العدد 3155 - الأربعاء 27 أبريل 2011م الموافق 24 جمادى الأولى 1432هـ

دراسة في الأنساق الثقافية والتأويل للحكاية في الخليج العربي

صدور العدد الـ 13 من «الثقافة الشعبية»

صدر العدد الجديد من مجلة الثقافة الشعبية السنة الرابعة العدد الثالث عشر 2011م تصدر الغلاف صورة للفنان سالم بن سعد العلان، احتوى العدد على مجموعة من الموضوعات المتنوعة في مجال الأدب الشعبي على مستوى الدراسة والرصد والتوثيق المتبوع بالتحليل والتأويل والقراءات المختلفة لمجموعة من الباحثين والكتاب من مختلف أقطار الوطن العربي.

ومن موضوعات العدد «الاحتفاء بالفنون الشعبية في عيد المولد النبوي في المغرب» للكاتب الزبير مهداد معرفا بتاريخ الاحتفال بعيد المولد النبوي في الغرب الإسلامي، وبدئه بمدينة سبتة في العهد العزفي، ورسوخ هذا التقليد في المجتمع المغربي خلال الفترة السعدية والتي تلته، وما راكمته المظاهر الاحتفالية من رصيد مهم من قصائد المديح النبوي.

كما احتوى العدد على بحث عن الأداء الحركي في طقس الزار إعداد الباحث حسام محسب مشيرا إلى أن «كافة الشعوب تمتلك طقوساً تمثل نوعاً خاصاً من السلوك يمكن الاستناد عليه لفهم كنه الإنسان، تماماً مثله مثل اللغة التي تعد نظاماً رمزياً قائماً على قوانين راسخة، بالتالي يمكن النظر للطقوس بوصفها نظاماً رمزياً من الأفعال، ويمكن رؤية العلاقة الشائكة المعقدة بين الطقوس واللغة في تاريخ المحاولات العديدة لشرح السلوك الطقسي. كذلك يمكن التعامل مع الطقوس بوصفها وسيلة تعبير غير ناطقة تقوم على أساس رمزي ولغتها هي لغة الأساطير واستناداً إلى رؤية العلماء الوظيفيين يمكن عدها شكلاً من أشكال الاستجابة التكيفية للبيئتين: الفيزيقية والاجتماعية أما عن مرجعيتها فإنها تتمثل في منظومة الاعتقاد، كما ان لها علاقة بالفنون.

فيما كتبت إيمان سليمان بحثا عن الأدب الشعبي الفلسطيني مبتدئة بالإشارة إلى موضوع الأدب الشعبي، أو التراث الشعبي، كفرع مهم من فروع المعرفة، يُعنى بمظاهر الحضارة لشعب من الشعوب. ولتعدد المعايير التي يُنطلق منها في النظر إلى طبيعته ووظيفته ومجالاته، فإن تعريفاته التي يقع عليها المرء يلفها نوع من الغموض والاضطراب. وإلى جانب المعايير الثقافية التي تؤكد أن الفولكلور هو التراث الشفوي؛ فثمة معايير اجتماعية تُدخل ضمن هذا الحقل المعرفي كل ما ينتمي إلى حياة الطبقات الريفية وثقافتها؛ ومعايير نفسية - اجتماعية تنطلق من معطيات نفسية - اجتماعية، فالحياة الشعبية والثقافة الشعبية، تبعاً لهذه المعايير، توجد دائماً حيث يخضع الإنسان، بوصفه حاملاً للثقافة، في تفكيره أو شعوره أو تصرفاته لسلطة المجتمع والتراث؛ والمعايير الإثنولوجية التي ترى أن الفولكلور هو المعرفة التي تنتقل اجتماعياً من الأب إلى الابن، ومن الجار إلى جاره، وتستبعد المعرفة المكتسبة عقلياً، سواء أكانت محصَّلَة بالمجهود الفردي، أم بالمعرفة المنظمة والموثقة والتي تكتسب داخل المؤسسات الرسمية كالمدارس، والمعاهد، والجامعات، والأكاديميات وما إليها، ثم توقفت مع أنواع الأدب الشعبي من حكاية، وأمثال، وغناء شعبي.

أما إبراهيم محمود فقد كتب عن «صور الحماة في مأثورنا اليومي» مشيرا إلى أنه «لا يمكن النظر إلى شخصية الحماة، وكيف تشكلت تاريخياً، وما الذي يلوّن فيها، من زاوية واحدة. لكن يظهر أن الحماة التي ألفناها حتى الآن، كما هو السائد، هي تلك التي يُنظَر إليها من زاوية واحدة: ضيقة! إن الحماة التي تذكّر براعية قانون، بالمعنية به ( Mother- in- law)، تحيلنا إليها في عراقتها وتفانيها. وفي مأثورنا اليومي والذي يجلو سيناريوهات قائمة مرئية وسمعية، تحضر فيها كما تغيب الحماة بنسب مختلفة!

ليس في الإمكان حصر كل ما تردد حولها من أقوال، أو أمثال تعنيها كحماة، على خلفية لا تشكل دعامة ضامنة لها في وقفتها، أي فيما يشار إليها بصفتها امرأة، وما في الاعتبار الجنساني هذا من خلخلة لوضعها الإنساني. فأن تكون حماة، وما تنوقل عنها على لسان صهرها أو كنتها، تحيلها إلى خانتها المحدّدة لها بداية: هي امرأة. ثمة تعدٍّ تاريخي، يعزى إلى هذا التأليب الموجه ضدها، بأسبابه ومسبباته الاجتماعية المختلفة، لا تنفصل عن شخصيتها الرئيسة كامرأة وقد صودر منها ما يخالف المتردد عنها في الانفتاح على الآخرين بود فعلي أو عملي.

تتركز النظرة على الدور المركَّب للمرأة عندما تكون الحماة والكنة، ويكون النظارة في البيت وخارجه لتكون المواجهة المعتبَرة، إحالة للموضوع إلى ما يفوق طاقة الرجل في وضع حد لها، كأنها قدرية تستوفي حقها الطبيعي، وأن الموضوع كلما استفحل دل على صفة اختلالية (لاسوية) في بنية الذات للمرأة...

لا يتعلق الموضوع بتلك الاستماتة التي تجلو شخصية الحماة وهي تعزز سلطتها وتحميها بصورة أكثر، إعلاماً للوافدة الجديدة، ومن تمثّل خارجاً، أي الأم التي تغدو حماة في الطرف الآخر، بقدر ما يرتبط بثبات في المواقع داخل البيت بما هو منجَز فيه باسمها سنوات طويلة، ليكون ما تباغت به من هم حولها لفت نظر لحق تاريخي لها. إن النظرة إلى الحماة، وكحماة، تمثّل إعلان حرب عليها، وهي في نمطية الصورة، في ممارسة عزلها عن حياتها الأخرى، وبقدر شعورها أنها حماة، تستمر الحرب بوسائل شتى، إلى درجة أن يصح الحديث عن تلك الكوارث العائلية أو الأسرية، من خلال عدم تفهم دور كل طرف من قبل الآخر، حيث نجد أنفسنا إزاء خزان العنف، ضخامة ووقوع خسائر وحتى ضحايا»

فيما كتبت نور الهدى باديس عن المشافهة والتدوين: الثابت والمتغير حيث تسلط الباحثة الضوء على الفن الشعبي الذي يعد من أهم التيارات في التراث والذي شكل تعريفه بدوره إشكالية لدى الباحثين فمنهم من جعله مرادفا للفولكلور ومنهم من ميزه عن الفن العامي وقد حاول البعض إيجاد نقاط ثابتة على ضوئها يتم تعريف الأدب الشعبي كأن نقول إن مؤلفه مجهول وأنه قيل مشافهة بين جمهور من المتلقين وقد حاول العديد من الباحثين اعتماد التعريفات الواردة في المعاجم الألمانية التي ترى «أن الحكاية الشعبية هي الخبر الذي يتصل بحديث قديم ينتقل عن طريق الرواية الشفاهية من جيل إلى آخر وهي خلق حر للخيال الشعبي ينسج حول حوادث مهمة وشخوص وأحداث تاريخية» أو ما ورد في المعاجم الإنجليزية: «أنها حكاية يصدقها الشعب بوصفها حقيقة وهي تتطور مع العصور وتتداولها شفويا كما أنها تختص بالحوادث التاريخية الصرفة أو الأبطال الذين يصنعون التاريخ». فالحكاية الشعبية بهذا التعريف لها صلة بالمجتمع وأحداثه المهمة وهي معتقدات الشعوب وثقافتهم وعاداتهم وهي كشف عن هموم تلك الشعوب وتعود إلى أزمان سحيقة ولا يمكن للمرء أن يتصور شعبا بلا ذاكرة وبلا حكايات شعبية وإن اختلفت مكانة هذه الحكايات بتطور الأزمنة واختلاف الهموم والمشاغل في كل عصر وبكل قطر.

أما البحث التالي فكان عن «النّجمة» كظاهرة ثقافية فنية طقوسية واحتفالية للباحثة الزازية برقوقي فالنجمة كما يشير البحث هي عبارة عن سهرة ترتبط بالمناسبات الاحتفالية الدنيوية (كالعرس والختان...) يشترك في تكوينها جملة من العناصر ومن الممارسات الاجتماعية والتي تظهرها في شكل قالب غنائي نسائي منظم يخضع إلى مقاييس معينة، كأن تفتح «النّجمة» بالتّنويرة وبأغنية دون سواها وهي أغنية «سبقناك» ولابد أن تنتهي كذلك بأغنية «دام الفرح» مع إمكانية التنويع في المرحلة الوسطى من «النّجمة»، يعود ذلك إلى تعدد الموروث الغنائي البدوي الريفي الخاص بـ «النجمة» وخاصة نمط الطوّاحي من ناحية والى تتالي سهرات «النّجمة» والذي يتطلب تنوع الأغاني وتعدد الأغراض المتناولة حتى لا يمل الحضور سهرة «النجمة» والتي تتواصل أحيانا إلى طلوع الفجر.

فيما احتوى العدد على بحث عن الوشم لدى قبائل إفريقيا للباحث حسين عباسي إذ تطرق فيه إلى أنّ الإنسان البدائي في إفريقيا قد حوّل عدّة معايير وقوانين سنّها وسلوكيات خاصة إلى قيود، بمعنى أنه قد اجبر نفسه وغيره على الالتزام بما تحدّده هذه المعايير وهذه السلوكيات. معنى ذلك أنّ ما يؤديه الناس على انّه السلوك المعتاد أو المتوسط، يتحوّل في هذه الحالة ليصبح ما يجب أن يؤدى. من ضمن السلوكيات والمعايير التي أصبحت واجبا وجب اتّباعه في قبائل وسط إفريقيا هي عملية الوشم أو بالأحرى عمليات التشريح الجسدي أو التشطيب الجسدي التي أصبحت واجبا وعرفا يجب على كل فرد ينتمي إلى القبلية أن يقوم به وخلافا لذلك يفقد انتماءه إلى المجتمع القبلي.

فيما كتب الباحث أيمن حماد عن تأثير التراث الشعبي في المسرح العربي إذ يشير إلى أن التراث الشعبي يشكل جزءاً لا يتجزأ من ثقافات الشعوب على اختلاف هوياتها وأجناسها, فهو المعبر عن ماضيها وحاضرها، ومن خلاله تتحدد صورة مستقبلها. إنه يحدد الهوية التي تميز أمة عن أمة وشعباً عن شعب وجماعة عن جماعة، وهو ذلك الوعاء الذي تستودعه الأمم ممارساتها وطقوسها وشعائرها وكل مقومات وجودها وبقائها ونهضتها الحضارية للانطلاق من خلاله إلى آفاق أرحب من التقدم والنهضة في مختلف مجالات الحياة الإنسانية. فيما كتبت الباحثة ضياء الكعبي بحثا عن الحكاية الشعبية في منطقة شبه الجزيرة العربية والخليج العربي: دراسة في الأنساق الثقافية والتأويل لأربع مجموعات حكائية شعبية. مشيرة إلى أن الحكاية الشعبية تعد نوعاً سردياً شفاهياً أنتجته الذاكرة الجمعية البشرية في سلسلة متصلة من التداول وذلك في سعيها الدءوب لفهم علاقة الإنسان بمنظومة الكون من حوله وبالأنظمة الثقافية الحاكمة لمجتمعه شأنها في ذلك شأن أشكال التعبير الشعبي المتنوعة مثل الأساطير والملاحم والسير الشعبية والأمثال والألغاز والنكات والأغاني الشعبية وغيرها.

موضحة انه لم يحظَ الاشتغال الثقافي والتأويلي للحكاية الشعبية العربية بالعناية الكافية من الدرس والبحث على الرغم من أهميته؛ إذ إن جلّ الدراسات الخاصة بالحكاية الشعبية العربية ركّزت على منهجية التحليل الشكلاني والبنيوي الجمالي في رصد الوظائف والبنى وأغفلت جانب المعنى في ارتباطه بالأنظمة الثقافية لهذا النوع السردي الشعبي الشفاهي وما يستتبع ذلك من اشتغالات تأويلية. ونستثني من هذا الحكم بعض الدراسات الجادة التي أنجزت في مجال التأويل مثل: دراسة عبدالحميد بورايو للحكايات الخرافية للمغرب العربي. وهي دراسة تحليلية في معنى المعنى عن طريق منهجية روعي فيها التجانس والتدرج بين مختلف مستويات خطاب الحكاية الخرافية واستخراج المعنى الذي لا يبين عن نفسه دفعة واحدة، وإنما يتم استكشافه شيئًا فشيئاً من خلال تحليل يتميز بشيء من الصرامة ومراعاة الخصائص الذاتية للخطابات وربطها بالمحيط الثقافي الذي أنتجها وتداولها.

وتشير الكعبي إلى أن دراستها هذه تسعى هذه إلى إنجاز قراءة ثقافية وتأويلية للحكاية الشعبية العربية في منطقة شبه الجزيرة العربية والخليج العربي استناداً إلى التحليل السردي الثقافي. مضيفة وقد آثرنا هذه المنهجية الثقافية التأويلية إيماناً منا بقدرتها على الكشف عن مدلولات الخطاب الحكائي الشعبي وتشكلاته الثقافية المعرفية التي صدر عنها. ولا يعني هذا الاختيار التقليل من شأن الدرس الشكلاني والجمالي البنيوي الذي يضيء مناطق القراءة الداخلية. وفي اعتقادنا أن تعاضد البنيوي الجمالي بالثقافي والتأويلي من شأنه أن يقدم دراسة متكاملة للحكاية الشعبية العربية لانزال ننتظرها حتى الآن

العدد 3155 - الأربعاء 27 أبريل 2011م الموافق 24 جمادى الأولى 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً