل الرهان على تفعيل عمل تلك القوانين والمراقبة عليها».

80 في المئة من الأراضي ممتلكة

ويعود عبدالعال إلى المطالبة بوجوب مصارحة بين المعنيين والقيادة لتصحيح وضع وصفه بالهم الأول للمواطن لا سيما في طل صغر مساحة المملكة وتزايد نسبة الأراضي الممتلكة بغير وجه حق من جهات متنفذه إلى 80 في المئة الأمر الذي يستوجب الوقوف عند الثغرات في هذه العملية ومحاولة سدها من أجل الحفاظ على حقوق المواطنين ومعالجة التأثيرات التي تنعكس سلبا على مستقبل الأجيال القادمة والتي بدأت في تفشي أزمة الإسكان وتزايد الطلبات في طل شح الأراضي فضلا عن تنامي شعور المواطن الفقير بالغربة في وطنه لغياب أبسط حقوقه ما يضعف إحساسه بالانتماء لهذا البلد.

إشكال وطني وتحايل على القانون

وفيما يخص دور الشارع البحريني فيرى عبدالعال أن الإشكال وطني ويتطلب تكاتف وتعاضد من قبل جميع فئات المجتمع لا سيما من صناع القرار ومن هم في دائرة الحل والعقد لتجاوز الخلل في عملية الاستيلاء على الأراضي لا سيما بعد أن وصلت الحال إلى تعطل المشروعات الخدماتية، الرياضية والتعليمية كالمدارس لعدم توافر الأراضي التي تقام عليها تلك المشروعات. وفي هذه المساحة طالب عبدالعال ممن يملك القرار في توزيع الأراضي أن يتحرى الشفافية في توزيعها لمستحقيها وليس كما حدث في مشروع بندر السيـــف، إذ منحت الأراضي لأصحاب الملايين ولفئات هي أبعد ما تكون بحاجة لتلك الأراضي. تحايل على القانون بعمليات التفافية ويجرنا الحديث إلى بعد آخر يطرحه النائب عبدالعال وهو عملية المناقلات وآلية التحايل على القانون والتهرب بطرق قانونية من المساءلة والمطالبة بالأراضي من خلال ما يسعى اليه بعض المتنفذين لضمان عدم سحب استرداد الأراضي منهم كتعميرها وتدشين أعمال إنشائية عليها، داعيا إلى الا تكون تلك العمليات «الالتفافية» حاجزا لاسترداد حق شعبي. ويوافقه في الرأي رجل الأعمال عبدالله عيسى الكبيسي والذي يرى هو الآخر أن المملكة تقع تحت مطرقة شح الأراضي وسندان تزايد طلبات الإسكان في الفترة الحالية فلنا أن نتصور الوضع بعد 10 سنوات مقبلة. ويرد الكبيسي على سؤالنا عن آلية استرداد الأراضي أو حماية ما تبقى منها في أقل تقدير منوها إلى ضرورة التركيز على الحلقة المفقودة لا الحلقة الأضعف في العملية ورمي كل الأخطاء في الإدارة والتخطيط وصنع القرار على عاتقها ولن يكون ذلك إلا بمعرفة الحلقة المتسببة في هذا الخلل أولاً وإخراج إجراءات الاستيلاء على الأراضي من قوقعة التضليل والتمويه وعدم النظر إلى السواحل والبحار على أنها الحل الوحيد للخروج من هذه الأزمة. ويعرض لنا الكبيسي المشكلة بلغة الأرقام مشيرا إلى وجود 50 ألف عائلة بحرينية تنتظر على قوائم الإسكان في مقابل ذلك لا توجد سوى 30 في المئة من أراضي الدولة المتاحة الأمر الذي يدفع كل مواطن إلى السؤال ذاته «أين وعد الملك حين ما قال إنه سيكون لكل مواطن أرض!».

سياسة التخبط

ويحدثنا عن تجربته الشخصية كمستثمر وقع في دائرة مغلقة تتمحور في ارتفاع أسعار الأراضي بديهيا بسبب ندرتها فما بالك بالمواطن البسيط الذي لا يملك سوى راتبه المتواضع!! هذا ويشير الكبيسي في هذه المساحة إلى اسئلة أخرى كطبيعة خطة وزارة الإسكان للخروج من هذه الأزمة؟ وآلية التخبط في المملكة عند تصريحها بالعجز عن إنشاء مشروعات إسكانية أو صناعية وخدماتيه في مقابل دفعها مبالغ خيالية لشراء أراض هي في الأساس مسلوبة!!

النائب الشيخ علي مطر يطرح لنا آليته المقترحة لحماية ما تبقى من الاراضي وفق عدد من النقاط مطالبا بدايةً بوجود تعاون مشترك بين الجهات الرقابية سواء المجلس البرلماني أو النيابي فضلا عن ديوان الرقابة المالية ووزارة الأشغال والإسكان، بالإضافة إلى وزارة البلديات وإدارة التخطيط الطبيعي وجهاز التسجيل العقاري، والقيام في خطوة ثانية لحصر الأراضي المتبقية وتحديدها بالإضافة إلى تسجيلها ومن ثم تصنيفها للاستفادة منها للمشروعات الإسكانية والعامة الأخرى، مع ضرورة تزويد المجالس البلدية بخرائط جوية ورسومات لهذه الأراضي.

وعن آلية انجاح هذه المساعي والاستفادة من الأراضي المتبقية يرى مطر ضرورة تشكيل هيئة عليا للتخطيط وربط جميع مؤسسات الدولة الرسمية بها على وجه السرعة داعيا المجلس البلدي الجديد إلى السعي الجدي لتدشين جهاز للتخطيط يحمل على عاتقه مهمة الحفاظ على الأراضي من وضع يد المتنفذين عليها. هذا ولم يغفل مطر طرح آلية استرداد الأراضي المستولى عليها من قبل المتنفذين فيرى بدوره أن حكمها شرعيا يقع في دائرة المغصوب لذلك تجدر الحاجة إلى مصادرتها وإرجاعها إلى ملك الدولة وتوزيعها وفق الشرع والقانون للمستحقين ومعاقبة من استولى عليها من دون وجهة حق ليكون عبرة لسواه ولن يكون ذلك من وجهة نظر مطر إلا من خلال تعاون الجهات المعنية في المجلسين بإعطاء المعلومات الصحيحة والدقيقة بكل أمانة وحيادية بالإضافة إلى الرجوع إلى المخططات التي كانت تحت تصرف وزارة الإسكان وإدارة التخطيط الطبيعي والتي يشوبها الكثير من التجاوزات. ومازال الحديث له داعيا إلى متابعة تلك الأراضي والقسائم ومعرفة سير انتقالها من ملكية الدولة وخصخصتها لبعض الشخصيات بغير وجهة حق ومتى تم تسجيلها وباسم من سجلت فضلا عن التأكد ما إذا كانت تلك الأسماء وهمية وإلى آخر هذا السيناريو والذي يبدأ من تقرير لجنة التحقيق في تجاوزات خليج توبلي الذي تقلص من 28 كيلومتراً إلى 13 كليومتراً خلال سنوات معدودة.

رؤية وفاقية

ونختم استطلاعنا بعرض رؤية جمعية الوفاق على لسان عضو شورى الوفاق جلال فيروز والذي يرى عدم تبقي أراض للتحدث عن الحفاظ عليها والرهان يتمحور في آلية استرداد تلك الأراضي فبعد مسح الأراضي والاطلاع على ذلك المسح من قبل المتنفذين تم تقسيمها وتوزيعها «كهبات» ليصب النظر في خطوة ثانية على مسح البحر ليدخل هو الآخر في مجال التقسيم والتوزيع على المتنفذين، وللخروج من هذه الأزمة يرى فيروز أن الحل منحصر بيد القيادة السياسية من خلال ضرورة وجود إرادة لحل هذا الإشكال وإرجاع أملاك الوطن والخروج من نفق المكاسب الشخصية وجذب الولاءات. ومن جانبها، جمعية الوفاق ترى على حد قول فيروز في رؤيتها لاسترداد تلك الأراضي أنه على القيادة المبادرة بإصدار أمر بحصر تلك الأراضي التي تم توزيعها خارج إطار القانون وتلك التي تمت تحت مظلة القانون إلا أنها تخالف العرف الوطني بالتقسيم المتوازن والعادل للثروة، فضلا عن إصدار قانون ابتدائي يجرم الاستيلاء على الأراضي التي تقع عرفا تحت اسم ملك البلاد ولكن في الواقع ما هي إلا ملك لشعب ذي سيادة على حد رائيها .

وفي ظل تلك الرؤية يشير فيروز إلى أنه بات واجبا على القيادة العليا أن تبحث عن التمويل وتخصيص موازنة وإن كانت ضخمة لاسترداد الأراضي المستولى عليها وتصحيح وضع خاطئ من خلال إعادة شرائها في أسوأ تقدير عن طريق تلك الموازنة ومن ثم إدراجها تحت خطة وزارة الإسكان والتي بلغ عدد الطلبات المسجلة لديها وفق أحدث الاحصاءات إلى 48 ألف طلب إسكان يعود البعض منها إلى ما قبل 25 سنة. وعلى الصعيد ذاته تشمل رؤية جمعية الوفاق ضرورة تشكيل شركة محايدة تعنى بمسح الأراضي في المملكة للتقصي عن وجود أية مساحات يمكن تخصيصها لمشروعات إسكانية أو خدماتية ولن يبصر هذا الأمر النور الا من خلال وجود إرادة من قبل القيادة السياسية العليا للبلاد.

حلول للأزمة

هذا وختم فيروز حديثه بإشارة إلى مساع لحل الأزمة من خلال محاورة بعض أعضاء غرفة تجارة وصناعة البحرين وبعض التجار في ال

العدد 1292 - الإثنين 20 مارس 2006م الموافق 19 صفر 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً