العدد 1381 - السبت 17 يونيو 2006م الموافق 20 جمادى الأولى 1427هـ

استقالة أفاغوستي

جاسم حسين jasim.hussain [at] alwasatnews.com

لا يمكن اعتبار استقالة المدير العام لهيئة تنظيم الاتصالات «أو الهيئة» أندرياس أفاغوستي حدثا عابرا وخصوصاً في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ صناعة الاتصالات في البلاد. بدورنا نعتقد أن استقالة أفاغوستي تشكل ضربة «لا ندعي أنها قاصمة» لسياسة تحرير قطاع الاتصالات. فالرجل غير عادي بكل الأحوال وذلك بالنظر إلى الهدف الذي جاء من أجل تحقيقه، تحديداً ضمان وجود منافسة نزيهة في قطاع الاتصالات في البحرين.

فالرجل يحمل درجة الماجستير في القانون بتخصص تطبيق القوانين المتعلقة بالمنافسة. كما أن له باعاً طويلاً في مجال عمله. فقد عمل سابقا في مؤسسات لها علاقة بالاتصالات في كل من اليونان ومقاطعة هونغ كونغ الصينية. إذاً أفاغوستي هو الشخص المناسب في المكان المناسب.

أرباح الهيئة

لا يمكن اعتبار استقالة أفاغوستي مرتبطا بالأداء المالي للهيئة. فالأوضاع المالية للهيئة ممتازة بدليل تحقيقها لأرباح في العام الماضي. بخصوص السنة المالية ، بلغت إيرادات الهيئة نحو مليونين و ألف دينار غالبيتها العظمى على شكل رسوم تراخيص ما يعني تسجيل نسبة نمو بلغت في المئة مقارنة بدخل العام . بالمقابل، بلغت قيمة المصروفات مليون ونصف المليون دينار مشكلة تراجعا قدره في المئة عن العام . يعود الأمر إلى تدني كلفة رسوم خدمات الاستشاريين. وعلى هذا الأساس حققت الهيئة فائضا قدره مليون و ألف دينار. ويشكل هذا الرقم نحو في المئة عائدا على المبيعات وهي نسبة راقية بكل المقاييس. وقد تم نشر الأرقام في الجريدة الرسمية «عدد » بتاريخ يونيو/حزيران الجاري.

علاقة متوترة مع بتلكو

الملاحظ أن الهيئة فشلت حتى الآن في ضبط إيقاع التعامل مع شركة البحرين للاتصالات السلكية واللاسلكية (بتلكو(. وبدا هذا الأمر واضحا عندما قررت «بتلكو» إجراء تغييرات جوهرية على أسعار استخدام الانترنت من دون أي اعتبار للهيئة. والغريب حدوث تزامن بين استقالة أفاغوستي وقرار الهيئة بإلزام «بتلكو» بالتوقف عن تسجيل الزبائن لخدمة «برود باند» ذات العشرة دنانير. من جانبها أعلنت «بتلكو» أنها بصدد اتخاذ إجراءات قانونية ضد الهيئة.

وكان سهلا للمراقب أن يلتفت إلى العلاقات المتوترة بين الهيئة و»بتلكو» لدرجة قيام مسئولين من «بتلكو» بالتحدث علانية عن خيبة أملهم من الهيئة. فقد اتهمت «بتلكو» الهيئة بعرقلة مشروع تقديم خدمة انترنت بسعر متدني جداً. وقيل حينها إن معارضة الهيئة ارتبطت بمسألة تخوف الهيئة من عدم قيام شركات أخرى بالمجيء إلى البحرين بسبب ضعف العائد المحتمل.

والأهم من كل ذلك، تسيىء العلاقة المتوترة بين الهيئة و»بتلكو» إلى استراتيجية قصر دور الحكومة على لعب دور المراقب للاقتصاد المحلي. نتمنى ألا تقف الحكومة «والحال نفسه ينطبق على مجلس التنمية الاقتصادية» مكتوفي الأيدي إزاء ما يحدث في قطاع حيوي تم تحريره قبل فترة من الزمن في سابقة بين اقتصادات دول المنطقة. فعدم نجاح تجربة تحرير قطاع الاتصالات، بدليل التصرفات الأحادية من جانب «بتلكو» والهيئة، يحمل معه الكثير من الأسئلة حول مستقبل عملية تحرير الاقتصاد من سيطرة القطاع العام.

ختاماً، يبدو أن السبب الحقيقي وراء استقالة أفاغوستي هو مهني وليس شخصياً. بل يمكن الزعم بأن سبب الاستقالة مرتبط بمسألة المنافسة. فقد كافح الرجل بكل شراسة محاولات إفساح المجال أمام شركة واحدة لكي تسرح وتمرح وتعمل ما تشاء. ولكن للأسف الشديد كانت النتيجة النهائية نجاح خصومه. ويبقى أن أكثر ما نخشى هو أن يكون الشعب البحريني الخاسر الأكبر من لعبة الكبار. فقد نرى في المستقبل أجوراً مرتفعة لخدمات الاتصالات تضر بوضع المواطن العادي والمؤسسات التجارية بل وعملية تحرير قطاع الاتصالات

إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"

العدد 1381 - السبت 17 يونيو 2006م الموافق 20 جمادى الأولى 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً