العدد 3257 - الأحد 07 أغسطس 2011م الموافق 07 رمضان 1432هـ

أن يتحول اسمك إلى تهمة

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

كل اسم تاريخ قابل للتأويل، واقع خاضع للكشف

وخصوصية التأويل هي وحدها التي تجعله إثماً يعاقب عليه صاحبه، أو يكافأ، وربما يزج في غياهب المشكلات التي لا نهاية لها، مشكلات يفرضها عليه واقع قد لا يكون هو جزءاً من تكوينه في وقت سابق

هكذا يخرج الاسم من كونه صفة إلى كونه تهمة. يضيّق على صاحبه وبقدر ما يتسع من حوله الفضاء، لا يمكنه أن يكون جزءاً منه

@@@

في العالم الثقافي اسم الكاتب هو جواز سفره إلى الآخرين، فما إن تكرس لك اسماً حتى تصبح طياراً تجوب الدول وربما القارات، لا لأن ما تكتبه دائماً هو صالح للسفر عبر الفضاءات لقوته وجماله، ولكنه اسمك الذي اقتضى وجودك في كل الأنحاء. وعلى العكس تماماً، مهما حاولت صنع اسم لم يكن مقدراً له أن يحيا لن تصل إلى خارج مكانك أو غرفة نومك، حتى وإن أنتجت إبداعاً قد لا يملكه الكثيرون من أصحاب الأسماء الـ «طيارة» وخصوصاً إن لم تكن من محترفي الترويج لأنفسهم

@@@

ليس اسمك هو الوحيد الذي قد يدل عليك في العالم الثقافي أو الإبداعي عموماً، فاسم أبيك هو الآخر مهم إن بدأت مشوارك في التعاطي مع هذا الهم، فكثيراً ما تخرج بعض الأسماء فتبدأ كبيرة لاقترانها باسم من الـ «كبار» في شتى المجالات الثقافية، والأمثلة هنا كثيرة بدءاً بالممثلين مروراً بالشعراء والسرّاد وليس انتهاء بالفنانين التشكيليين

@@@

الاسم هو الصفة الأولى التي تبحث عنها المكتبات ويبحث عنها أصحاب دور النشر، وبالتالي فهي التهمة الأولى التي تختارها طواعية حين تقرر إصدار كتاب، أو رسم كاريكاتير أو كتابة مقال. تهمة إن امتهنت التطرق للتابوهات التي أنتجتها مجتمعاتنا العربية، ولأن السياسة هي إحدى هذه التابوهات، فإنك ستكون من أصحاب السوابق إن امتهنتها في إبداعك أو حاولت أن يكون لك رأي فيها، أو أن تطالب بحق لك في ظل أنظمة لا تقبل المطالبات، لأنه سيكون دليلهم الأول عليك

ولأن الاسم هو أول دليل عليك في العالم السياسي، يغدو الخيط الأول للزج بك في قضية إرهابية في ظل أنظمة لا تعترف بالديمقراطية، وتمتهن اغتيال الأرواح والأسماء، ما إن تصرح باسمك أن لك مطالب وحقوقاً

@@@

كثيرة هي الأمثلة على تهمة الأسماء في اللعبة السياسية، وتوريث الأسماء - من وجهة نظر السلطة - إذ غالباً ما يجرم الابن على اسم أبيه فتغدو العائلات «خارجة» بالوراثة حتى وإن لم تكن للابن معرفة بالسياسة

بعض ما يحدث في مملكة البحرين اليوم هو نتيجة لتوريث الأسماء السياسية، فلو ألقينا نظرة على قائمة المفصولين والموقوفين أو قائمة المعتقلين أو المتهمين لوجدنا أنها تحمل أسماء عائلات بعينها تكررت في أكثر من تهمة وأكثر من موضع وقائمة، وفي وضع أسوء تحمل أسماء آباء وأبناء لا لأنهم مشتركون في «الجرم» السياسي دائماً؛ بل قد يكون السبب هو صلة القرابة كما حدث لبعض المتهمين ممن لم يكونوا في البلاد ولم يشاركوا في اعتصام أو مطالبة

ولأن الاسم هو وسيلة سهلة لمعرفة مذهب حامله، بات اليوم سلّما أول للوصول إلى الخراب أو التقدم في ظل مجتمعنا الذي امتهن التقسيم الطائفي حتى في المساعدات الإنسانية ومعاملات البيع والشراء والتوظيف بصفة أولى

@@@

هل يفترض بنا التنصل من أسمائنا كي لا تلاحقنا لعناتها؟ أم أنه القادم الذي لن يجعل لكل امرئ من اسمه نصيباً؟

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 3257 - الأحد 07 أغسطس 2011م الموافق 07 رمضان 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 13 | 1:19 م

      نطمح لقانون يجرم التمييز

      هذا الوضع لن يتغير إلا اذا وجد قانون يجرم هذه الممارسات ويغلظ عليها العقوبة يومها فقط سيرتدع اصحاب النفس الطائفي البغيض ريما لن يتغيروا لكن سيحبسون انفاسهم النتنة ..أو سيحبسون بجريمتهم

    • زائر 12 | 10:47 ص

      المقال جميل مثل جمال الوسط

      وما لم تذكرينه استاذة هو ان اسماءنا اليوم اصبحت تهمة ايضا في ظل وجود الانترنيت والفيس بوك وتويتر فقد اخذوني للتحقيق فقط لان اسمي الاول والاخير نفس اسم احد المغردين في تويتر فاتهموني بالتحريض على كراهية النظام دون الرجوع الى الادلة الاخرى التي تثبت انني لا املك توتير ولا فيس بوك ايضا
      مقال جميل جدًا جدًا صح الله لسانك وشكرا لك

    • زائر 11 | 10:32 ص

      رائع

      رائع هذا المقال استاذة سوسن
      هو واقع مر نعيشه اليوم بكل سواده
      سلمت اناملك على هذا المقال الذي اعتبره اجمل ما كتبت هنا في الوسط صديفتنا الاولى واصدقه
      تحية للوسط ولك ولنا بقلمك الرائع

    • زائر 10 | 7:14 ص

      مارأيت الا جميلا

      جميل جدا يا سوسن ، أصبت الجرح . دائما أتذكر قول زينب عليها السلام في حضرة يزيد عندما سألها عن احوالها ، فأجابت مارأيت الا جميلا. ونحن على الرغم من الجراح مارأينا الا جميلا: فهاهم اصدقاء ورفاق تكشفت لك معادنهم البلاسنيكة. وكأن القناعات السابقة لم تكن الا وهما وضلال.
      فعلا عرفت ان اناس غيروا مذهبهم ، وازالو اللقب كي لا يعرف مذهبهم. كم هو عار ومناف لأبسط حق إنساني ان تتهم الناس على مذهبهم

    • زائر 6 | 1:07 ص

      أسماؤنا تبقى

      أسماؤنا تبقى حتى وأن تحولت إلى تهمة .. أسماؤنا لنا وإن مثلت هويتنا .. لذلك يجب أن تبقى لأن هم سيتغيرون لا محالة .. وتبقى أسماؤنا البريئة والبريقة من التهم الزائفة .. أسماؤنا تبقى .. لابد أن تبقى .. ودوام الحال من المحال

    • زائر 5 | 10:52 م

      احسنت في طرح هاذا الموضوع

      احسنت في طرح هاذا الموضوع انا من الناس الذي تاذا من الاسم وانا والله لم يكن لي اي هدف او نيه غير طيبه وذالك خلال زيارتي للبحرين اكثر من مره
      فقط يقراء جندي الجوازات اسمي من الجواز ويقول لي ارج لبلدك ويشهد الله اني احب البحرين كا جكومه وكذالك الشعب بجميع طوائفه----

    • زائر 3 | 9:52 م

      حقا أصبت كبد الحقيقة...

      ...... لاتعليق ....... قل بدون تعليق ..... والعاقل يفهم ... الصح صح .... ولا كلام في ذلك ..

    • زائر 2 | 9:51 م

      أسمي سيد

      وطالما واجهت مشاكل بسبب هذا الأسم وآخرها إني موقوف عن العمل منذ ثلاثة اشهر. ولكني مستعد لتحمل المزيد من التعب والنصب ولا أغير تشرفي بإنتمائي.........

    • جعفر الخابوري | 9:47 م

      كلام في الصميم

      جزاكم الله كل خير
      كلمات صادقه

اقرأ ايضاً