العدد 3287 - الثلثاء 06 سبتمبر 2011م الموافق 07 شوال 1432هـ

«الوسط» شمعة مخلصة تبدّّد الظلام

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

كل عام نحتفل فيه بالذكرى السنوية لانطلاقة «الوسط»، يعود إلى ذاكرتي صوت المثقاب الكهربائي وهو يهزُّ الأرض. لقد ارتبط صدورها في ذاكرتي بصوته المجلجل على طريقة «بافلوف»!

واليوم إذ تكمل عامها التاسع، تشعل «الوسط» شمعتها العاشرة، تتوالى على الذاكرة صورٌ شتى من تلك الرحلة المهنية الطويلة. يوم انطلاقتها تحديداً لم يكن المبنى مهيأ، وكانت عمليات البناء مازالت قائمة على قدم وساق. كل الكادر الصحافي كان مزدحماً في قاعةٍ كبرى كقاعة الامتحانات. قلـَّة من المحظوظين يومها ممن كان لهم مكتبٌ خاص، أما البقية، الأغلبية، الكادحون، فكانت تتزاحم بالمناكب كتفاً لكتف. وكان من بين هؤلاء أستاذنا علي الشرقي.

لم تكن الرحلة كلها ألم وازدحام، فقد كان يراودنا فيها الكثير من الأحلام والآمال. تعرَّفت خلال هذه الرحلة على الكثيرين، واكتسبت الكثير من الأصدقاء، وكانت لنا نافذةً نطلُّ من خلالها على المجتمع، ونتواصل مع همومه وقضاياه.

يستوقفك أحيانا أناسٌ لا تعرفهم، في سوق أو شارع أو منتزهٍ عام، يريد أن يناقشك أو يدلي برأي. بعضهم يتصل لعرض مشكلةٍ يئن منها، وأنت قناة اتصال. هذا جزءٌ من مسئولية من يعمل بالصحافة.

أحياناً يذكرونك بما كتبته قبل أعوام. أنت نسيته وحفظوه. ربما كتبتَ كلمة أثرت في أحدهم، أو فتحت له باباً من الأمل. ربما كتبت كلمة أخرى أساءت لأحد، فتكتشف ذلك بعد أعوام فتستغفر الله منها وتسأله تعالى أن يجنبك العودة لمثلها، فهو سبحانه يعلم بأنك لم تكتب بقصد الإساءة إلى أحد، فهذه هي أحياناً ضريبة سيطرة الهمِّ العام على القلب.

على أن أكثر ما تلاحظه هو وجود ميل عام للكتابة الساخرة... يذكرونك بمقالات بعينها، وعبارات صغتها في لحظة ما. هي عملة نادرة لاشك فيها، في وطن عربيٍّ مبتلى بأنظمة تقاوم التغيير، وهناك حاجة نفسية لدى الشعوب العربية للتنفيس عن كل هذا القهر وسحق الكرامة والاستهتار بحقوق البشر.

الطلب نفسه تسمعه من رجل تلقاه عَرَضا في الشارع، أو من منتم لجمعية يسارية، وحتى من خطيب نزل تواً من منبر ديني أواخر شهر رمضان. المرأة الحامل عادة ما تطلب أطعمة ومواد تنقصها في الدم. تحاول عبثاً أن تقنعهم بأن هذه النوعية من الكتابة لا تنزل كالمطر، وإنما عندما يفيض الكأس بطعم العلقم، لذلك تجد أكثر من يبدع فيها أشقاؤنا في مصر والشام. تعِدُهم بذلك حين تتاح فرصة قريبة... قد لا تأتي إلا بعد أسابيع!

على أن الفرص تأتيك أحياناً بسرعة، وأنت تراقب الأحداث في هذا الجو المضطرم. ترى أحدهم يمتطي منصة، زعيماً عربياً حكم بلداً لأكثر من أربعين عاماً، يصف شعبه بالجرذان والحشرات والحيَّات والثعابين، ويهدِّدهم بملاحقتهم بيتاً بيتاً، وزنقةً زنقة. مشهدٌ لا يصدِّقه العقل حتى في أفلام الكوميديا، لو شاهده موليير لاعتذر عن كتابة مسرحياته الهزلية جميعاً.

مع «الوسط» زرتَ جزراً لم تكن تتوقع أن تصل إليها يوماً. لم تكن كائناً بحرياً على رغم عيشك على أطراف خليج توبلي. زرتَ جزيرة صغيرة اسمها «امجيليد»، هي عبارة عن لسان رملي أصغر من نصف مساحة ملعب كرة السلة وسط البحر جنوب البلاد. ومعها زرتَ جزيرة الشيخ إبراهيم وفشت العظم وفشت الجارم وقابلت الصيادين، وكتبت عنها عدة تحقيقات.

«الوسط» وهي تشعل شمعتها العاشرة، تتمنى أن تبقى شمعة مخلصة تبدد الظلام

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3287 - الثلثاء 06 سبتمبر 2011م الموافق 07 شوال 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 12 | 8:28 ص

      نؤكد لكـــــــم ... «الوسط» تبدد الظــــلام

      دعوة كاريكاتيرية : الوسط تحتفل ، دگت ساعة الفرح ، دگت ساعة الأحلام والآمال ، دگت ساعة مطر الثقافة و المصداقية والإنطلاقة النابضة بالحيوية ، دگت ساعة الفرص والإستكشاف ،لا رجوع ، إلى الأمام ، إلى الأمام ، افرحوا ، هللوا ، ترا كلكم الإداريين وكوادر وقراء الوسط مدعوين ، بيت بيت ، دار دار ، زنگة زنگة ، فرد فرد . ومبروك للوسط وكل الوسط ... نهوض

    • زائر 11 | 7:03 ص

      عبارت من ذهب .. سلمت الى الوسط يا سيد

      وطن عربيٍّ مبتلى بأنظمة تقاوم التغيير،
      وهناك حاجة نفسية لدى الشعوب العربية للتنفيس عن كل هذا القهر وسحق الكرامة والاستهتار بحقوق البشر.

    • زائر 10 | 6:14 ص

      متلقي ينتظر ابداعاتك

      تحية لك قاسم حسين كنت وستبقى قلم حر ..

    • زائر 9 | 4:07 ص

      ألف تحية

      لكل الشموع المضيئة في الشمس الوسط. وليس غريباً أن ستمد نورها من ما حولها. فالصدق والأمانة بان في ناتج العمل. فما سطرته في صفحاتها قد توج بما تستحق من مكانة في قلوب قراءها.

      فألف تحية بمناسبة إشعال الشمعة العاشرة

    • زائر 7 | 3:33 ص

      الله يدوم الوسط

      الله يدوم الوسط ويرفع شان المخلصين فيها بصراحة كل ماتعلمني من الوسط المحبهوالصديق في هذا الوطن الغالي على قلب كل بحريني صادف ومحب الي وطنه

    • زائر 5 | 1:50 ص

      الكربابادي

      بكل اختصار الوسط جريدة الشعب

    • زائر 4 | 1:37 ص

      «الوسط» شمعة مخلصة تبدّد الظلام

      كل عام والوسط منورة بوجوه المخلصين

    • زائر 3 | 12:37 ص

      نعم

      تبدد الظلام و تنفذ الظلم و تكسر سلاسل الحديد و تصرح الأسرى و تسترجع المنفيين من العمل و المدارس و تشرق علينا شمس الحريه و العداله و تخزى الظالمين .

اقرأ ايضاً