العدد 3255 - الجمعة 05 أغسطس 2011م الموافق 05 رمضان 1432هـ

في الشهر الفضيل... لنرتقي بإنسانيتنا

رملة عبد الحميد comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

كم شهر رمضان مرّ علينا، وهل جاء هذا العام مغايراً؟ شهرٌ من أفضل الشهور يزورنا كل عام، حاملاً معه الخيرات والبشرى، وفي طياته الرحمة والغفران.

إنه هبة الرحمن الذي خلق الإنسان، وعلمه البيان، فالله ربنا يريد بنا أن نكون أكثر رقيّاً وإنسانية، لذا وهبنا شهراً لا تجوز فيه سوى الرحمة والمحبة، ولا يسمو معه إلا الخيّرون، فهم باب الصفا، وهم عنوان الشهر الفضيل.

الحب فعل وسلوك وموقف وليس كلمات وأهازيج، ومن يحب البحريني الأصيل الطيب بصدق لا يرتضي إليه أن يعيش مفصولاً دون عمل أو عائد مادي يكفيه السؤال، وينأى عنه الشعور بالحاجة والحرمان. ففصل آلاف المواطنين فصلاً تعسفيّاً دون سبب أو مبرر شرعي يتنافى مع أبسط مقومات حقوق الإنسان. والفصل العمد والإمعان في الإيذاء النفسي قبل المادي والتسويف في القضية أمر خارج دائرة الإنسانية والعيش المشترك. هو حالة من الانتقام والتشفي، فإن لم يكن كذلك فما المبرر من تبقي آلاف العوائل دون مدخول شهري؟ وما الفائدة من جعل قوائم العاطلين والمعوزين تزيد؟

هي حالة ينبغي ألا تستمر طويلاً، وجاء الشهر الفضيل فرصة للمعنيين في هذا البلد لمراجعة هذا الملف، فهو حق واستحقاق، وليس منَّة أو تفضُّلاً. نتمنى أن تُسمع أصواتنا حتى لا تصبح محاولاتنا وسعينا أضعف من أن تؤتي أكلها إلا ما ندر.

شهر رمضان مدعاة الجميع في البحرين باسترجاع أنفاسه، وتخليصها من جوِّها المشحون البغيض، فليس في الحق من جانب أن يتهم البعض بالخونة وتسوق عليهم ألقاب ما نزل الله بها من سلطان. والشهر الكريم شهر القرآن العظيم، وكم جميلٌ على قارئه أن ينأى بنفسه عن اتهام أخيه بشيء لا يرضاه لنفسه. فمن مفارقة القدر، ومن عجائب الزمان، أن أصبح من كان أخوه في أمسه، صار اليوم عدوه، بل صار السباب والقذف والتشهير، والقسوة والتشفي والتصيد والعمل على إيذاء الآخر من شيم بعضنا. فمتى كان الاختلاف مرجعاً للعداء، وهل هي حالة سليمة يرجى فيها لمجتمع أن ينمو ويرتقي ويتآخى؟

شهرنا الكريم فرصة لأن يتخلص البعض من شر نفسه، ويعود لرشده ويكفيه ما فعل، فالناس لا تنسى ولكن تتناسى، والخوف أن تبقى الذكرى مؤلمة تحفر جرحاً عميقاً لا يقف نزيفه، ويصبح الانتقام سيد الموقف. مازلنا بخير ومازال هناك أمل، فهل نصوّب الأمور قبل أن ينفلت من أيدينا الزمام؟

تعلمنا أن شهر رمضان هو الشهر الذي أنزل الله فيه القرآن، لذا اُستحبت تلاوته ففيه هدى للناس. شهرٌ تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب النار، وتصفد فيه الشياطين، وتضاعف فيه الحسنات. شهرٌ فيه فتحت مكة فدخل الناس في دين الله أفواجاً، وفيه ليلة القدر التي تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا. شهرٌ من أقبل عليه يكفِّر فيه ذنوبه وخطاياه. شهرٌ تفتح فيه بيوتنا قبل مساجدنا، ويكثر فيه الخير وأهله، ويرتفع فيه الإحساس وتجنح المشاعر نحو السلام، لكن ما بال بعضنا لا يفكرون؟ فهناك خلف الجدار أنَّات تصرخ من قسوة الفقد ومعاناة القهر، ورغم الألم فمازالت قلوبنا تنبض بالمحبة، وصدرنا يتسع ليحتضن الجميع. ويبقى دعاؤنا في الشهر الفضيل: «اللهم ارزقنا صيامه وأعنا على قيامه وقربنا إلى مرضاتك وجنبنا فيه من سخطك ونقماتك»، فإنا نخشى يوماً يتحقق فيه الوعد الصادق «وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلماً» (سورة طه، الآية: 111)

إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"

العدد 3255 - الجمعة 05 أغسطس 2011م الموافق 05 رمضان 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 6:04 ص

      هل صيامهم مقبول؟

      نحن نعلم أن قبول الاعمال من عدمها بيد الله سبحانه، لكني أفكر فيمن تسبب في فصلي وتجويع أطفالي منذ ثلاثة أشهر هل يصوم رمضان؟ وهل يقرأ الثرآن الكريم؟ وهل زاد من مقدار تعبده؟ وهل قلبه مطمئن زظميره مرتاح بعد أن خان عشرة وصداقة وتراحم وأخوة أمتدت 27 سنة!

    • زائر 2 | 5:59 ص

      دعوة صادقة

      دعوة صادقة من الكاتبة المبدعة الى فعل الخير في ونبذ الفرقة والطائفية البغيظة!!.ت:أبوجعفر

    • زائر 1 | 2:28 ص

      شكرا

      سلمت يداك وحفظك الله سالمة يا عزيزتي

اقرأ ايضاً