العدد 3189 - الثلثاء 31 مايو 2011م الموافق 28 جمادى الآخرة 1432هـ

الطفل حمزة... بأي ذنب قتل؟!

محمد علي الهرفي comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

كانت جثته مشوهة تماماً، وكان النظر إليه يحتاج إلى قلب شديد القسوة، ذلك هو الطفل السوري الشهيد «حمزة الخطيب» ذو الثلاثة عشر ربيعاً، الذي قتلته القوات السورية بعد تعذيب هائل، كل ذلك لأن ذلك الطفل شارك في تظاهرة مع بعض أهالي درعا، فكان ذلك العمل الوحشي هو نصيبه!.

الطفل حمزة ليس الطفل الوحيد الذي قتلته الحكومة السورية، فهناك آخرون سبقوه، وأجزم أن هناك آخرين سيلحقون به مادام الدم السوري لا قيمة له عند حكامه...

بطبيعة الحال لا أريد التذكير بالقتلى الآخرين من الرجال والنساء، فالحكومة السورية انتهجت الطريقة القذافية في القتل والتدمير ومحاصرة وتجويع شعبها بكل الوسائل، والواضح أن نهاية حكام الدولة لن تختلف كثيراً عن نهاية القذافي ومن معه من المجرمين...

تعاطي الإعلام السوري مع الأحداث هو الآخر معضلة تستعصي على الفهم السليم!

أفهم المذيع يقر ما يكتب له سواء اقتنع به أم لم يقتنع، فهذه وظيفته وكل الناس يعرفون ذلك، لكنني لا أستطيع أن أفهم كيف أن أستاذاً في جامعة أو من يصف نفسه بـ «المحلل السياسي» أو حتى بعض الموظفين الرسميين يتحدثون عن أحداث بلدهم بصورة يستحيل تصديقها! كيف يستسيغون الكذب الواضح ولا يرف لهم جفن؟! ألا يدرك هؤلاء أنهم يسيئون لبلدهم ولأنفسهم؟! أفهم بعضهم يخاف من قوله كلمة الحق، فالدول لا تتأخر مطلقاً في سجن كل من يتحدث صادقاً أو شبه صادق، لكن لا أظن أن هناك من يجبرهم على الحديث المتهافت الذي نسمعه منهم، وقد يصاب بعضنا بالغثيان وهو يسمعه...

الطفل حمزة – كما يقولون – لم تقتله قوات الدولة... والطبيب الذي استضافه إعلام النظام أكد أنه رآه من دون أي تشويه! حسناً من قتله؟! ثم من الذي يمكن أن يشوهه؟! ولماذا لم يتسلم أهله جسده إلا بعد أيام؟! أين كان كل تلك المدة؟! أسئلة كثيرة لم يفكر بها ذلك الذي أراد تبرئة أجهزة القمع من ارتكاب تلك الجريمة البشعة!

النظام السوري ومنذ بداية الثورة وحتى الآن لا يريد الاعتراف بأن هناك ثورة شعبية تطالب بالإصلاحات، وهناك ثورة تطالب بإسقاط النظام، ولأنه لا يرد الاعتراف فإنه – ومنذ بداية الثورة – يبحث عن سبب هنا وآخر هناك لعله يبرئ نفسه من كل الجرائم التي ارتكبها بحق الشعب...

الدولة اتهمت الإخوان المسلمين – أولاً – ثم رأت أن تحيل هذه التهمة إلى السلفيين، وعندما وجدت أن هذه التهمة لن تصمد طويلاً رأت أن تجعلها لمجموعات مندسة، وشجعت إعلامييها على تبني هذا الموقف المضحك!

أعجب من هؤلاء الإعلاميين كيف يتوقعون أن يصدق الآخرون أن هذه الجماعات «المندسة» لا تظهر إلا أثناء الاحتجاجات ضد الدولة! وكيف أن هذه الجماعات تنتشر بسرعة مذهلة في كل المحافظات والقرى وتظهر مع الثوار ثم تختفي إذا اختفى هؤلاء الثوار؟! ثم لماذا لم يخرج أي «مندس» مع المظاهرات المؤيدة للدولة؟!

السوريون يقولون إن أمنهم يصعب اختراقه، فكيف تسنى لكل أولئك المندسين أن يدخلوا سورية مع أسلحتهم؟!

وأعجب – أيضاً – من التشويق الإعلامي الذي يبشر به بعض «الدكاترة» من أن التلفزيون السوري سيعرض صور بعض المندسين مع اعترافاتهم، حسناً هم عرضوا بعض أولئك... لكنهم يعرفون أن أحداً لن يصدقهم لأن الكل يدرك الطريقة التي يجعلون أولئك «الأسرى» يتحدثون بها...

مشكلة النظام السوري وبعض معاونيه أنهم مازالوا يعيشون بعقلية ما قبل أربعة عقود ماضية، ولو أنهم كانوا أكثر إدراكاً لفعلوا شيئاً مختلفاً يحفظ لهم مكانتهم ويحفظ للسورين طريقتهم وكرامتهم...

قتل الأطفال لا يمكن تبريره، وأيضاً قتل المواطنين الذين يطالبون بحريتهم... بأي ذنب يقتل كل هؤلاء؟! هل نجد عند قاتليهم إجابة مقنعة؟!

إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"

العدد 3189 - الثلثاء 31 مايو 2011م الموافق 28 جمادى الآخرة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً