العدد 3231 - الثلثاء 12 يوليو 2011م الموافق 10 شعبان 1432هـ

البلاطجة الكبار

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

كشف الحدث الليبي الأخير عن انتهازيةٍ لم يشهد التاريخ لها مثيلاً إلا في الحروب الصليبية في القرون الوسطى.

لست هنا في وارد الدفاع إطلاقاً عن حكم دكتاتوري أمسك بتلابيب الشعب الليبي، ولا الدفاع إطلاقاً عن حاكمٍ خرج بعد اثنين وأربعين عاماً من حكم شعب عربي عريق ليصفه بالجرذان والفئران والحيوانات والحشرات. بل هي كلمةٌ في حقّ هذا الغرب المنافق وسياساته.

إن من حقّ الشعب الليبي أن يكون له طموحٌ في التغيير، أسوةً بغيره من الشعوب العربية التوّاقة للحرية والكرامة ومستقبلٍ أفضل. وهو شعبٌ يستحق حكماً أفضل من هذا الحكم الفردي الاستبدادي المغلق.

ما حدث في ليبيا فضيحةٌ دوليةٌ كبرى، لا تقل تهوّراً عن سياسة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش في حربه الجنونية على ما أسماه «الارهاب». وتكشفت عن سلسلة جرائم دفع كلفتها المباشرة شعبا العراق وأفغانستان، ودفعت شعوبٌ أخرى فاتورتها غير المباشرة، لتقتطع من موازنات التنمية والإعمار.

في ليبيا، تصرّف زعماء الغرب كعصابة مافيا ودون قناع. فمع أول تحرك شعبي مناهض للحكم الليبي، عقدت الاجتماعات السريعة وتم توزيع الأدوار، بين من يقوم بالعمل العسكري باستخدام الطائرات والصواريخ وأدوات القتل الجماعي، ومن يوفّر الإمدادات اللوجستية، ومن يقدّم الأموال. وتبرع عددٌ من أبناء جلدتنا للمشاركة في التخلّص من هذا العدو المشترك كما فعلوا من قبل مع العراق، وباركت كل ذلك الجامعة العربية المصونة وزعيمها عمرو موسى.

السلوك الغربي في ليبيا، كشف عن لؤمٍ وانحطاطٍ أخلاقي كبير. فأقرب حلفاء القذافي، رئيس الوزراء الإيطالي برلسكوني، كان من أول المتجندين في الحملة الصليبية الجديدة، وكان قد زار القذافي قبل عامين في خيمته ليعلن مصالحةً تاريخيةً، ودفع تعويضات عمّا ألحقه استعمار بلاده لليبيا في الثلاثينيات أيام الشهيد عمر المختار. ونشرت له الصحف صوراً وهو ينحني ليقبّل يد القذافي، في أغرب صورةٍ يمكن أن تشاهدها عينٌ، لحاكم دولة غربية ديمقراطية يقبل يد حاكم دولةٍ دكتاتوريةٍ شرقية. (ربما كانت أغلى قبلة في التاريخ إذ كان وراءها تمرير صفقات تجارية كبرى ولم تكن مجاناً)!

الشخص الآخر الذي تصرّف كقائد فرقةٍ أخرى من البلاطجة هو الرئيس الفرنسي ساركوزي، فقد نصب نفسه مدير عمليات لإدارة الحرب في ليبيا، يصدر الأوامر والتوجيهات، وكان أكثر الزعماء الغربيين تصريحات وتهديدات. والأسوأ من ذلك كله أن الجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان)، صوّتت أمس بغالبية 482 صوتاً مقابل 27 صوتاً لصالح تمديد التدخل العسكري الفرنسي في ليبيا ضمن قوات التحالف الدولي! فممثلو الشعب الفرنسي الذين انتخبوا ديمقراطياً، لم يجدوا مانعاً سياسياً ولا وازعاً أخلاقياً من التصويت على تمديد الحرب على دولةٍ أخرى، بما فيهم نواب الحزب الاشتراكي العتيد! (ومن حسن حظ باراك أوباما أن الكونغرس صوّت -براغماتياً- ضد تقديم أية مساعدات عسكرية إضافية للثوار)!

لقد تصرّف كبار ساسة الغرب على طريقة رجال عصابات المافيا، الذين تدور أعينهم في محاجرها بحثاً عن الغنيمة الباردة، فالنفط الليبي يمثل احتياطياً مهماً في السوق.

ما هي ليبيا؟ ماذا تكون؟ دولةٌ صحراويةٌ مترامية الأطراف، سكانها لا يزيدون على نصف سكان باريس وضواحيها، والغرب الحضاري أولى بهذه السلعة الاستراتيجية من مجموعة القبائل المتنافرة في الصحراء

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3231 - الثلثاء 12 يوليو 2011م الموافق 10 شعبان 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 15 | 6:03 ص

      تكرار قصة موسى وفرعون في القرآن ولكن

      سبحان الله العارف بخلقه والذي إذا تكلم فلا كلام فوق كلامه لقد تكررت قصة موسى وفرعون في كثير من سور القرآن بحيث أنها أكثر القصص تكرارا وفي كل سورة تأخذ جانبا معينا من هذه القصة العجيبة
      ولكن بني البشر لا يتعظون ولا يتعلمون وقليل من عباد الله من يأخذ المواعظ من هذه القصص
      إذاعات تتلو القرآن وفي المدارس والبيوت ومساجد الله وغيرها من أماكن العبادة لا يكف الناس عن تلاوة القرآن
      ولكن النادر منهم من يتدبر القرآن بسبب الأقفال التي على القلوب والرين الذي يصدي النفوس

    • زائر 14 | 5:57 ص

      الله هداك يا رقم 4

      الله هداك انت يا زائر 4، صدق ما تعرف السيد قاسم. مو من النوع اللي تستهويه الفتنة مثل بعضهم 24 ساعة كتابة شتم وسب في الآخرين المختلفين معهم في الراي او الموقف السياسي ويطالبون بقطع رزقه وتهجيره من وطنه. هذه الاشياء يركضون لها اما الكتاب العقلاء الذين يخدمون البلد وينصحون لوجه الله فلا تهمهم. هم يريدون الجميع يغرق في الطائفية والسيد وامثاله ما يروحون للفخ برجلهم.

    • زائر 12 | 4:19 ص

      السلوك الغربي الأهوج سيجتاح منطقتنا على أساس تخليصنا من الحكام ولكن الهدف التسلط والاستعمار.... ام محمود

      قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم محذراً من فتن آخر الزمان: يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة على قصعتها قيل يا رسول الله أمن قلة بنا؟ قال لا ولكنكم غثاء كغثاء السيل تنزع المهابة من قلوب عدوكم منكم ويوضع في قلوبكم الوهن قالوا يا رسول الله وما الوهن؟ قال حب الدنيا وكراهية الموت ..
      لقد وصلنا الى هذا الزمن الشديد والأغبر فهناك تهديدات من كل حدب وصوب و بعد استهداف ليبيا وضربها و بعد ما حصل في السودان ولبنان من مآسي نرى
      ان القوة الحديدية المتحالفة تتجه الى سوريا و بعد الفتن الهجمة

    • زائر 11 | 4:01 ص

      صدقت

      هذه هي السياسة الدولية يا سيد.

    • زائر 8 | 2:49 ص

      لكل ظالم نهاية سوداء ..... (3) تابع ........... ام محمود

      كبار ساسة الغرب بالضبط كما وصفتهم استاذ أسوأ من رجال عصابات المافيا و لكنهم أذكياء قتلوا الشعب العراقي والباكستاني والليبي والفلسطيني واللبناني
      وأهل أفغانستان و يطلعون أنفسهم أبرياء وأن اهدافهم سامية جدا وان بعض الضربات كانت بالخطأ قتلوا الكثير من الثوار الأشراف في ليبيا وقالوا بالخطأ دمروا ليبيا بالكامل وقالوا انهم يبحثون عن مقر القذافي في العزيزية .. ساركوزي نفسهم مثل الثعبان المتلون لا أحد يريد مصلحة ليبيا وانقاذها حتى من ساعد في الضربة العسكرية من أهلنا في الخليج
      هناك مآرب وحسابات آثمة

    • زائر 7 | 2:44 ص

      الله يهداك

      أمس العركة قايمة و كاتب لي عن ليبيا...
      البحرين أولى يا سيد...
      نبغيك اتبرد قلوبنه على هالطائفيين اللي يريدون زرع الفتن و الحقد و الكراهية بين فئات المجتمع

    • زائر 6 | 2:42 ص

      لكل ظالم نهاية سوداء ............. تابع ............ ام محمود

      ولم ينته و يكتفي نيرون بهذا القدر من العلو والطغيان بل اتهم من آمن من المسيحيين بانهم من قام باشعال هذه النار العظيمة التي أحرقت 10 أحياء من مجموع 14 حي وانهم من أفسدوا بالبلاد وانهم من حاول زعزعة الأمن و خلق الفوضى والدعوة الى قيام ولاية نصرانية داخل مملكته فنكل بهم أشد التنكيل و عذبهم أشد العذاب و أعدمهم وقتلهم وأحرقهم .. ونرى الآن التاريخ يعيد نفسه في الطغاة الجدد فهم ظالمين ومجانين و مهووسيين و معقدين الله يساعد الشعوب عليهم ويخلصهم من شرهم .. والطغاة من الحكام الغربيين أكثر من العرب

    • زائر 5 | 2:32 ص

      لكل ظالم نهاية سوداء مثل فرعون وهامان وقارون ومثل ما حدث لطغاة زماننا ..... ام محمود

      أحد الشعراء كتب يمدح أحد الطغاة وسفاكي الدماء و المغرورين من الحكام :
      شئت لا ما شاءت الأقدار * فأحكم فأنت الواحد القهار
      وكأنما أنت النبي محمد * و كأنما أنصارك الأنصار
      وهنا رفعه الى درجة الالوهية والنبوة أستغفر الله و هذا ما نراه في شخصية القذافي الذي يعتبر نفسه ملوك الملوك وسلطان السلاطين و أحكم الحكام و جميع الناس من حوله حيوانات و حشرات ليس لهم قيمه و هذا مرض ابتلى به طغاة منذ القدم أمثال نيرون الذي أحرق مدينة روما بسبب اعتناق بعض الأهالي للدين النصراني واستمتع بمنظر الناس وهم يحترقون ولم

    • زائر 4 | 2:15 ص

      قبل ان نلوم العدو

      قيل ان تلوم اعدلء العروبه و الاسلام لنلوم انغسنا استاذ قاسم فاالغرب اجبن من ان يقوم بما يقوم به لو رانا شعوب عصاميه واعيه لما يدور حولها و مبتعده عن الحقد الطائفي و متجهه الى بناء الاوطان

اقرأ ايضاً