العدد 3218 - الأربعاء 29 يونيو 2011م الموافق 27 رجب 1432هـ

التغيير يبدأ بِكَ أوّلاً!

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

التغيير يبدأ بِكَ أوّلاً ومن ثمّ ينتقل إلى غيرك، ولا يمكن أن يبدأ التغيير بدون الحاجة إليه أو بذل التضحيات من أجله، بل لابد أن يكون التغيير باقتناعاتك الشخصية ورفضك للواقع الذي تعيشه.

ليس سهلاً علينا التغيير، بل في بعض الأحيان نتأقلم معه إذا كان التغيير حدثاً في المجتمع، وقد نتقبّله إذا كان إيجابياً يساعد المجتمع، ولكن في النّهاية التغيير قادم لا محالة، وإلا فإن كل شيء سيبقى سرمدياً أبدياً؛ ما يجعل الحياة مملّة يصعب العيش فيها.

عندما نقرأ تاريخ الأمم نجد طفرات التغيير تبدأ بالمفكّرين أوّلاً، ثمّ تتبعها الموجة إلى الناس البسطاء، فالمفكّرون هم المنوّرون، وهم الذين لا يقبلون العيش في حياة رتيبة ثابتة، بل حياتهم تفتقر إلى الروتين في أغلب الأحيان.

تمسَّكْ بمبدأ وحاولْ أن تناضل من أجله، لتغيّر ما حولك، حتى يصبح للأفضل، ولكن ولو فشلت، فقد نجحت في محاولتك كسر الحاجز والبدء بصفحة بيضاء جديدة!

وليس هذا فقط، فكّرْ في الخبرة التي استفدت منها أثناء محاولات التغيير، ولا تخشَ أحداً من حولك، ما دمت مقتنعاً بوجهة نظرك، فإنْ كانت صحيحة، فإنّها ستستمر حتى تصل إلى غيرك، وإن كانت خاطئة فإنّها ستنطفأ، حتى تجد لك مبدأ آخر تناضل من أجله.

المشكلة أنّ الناس تخشى التغيير، وترتعب من فكرة عدم وجود الروتين في حياتها، بل وبعضهم يظن بأنّ فكرك ضلالي لا ينفع الناس في دينهم بقدر ما يدمّره، وهذه كلّها ترّهات؛ لأنّك لم تحاول التغيير، إلا لأنّ الفكر وصل إلى مرحلة من عدم قبول الضلالات نفسها.

في العصور المظلمة كان يُقتل المفكّر، ويقطع رأسه، لأنّ أفكاره لا تناسب الفكر الديني للكنيسة والرهبان، وقد ضحّى الكثير من المفكّرين من أمثال مايكل أنجلو ومونتسكيو من أجل تغيير المجتمع الأوروبي، حتى وصل الحال إلى ما هو عليه.

نحن ما زلنا نفكّر بعقلية العصور المظلمة، وما أن يبدأ مفكّرٌ يتكلّم عن التغيير، ويعبّر عن أفكاره التحرّرية، حتى تقاتله بعض الجماعات الدينية بشراسة، فهو ضلالي مضلّل، لا يفقه ما يقول، ويحارب من قبل الجميع، حتى ينتشر فكره للآخرين.

الباحثة الانثروبولوجية ثريّا التركي، التي حاولت دراسة مجتمع عنيزة في قلب شبه الجزيرة العربية «نجد»، ولكنّها عبثاً حاولت الغور في الفكر، فلقد كانت النظرة العامة بأنّ فكرها مخرّب من قبل الغرب، وأنّها خطرة على نساء بلدها، وليس هذا فقط، بل وكانت كتبها محظورة في هذا الشأن!

المفكّر السعودي عبدالله القصيمي الذي كان أصولياً فألحد، كانت كتبه تُمنع من الخليج العربي، حتى لا يتأثّر بها الناس وتُخرّب عقولهم، وكان كتابه «العرب ظاهرة صوتية»، من الكتب المثيرة عن فكر الإنسان العربي وخصوصاً في شبه الجزيرة العربية، وقد مُنع هذا الكتاب حتى الألفية، ووصل إلى أيدينا.

والخلاصة هي أنّ التغيير يحتاج إلى فكر، والمفكّر مهما عانى لابد له من إيصال علمه وفكره من أجل التغيير، وخصوصاً في هذه العولمة التي نعيشها ومع سهولة وصول الأفكار. فلنسعَ للتغيير الإيجابي الذي يفيد البشرية دوماً، مهما حوربنا في فكرنا وفي أهدافنا للتغيير

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 3218 - الأربعاء 29 يونيو 2011م الموافق 27 رجب 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً